صوت واع ومثقف..تغنت كثيرا للحرية وشاركت بأغانيها الحماسية فى إشعال الثورة.. كان أول لقاء بينها وبين الثنائى «الشيخ إمام والشاعر «أحمد فؤاد نجم» فى حفل خاص بالإسكندرية، ثم التحقت بالثنائى الثائر بعد زواجها من «الفاجومى» و اشتهرت بأداء الأغانى الثورية وتم اعتقالها ثلاث مرات.. كما غنت فى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين فى صبرا وشاتيلا وكرمها الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات لوقوفها بجانب القضية الفلسطينية، كما كرمها الرئيس الفرنسى الأسبق فرنسوا ميتران، وهى إحدى أبرز وجوه ثورة الخامس والعشرين من يناير..إنها المطربة عزة بلبع أو صوت الحرية كما يطلقون عليها وهذا هو حوارنا معها.. * مارأيك فى فيلم الفاجومى ؟ ** لقد رحبت منذ البداية بفكرة الفيلم، وبتقديم عمل يروى سيرة الشاعر أحمد فؤاد نجم الذاتية، وسعدت بتقديم مثل هذا العمل الذى يشارك فيه نجوم كبار وأتوقع أن ينجح ويحوز على إعجاب الجمهور لأنه لا يروى السيرة الذاتية لشاعر العامية أحمد فؤاد نجم فقط، بل يتطرق إلى جوانب أخرى فى الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى عاشتها مصر فى فترة الستينات والسبعينات منذ عهد عبد الناصر وحتى فترة الانفتاح فى عهد السادات، ولكنى كنت أتمنى أن يجلس معى المخرج عصام الشماع للإجابة عن أى استفسار يخصنى قبل بدء التصوير. * هل صحيح أنه كانت هناك خلافات بينك وبين أسرة الفيلم ؟ ** لايوجد أى خلافات لى مع شركة «ميد نايت صن» المنتجة للفيلم، وكل ما قيل عن وجود خلافات معهم مجرد شائعات، أما عن أبطال الفيلم فهم نجوم كبار أعلم تاريخهم النضالى الذى لا يقل عن حجم مواهبهم، فكلهم رائعون ولم أعترض على أحد منهم، كما أن الممثلة فرح يوسف التى تجسد شخصيتى فى الفيلم هى فنانة جميلة وأجمل منى بكثير، وهى أنسب ممثلة لأداء الدور، لأنى وقتها كنت فى مثل سنها وتحدثت معها عن كل كبيرة و صغيرة فى هذه الفترة من حياتى. * وماذا عن مشوارك مع الثنائى «نجم-إمام» ؟ ** رغم أن مشوارى الفنى بدأ وعمرى خمس سنوات، حيث اعتدت على الوقوف على خشبة المسرح دون خوف، ولكن نقطة التحول فى حياتى كانت عندما التقيت بالشيخ إمام والشاعر أحمد فؤاد نجم عام 1975 فى ندوة بجامعة الإسكندرية خلال دراستى بكلية التجارة، وتعرفت عليهما ثم دعيت لحضور مجلس عائلى، كان يغنى فيه الشيخ إمام لأصدقائه، وفى هذه الجلسة طلب أن يستمع إلى صوتى وأعجب به وشجعنى على الغناء، وشعرت وقتها أنى أحب هذا النوع من الغناء الوطنى. وبدأت بعد ذلك الرحلة معهم، وقدمنا خلال تلك الفترة مجموعة كبيرة من الأغانى الوطنية الرائعة مثل «دولا مين، بهية وفرحانين، ممنوع من السفر، صباح الخير، هلى يا شمس البشاير، ميكى، ملاح يا اسمرانى، رجعوا التلامذة، هنتوب، اسكندرية، أصل احنا شعب طيب، يا فلسطينية، البحر بيضحك ليه، يا عرب». * ولكن ما هو السبب فى اعتقالك؟ ** لقد قدمنا خلال تلك الفترة أيضا أغنيات ضد اتفاقية السلام مع إسرائيل وهو ما أزعج الرئيس الراحل أنورالسادات وأمر بحبسى أنا والشيخ إمام، وقد تم اعتقالى بالفعل ثلاث مرات أعوام 1978 و1979 و1981 وكان أصعبها الأول وكانت فى ذكرى مقتل الشهيد صلاح حسين أحد شهداء قرية كمشيش والذى قتل على يد الإقطاعيين، وكانت زوجته شاهندة مقلد تقيم ذكرى سنوية له ودعتنا إليها، وذهبنا أنا والشيخ إمام.. وعلمنا فى الطريق بمحاصرة أمن الدولة للقرية فتنكرنا فى زى فلاحين وأقمنا الحفل وكان هذا مستفزا للأمن جدا وعند عودتنا علمت بإلقاء القبض على الشيخ إمام من مسكنه، وبعدها بيومين تم اعتقالى وبدأت رحلتى بالحبس 3 أيام و نمت فيها على الأرض مع الفئران وكانت أصعب الليالى فى حياتى ولا أنساها أبدا. * ما هى قصة أغنية ممنوع من السفر؟ ** ولدت تلك الأغنية على يدى ففى عام 1976م كنت قد ارتبطت بالشاعر أحمد فؤاد نجم فى السر بدون علم أهلى لرفضهم زواجنا ولكنى أصررت على الزواج منه وخرجت من البيت، وقمت بأكبر مغامرة فى حياتى فتزوجته وذهبت معه ومع الشيخ إمام إلى المطار لحضور مؤتمر فى باريس، وكانت أول مرة للشيخ إمام ونجم يسافران فيها خارج مصر، وفوجئنا بمنعهما من السفر بأمر من أمن الدولة وطلبا منى الذهاب إلى باريس وحدى لأننى لم أكن ضمن الأسماء الممنوعة من السفر، ولكنى رفضت الفكرة وخرجنا من المطار إلى البيت فى حالة غضب وحزن وبمجرد دخولنا البيت عكف نجم على كتابة كلماتها ولحنها الشيخ إمام فى نفس اليوم. * وهل كنت تتوقعين حدوث ثورة فى مصر وسقوط النظام؟ ** كنت أتوقع انطلاق الثورة فى مصر، وذلك من خلال انتفاضات ووقفات احتجاجية شاركت بها مثل وقفة دار القضاء العالى، والانتخابات ووقفة ضريح سعد ضد الفتنة الطائفية، وأشدها كانت وقفة خالد سعيد فى الإسكندرية والقاهرة وقد وصل عدد الثوار بها إلى خمسة آلاف، وهذا العدد لم نعتد عليه فى أى وقفة أخرى، فثورة يناير جاءت لترد اعتبارى واعتبار الشعب المصرى كله لأن البلد عانى كثيرا والشعب عانى كثيرا من الإهمال والظلم وكبت للحريات. *ما السبب وراء غنائك «بقرة حاحا» لأكثر من مرة فى ميدان التحرير؟ ** كل الأغانى الوطنية التى شاركت فيها مع نجم والشيخ إمام فى الستينات ومطلع السبعينات استطاعت أن تعبر بصدق عن المشاعر فى ميدان التحرير منذ يوم 25 يناير وما بعدها.. و شعرت أن الشيخ إمام شارك معنا فى الثورة، فثورة 25 يناير هى تراكمات من السبعينات زادت حتى حدث الانفجار وأغنية «بقرة حاحا» اغنية جسدت مصر ببقرة حاحا المنهوبة التى تتعرض للسرقة والعدوان كما حدث لمصر التى سلبت واغتصبها نظام مبارك وتفاعل الشباب معى فى الميدان وغنيتها أكثر من مرة معهم. * ناديت بترشيح الدكتور الأسوانى للرئاسة وفى الحملة الانتخابية للبرادعى غنيت له جدف يا برادعى وخدنا للبر.. فمن ترشحين الآن للرئاسة؟ ** من فرط فرحتى بكاتب عظيم من جيل جديد رشحت علاء الاسوانى منذ عام فى حفل تكريمه، أما البرادعى فغنيت له «جدف يا برادعى وخدنا على البر التانى.. بس اوعى تغلط فى المينا» وذلك لفرحتى بجرأته فى الترشح أمام الرئيس السابق، أما الآن فلن أرشح لا هذا ولا ذاك إلا بعد عرض برامجهما الانتخابية، فلابد من التروى والتفكير،وحتى الآن لم استقر على اسم بعينه ولقد وضعت ثلاثة شروط أساسية لابد من توافرها فى المرشح للرئاسة وهى أن يكون قادرا على تحقيق الحرية والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية وهو ما نادت به ثورة 25 يناير.. فالرئيس المنتظر لابد أن أن يعطى لمشاكل الشعب الأولوية، ويتعامل مع كل شىء بإخلاص ورغبة فى الوصول إلى حلول. * هل حرمانك من الغناء دفعك لاستخدام الإنترنت للتفاعل مع جمهورك؟ ** نعم.. فقد أطلقت بعض الأغانى عبر الإنترنت عندما ضاقت بى السبل لعرضها للجمهور، ولم أكن وقتها أعلم شيئا عن عالم الإنترنت وتعلمت شيئا فشيئا ووجدت عالما مختلفا سريع الإيقاع والحركة، منظمًا منفتحًا فكونت جمهور الإنترنت ودهشت من احتفائهم بى وتقاربنا كثيرا، لأنى وجدت عاملا مشتركا بيننا رغم فارق العمر، وهو البحث عن الحرية.