لا أكاد أصدق أن اسم فرج فودة عاد يتردد مرة أخرى على صفحات الجرائد، وبين أعداد من الشباب تحاول أن تعرف المزيد عن اسم هذا الرجل وتاريخه وكتبه ومقالاته ومواقفه! عدم التصديق أولا من طول فترة النسيان التى أهملت فيها ذكرى فرج فودة، والذى ظلم فيها حيا وميتا! وثانيا لأن اسمه حين يعود مرة أخرى فهو أمر مثير للدهشة أن يحدث هذا ونحن نرى هذا المد السلفى والإخوانى الذى لا قبل لأحد به، والذى ظل فرج فودة يحاربه ككتيبة قوية كاملة التسلح ، فيعود شبحه مرة أخرى يطارد هؤلاء! لقد شهدت صفحات مجلة أكتوبر معارك فرج فودة التى خاضها ضد دعوات الرجعية والظلامية التى شهدتها مصر فى أعقاب اغتيال الرئيس السادات، والتى بلغت ذروتها بمقتله وبمحاولة قتل نجيب محفوظ، ومكرم محمد أحمد ،والدكتور رفعت المحجوب. لكن فرج فودة اختلف بأنه كرّس كل جهده فقط لمحاربة أصحاب الفكر السلفى ، وكانت لديه القدرة أن يعرف كل ما يدور بداخل جماعاتهم إضافة إلى انه كان يملك قلما قويا، وعلما راسخا، وردا على كل ما يبتدعونه، وكانت ردوده من أمهات كتب الفقه، كما أنه كان يملك خفة ظل ساخرة، كان يستخدمها لإثارة السخرية من أفعال هؤلاء وأقوالهم! فلم يستطع كبارهم مقارعته الحجة بالحجة، فلم يجدوا بدا إلا التخلص منه على يد أحد جهلائهم! لم تكن الدولة بريئة مما جرى لفرج فودة، فرجل مثله دافع عن الدولة المدنية، لكنها تجاهلت جهوده التى كانت تتحد مع أهدافها ولا أحد يعلم السبب! كما كان يجب على الدولة أن تكفيه شرها حينما أراد أن يخوض انتخابات مجلس الشعب، التى تم إسقاطه فيها عمدا ومحاربته بدعوى أنه شيوعى. حتى عندما وقف الدكتور عبد العظيم رمضان وطلب من رئيس الدولة فى افتتاح معرض الكتاب فى 11 يناير 1995، الوقوف دقيقة حدادا على فرج فودة تغاضى مبارك حتى لا يكون هذا موقفا يحسب على الدولة! لم يذكره أحد بعد هذا التاريخ إلا فيما ندر ، لهذا فان عودة ذكره على هذا النحو تسعدنى وتسعد كل الليبراليين فى مصر ، وكل من تعامل معه من مجلة أكتوبر ، بل وكل من قرأ له .