أثار قرار وقف البث التليفزيونى للرئيس السابق حسنى مبارك موجة من الجدل مابين مؤيد للمحافظة على أسرار المحاكمة، ورعاية مصالح الأمن القومى، فى حين عارض البعض قرار البث لإضفاء المصداقية على جلسات المحاكمة أهالى الشهداء الذين يهدأون عندما يرون الرئيس السابق ع أركان حكمه فى قفص الاتهام كغيرهم من أبناء الشعب المسكين الذين ذاقوا الأمرين على يد زبانية حبيب العادلى فى أمن الدولة. وفى ذات النقطة يؤكد المستشار أبوالقاسم الشريف رئيس محكمة الاستئناف ووكيل نادى القضاء سيثير غضب الشعب المصرى، وبالتحديد أهالى الشهداء، الذين كانوا ينتظرون المحاكمة بفارغ الصبر والجلوس أمام التليفزيون لمتابعة وقائع الجلسة لحظة بلحظة خاصة قرار بث المحاكمات قد قوبل برضاء تام وحدث نوع من الطمأنينة بعد حضور مبارك ونجليه فى أول جلسة، كما أنه قضى على الأقاويل التى شككت فى عدم حضور مبارك وادعت أن محاكمته تمثيلية لتهدئة الشعب المصرى وشباب الثورة. ويحذر المستشار أبوالقاسم أن يكون قرار المنع سببا لاثارة شباب الثورة مرة أخرى على أساس أن من حق الشعب أن يتابع محاكمة رئيسه المخلوع كنوع من أخذ الحقوق. وألمح أبوالقاسم أن وقف البث سوف يعطى الفرصة لبعض المشككين فى نزاهة القضاء وتكرار الهجوم عليه مرة أخرى او الادعاء بوجود ضغوط على هيئة المحكمة، أو وجود تلاعب فى إجراءات التقاضى لإنقاذ مبارك من القضية. وفى نفس السياق قال حسام عبدالقادر عضو ائتلاف شباب الثورة إن قرار المستشار أحمد رفعت فى الجلسة الثانية بقرار وقف البث التليفزيونى لمحاكمة الرئيس المخلوع كان بمثابة الصدمة - على حد تعبيره - لأن من حق الشعب معرفة مايحدث فى جلسات محاكمة رئيس متهم بالقتل والفساد السياسى والصناعى والزراعى على مدار ثلاثين عاما من القهر والظلم والاستبداد. وقد تسبب قرار دخول المحامين داخل القاعة بدون تصريح إلى دخول بعض فلول الحزب الوطنى الذين حاولوا افتعال المشاكل مع باقى المحامين، الأمر الذى أدى إلى احتدام المشاكل بين مؤيدى مبارك ومعارضيه حتى قال البعض بوجود سيناريو متفق عليه لإفشال المحاكمة أو إظهارها بهذا الشكل. ويطالب عبدالقادر بعودة البث المحلى فقط بعيدا عن الفضائيات حتى لاننشر عيوبنا التى تحدث داخل الجلسات ومع ذلك فقد قام عدد كبير من محامى ومستشارى الثورة برفع قضية بمحكمة القضاء الادارى بعدم قانونية وقف البث. وعلى الجانب الآخر أشار سامح عاشور نقيب المحامين السابق إلى أنه راض تماما عن قرارات رئيس المحكمة مؤكدا أنها جاءت فى صحيح القضية وقرار منع البث قرار صائب لأسباب منها سرية المرافعات فى الجلسات القادمة، حيث يعطى القانون الحق لرئيس المحكمة أن يصدر أى قرار يراه للحفاظ على سير المحاكمة وعدم خلط الأوراق كما يجب أن تكون شهادة الشهود سرية حتى لايسمع شاهد شهادة الآخر، أو يغير شاهد شهادته متأثرًا بشهادة من سبقه. كما أن قرار منع البث سيحد من تسابق المدعين بالحق المدنى فى الظهور أمام شاشات التليفزيون كنوع من الوجاهة الأمر الذى جعل رئيس المحكمة يرفع الجلسة أكثر من مرة والشعب المصرى تأكد من نزاهة القضاء وموقف المجلس العسكرى المشرف بأنهم صدقوا فى إحضار مبارك المخلوع لجلسة المحاكمة ووضعه داخل قفص الإتهام هو ونجليه وهذا دليل قاطع بأنه لا مجال للمجاملات مع أحد على حساب دم الشهداء ومصابى الثورة والشعب والمصرى. ويتابع عاشور قائلا: إننا كدفاع وحدنا صفوفنا وحددنا أسماء بعينها لتترافع باسم جميع الشهداء لأن المطالب واحدة والهدف واضح وهو القصاص من قتلة المتظاهرين وسنكون حريصين على هذا المطلب وإذا وجدنا أى شئ يخل بنظام المحاكمة أثناء الجلسات سوف نخرج فى وسائل الاعلام ونكشف أى مؤامرة لانرضى عنها. ومع أن قرار القاضى احمد رفعت تعارض مع قرار سابق اتخذه مجلس القضاء الأعلى الشهر الماضى برئاسة المستشار حسام الغريانى بضرورة علنية جلسات محاكمة رموز النظام السابق والسماح لوسائل الاعلام بالتصوير، فإن د. معتز بالله عثمان المحامى وعضو المنظمة العربية لحقوق الانسان قد كشف ل «أكتوبر» أن قرار محكمة الجنايات بوقف البث يصب فى صالح أهالى الشهداء وليس مبارك وأعوانه، مؤكدا أن المستشار أحمد رفعت رئيس المحكمة استند فى قراره إلى الباب الخاص بمحاضر الجلسات فى قانون الإجراءات الجنائية والذى ينص على إثبات القاضى فى الجلسة أنه تلى أقوال الشهود فى تحقيقات النيابة على المحكمة، إلا أن نص كلام القاضى لايطبق كما جرت العادة ولكنه يقول لكاتب الجلسة هذه الدباجة القانوينة لعدم مخالفة القانون فقط ولايتلو على المحكمة أقوال الشهود. وتابع معتز قائلاً: إن قرار البث المباشر منذ بدايته يبطل وقائع الجلسات التى تعتمد فى بعضها على السرية خاصة عند الاستعانة بالشهود واذا لم يصدر القاضى قرار قطع البث سوف تتجه هيئة الدفاع عن المتهمين الى محكمة النقض واثبات خطأ المحكمة الى جانب الطعن على التحقيقات بزعم تزوير اقوال الشهود فى التحقيقات بعد الاستعانة بشرائط البث التلفزيونى لاثبات مخالفة القاضى لقانون الاجراءات الجنائية وامتناعه عن تلاوة اقوال الشهود على المحامين مكتفيا بقول الديباجة القضائية المتعارف عليها وهى تلاوة أقوال الشهود على النحو المقرر فى القانون. فيما قال المستشار محمود الخضيرى نائب رئيس محكمة النقض السابق، وأحد المدعين بالحق المدنى عن الضحايا فى قضية قتل المتظاهرين، ل «أكتوبر» إن قرار المحكمة ليس به أى مخالفة قانونية مادام الدخول متاح لحضور الجلسات فليس هناك أى إخلال بعلانية المحاكمة. واتفق معه فى الرأى المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض وعضو مجلس القضاء الأعلى سابقا، مؤكدا فى تصريح خاص أنه مع وقف البث التليفزيونى للمحاكمات لأن معظم دول العالم تمنع تماما عملية البث، والأزمة فى مصر هى فقدان الثقة بشكل عام وهو ما دفع إلى بث محاكمة الرئيس السابق ورموز نظامه. وأضاف أن قرار المستشار أحمد رفعت بوقف البث التليفزيونى اليوم لا يخل بعلانية الجلسات إطلاقا، لأن هناك فرقًا بين العلانية والبث المباشر للجلسات، فالأولى تعنى الحق المكفول للرأى العام فى القانون والدستور بحضور الجلسات ومتابعتها، أما البث التليفزيونى فهو نقل ما يحدث فى الجلسات مباشرة على الهواء، وهو ما يتسبب دائما فى مشاكل كثيرة تعانى منها دائرة المحكمة وقد تطيح بحقوق المدعين بالحق المدنى، مما يعنى أن قطع البث فى مصلحة الشهداء وضد مصلحة مبارك، فالمحامون أصبحوا فى محاكمة مبارك، يتحدثون مع الكاميرا ويديرون ظهورهم للقاضى ويستعرضون أمام الرأى العام وهم لا يدرسون قضيتهم جيدا وأصبحوا يقومون بحركات بهلوانية وانفعالية ليس لها علاقة بأوراق القضية، مشددا على أن البث التليفزيونى بالشكل الذى ظهر فى محاكمة مبارك يفضح مصر فى الخارج فى عدم حزم القاضى مع المحامين وأن يديه مكبلتان لوجود المادة 243 من قانون الإجراءات الجنائية والتى لا تجيز لرئيس المحكمة خلال انعقاد الجلسة أن يحبس من يعطل سيرها سوى 24 ساعة فقط أو تغريمه ما لايزيد على 10 جنيهات، والمشكلة أن الحبس لا ينطبق على المحامين لأن لديهم حصانة داخل الجلسة، كما أن القاضى لا يستطيع حبس أصحاب الحصانات البرلمانية أو الدبلوماسية إذا أخلوا بقواعد الجلسة.