كان الرئيس المخلوع حسنى مبارك من أشد المعجبين بوزير زراعته الأسبق د. يوسف والى.. واستمعت لمبارك ذات مرة فى إحدى الزيارات الوهمية التى كان يقوم بها لمناطق الإنتاج.. وهو يصف والى بأنه أحد خبراء الزراعة العالميين! وبسبب هذه الشهادة المغلوطة لوالى من الرئيس المخلوع.. جلس على كرسى وزارة الزراعة لمدة 22 سنة بدأت فى 4 يناير 1982 - أى بعد ثلاثة أشهر من تولى مبارك رئاسة مصر - واستمرت حتى 2004!.. وسجل الرقم القياسى فى البقاء على كرسى وزارة الزراعة فى مصر والعالم كله! وخلال هذه الفترة الطويلة تولى يوسف محمد أمين والى موسى ميزار الشهير بيوسف والى منصب نائب رئيس الوزراء فى حكومة د. عاطف عبيد.. كما تولى منصب أمين عام الحزب الوطنى المنحل! واستطاع يوسف والى بحق أن يكون خبيراً عالمياً فى تدمير زراعة مصر.. وأن يقضى على زراعة محاصيل القطن والقمح والأرز.. وأننا يجب أن نتجه إلى زراعة المحاصيل ذات الأرباح السريعة.. وأن نتوسع فى زراعة الفراولة والكنتالوب.. وارتبطت سياسته الزراعية بمراكز الأبحاث الإسرائيلية!.. وأذكر أن من أخطر القضايا التى فجّرها أعضاء مجلس الشعب فى فصلهم التشريعى الثامن فى الفترة من 2000 إلى 2005 قضية: سماح والى باستيراد المبيدات المسرطنة والمحرمّة دولياً بعد الضغوط الشديدة التى كان يمارسها عليه وكيل وزارة الزراعة فى ذلك الوقت يوسف عبدالرحمن ومستشارة البورصة الزراعية رانده الشامى اللذان حكمت عليها المحكمة بالسجن لمدة 10 سنوات للأول و7 سنوات للثانية بتهمة إدخال آلاف الأطنان من المبيدات السامة إلى مصر نظير عمولات وسمسرة وتربح من الشركات العالمية للمبيدات! وأدت هذه المبيدات إلى انتشار أمراض السرطان والالتهابات الكبدية والفشل الكلوى بسبب تسرب هذه المبيدات إلى غذاء ومياه المصريين.. بل للتربة المصرية! *** وقد استمعت للنواب على مدى يومين فى لجنة الصحة بمجلس الشعب عندما فتحت ملف المبيدات المسرطنة فى نهاية شهر يناير 2005 وهم يوجهون أصابع الاتهام إلى يوسف والى وعاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق بأنهما سمحا باستيراد هذه المبيدات المحرّمة دولياً! وأذكر أن د. حمدى السيد رئيس لجنة الصحة السابق فى مجلس الشعب وكان نقيباً للأطباء أيضاً قال للنواب فى بداية الاجتماع بالحرف الواحد: إن هناك 25 ألف طن مبيدات زراعية دخلت مصر فى عهد يوسف والى وزير الزراعة السابق بطريقة غير مشروعة، وكانت تتم تعبئتها فى مصانع القطاع الخاص، فى الوقت الذى لم تسجل فيه البيانات الرسمية سوى 4 آلاف طن فقط.. وقال أيضاً إن هناك 40 ألف مواطن يتعاملون مع هذه المبيدات دون أن يعلموا مدى خطورتها، وتسبب لهم نقص المناعة وتتسرب داخل العظام. وقد نشرت هذا الكلام على صفحات «أكتوبر» فى ذلك الوقت ولكن لم يتحرك أحد ولم يتم التحقيق فى هذا الكلام مع يوسف والى من أية جهة لأن الرئيس المخلوع مبارك كان يضفى على رجاله الحماية من تقديمهم للمساءلة أو المحاكمة.. بل إننى أقول إن جريدة الشعب التى كان يصدرها حزب العمل عندما فجّرت القضية ونشرت تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات عن المبيدات المسرطنة وغيرها من التقارير التى تفضح علاقة يوسف والى بالجانب الإسرائيلى.. تم تقديم رئيس تحريرها مجدى أحمد حسين والمحرر صلاح بديوى ورسام الكاريكاتير بالجريدة عصام حنفى إلى المحاكمة بحجة سب وقذف يوسف والى!.. بل إن النظام السابق قام بإغلاق الجريدة كلها وتجميد الحزب من أجل عيون يوسف والى!! *** المهم.. فى هذا الاجتماع الساخن للجنة الصحة أجمع كل الأطباء الذين حشدهم د.حمدى السيد فى اللجنة على أن المبيدات الزراعية هى أحد أسباب انتشار السرطانات فى مصر.. وأن نسبة الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمى فى زيادة مستمرة عاماً بعد عام بسبب تأثير المبيدات المباشر على الجهاز الهضمى وخاصة القولون! *** ولكن أخطر ما استمعت له فى ذلك الوقت ما قاله د. زيدان هندى أستاذ كيمياء المبيدات والسموم بكلية الزراعة جامعة عين شمس أن هناك مبيدات ومواد كيماوية دخلت مصر دون إجراء أى اختبارات أو تجارب عليها خلال عمليات القهر التى كان يمارسها أحد الأشخاص الكبار! ولم أستطع تفسير من هو المقصود بهذا الشخص الكبير الذى كان يمارس عمليات القهر والإرهاب من أجل إدخال المبيدات الزراعية بدون اختبار: هل هو يوسف والى أم يوسف عبد الرحمن؟! أم اليوسفان معاً. وقال د. زيدان هندى فى شهادته أمام أعضاء اللجنة: إن مكتب تسجيل المبيدات الذى تم تشكيله بعد إلغاء اللجنة الخاصة بالمبيدات حظر دخول 33 مُرَكّباً يهدد صحة المواطنين.. إلا أنه بعد فترة تم السماح بدخول 33 مركباً آخر من 39 مركباً. وحذر د. هندى من وجود مصانع تحت بير السلم تعمل فى إنتاج المبيدات المغشوشة.. وطالب بمنع القطاع الخاص من استيراد المبيدات لأنهم يسعون للربح فقط.. ولا تهمهم صحة المواطنين. *** ولكن ما هى حكاية القرار الوزارى رقم 874 لسنة 1996 الذى أصدره والى بمنع استيراد مبيدات مسرطنة ثم تراجع عنه؟.. وماذا عن تقرير لجنة الصحة بمجلس الشعب عن مشكلة الأورام السرطانية الذى أعدته اللجنة بعد هذا الاجتماع وكان عبارة عن كلام مرسل عن المبيدات؟! هذا ما سوف نكشف عنه فى الخواطر القادمة إن شاء الله تعالى.