يرفعون صوره فى ساحات المدن الهندية مثل نيودلهى وبومباى وحيدر.. يتجمع حول أفكاره الملايين من الهنود.. تخاف منه الحكومة وتهاجمه بعنف.. إنه «آنا هازارى» الناشط الهندى الذى يبلغ من العمر 74 عاما، والذى تحول لبطل قومى ورمز وطنى فى الهند مؤخرا، بسبب الحملة التى يخوضها تحت عنوان « حركة الهند ضد الفساد» حيث استطاع هذا الرجل العجوز تحريك الشارع الهندى، لتخرج أعداد ضخمة من المواطنين لتقول إنها ضاقت ذرعا بالفساد، خاصة أن ملايين الهنود يعانون من انتشار الفساد والرشوة التى طالت جميع المؤسسات والوزارات. وقد استطاع هازارى أن يجمع الآلاف حوله، ليس عن طريق الاحتجاجات والمظاهرات ضد الحكومة، ولكن من خلال الإضراب عن الطعام مستوحيا ما كان يقوم به المهاتما غاندى – رمز الاستقلال الهندى- والذى كان يقوم بحملات عصيان مدنى سلمى ضد الاحتلال البريطانى. وكعادة الحكومات والأنظمة القمعية التى تتجاهل مطالب وحقوق شعوبها المشروعة، كان رد فعل الحكومة الهندية عنيفا، حيث انتقده رئيس الوزراء بعنف، ووصف حملته ضد الفساد بأنها بلا أساس، معتبرا أن تصرفه يسعى عن عمد إلى المواجهة، كما تهجم أحد المتحدثين باسم الحزب الحاكم على هازارى، ووصفه بأنه شخصية فاسدة، ولم تكتف الحكومة بالانتقاد الشفهى، إذ قامت باعتقاله مع ألف من أتباعه، وهو فى طريقه لإحدى الحدائق فى نيودلهى، حيث كان يعتزم بدء إضراب عن الطعام كجزء من الحملة التى يخوضها لمكافحة الفساد. ما فعلته الحكومة قوبل برد فعل فورى من الشعب الهندى، حيث عمت حالة غضب شعبى بين المواطنين، وخرج آلاف الهنود إلى الشوارع، مما أدى لتخبط الحكومة التى فوجئت بقدر الاهتمام الشعبى الذى أثاره هازارى، حتى اضطرت الحكومة للتراجع وأمرت بإطلاق سراحه، كما منحته إذنا بالإضراب عن الطعام لمدة 15 يوما، ويطالب هازارى بإعادة النظر فى مشروع قانون قيد الدراسة فى البرلمان يعفى رئيس الوزراء وكبار القضاة من أية ملاحقات قضائية فى حال الاشتباه بضلوعهم فى قضايا فساد، وياتى هذا فى ظل انتشار عدة فضائح رشوة وفساد، بينها قضية رشوة فى قطاع الاتصالات قد تكلف الحكومة ما يصل إلى 39 مليار دولار. يذكر أن هازارى ناشط اجتماعى منذ مدة طويلة، وسبق له أن دخل فى معارك لمكافحة الفساد على مدار أربعة عقود فى بلدته « راليجان سيدهى» جنوب شرقى مومباى، حيث أصبحت مدينة نموذجية بتضامن أهلها، وكرست حياتها ل «ثورة» ضد الفساد ومحاسبة الحكومات المتعاقبة.