قال المفكر والناشط الفلسطينى د.عزمى بشارة إن القيادة المصرية الراعية لاتفاق المصالحة بين فتح وحماس ستلعب دوراً حاسماً فى التوافق على اسم رئيس الوزراء الفلسطينى القادم، مؤكداً فى حوار خاص مع أكتوبر أن المصالحة الفلسطينية هى طوق نجاة لقضية التحرر الوطنى بعد جمود صب فى صالح تكريس الاحتلال الإسرائيلى، ودعا بشارة إلى استرجاع البُعد العربى لقضية فلسطين. وفيما يلى نص الحوار.. *بداية.. هل تراهن على نجاح المصالحة الفلسطينية؟ **لا شك أن اتفاق المصالحة خطوة متقدمة فى سبيل الوحدة الوطنية لأنه تجاوز شروط الرباعية الدولية، حيث إن الاتفاق تضمن صيغة التوافق الوطنى على ملف مقاومة الاحتلال وفق المصلحة الوطنية العليا، إلى جانب قبول حماس بتهدئة مشروطة ومتبادلة ومؤقتة عند الوصول إلى اتفاق داخلى على هذه التهدئة مع إسرائيل، رغم أن الاتفاق الجديد الذى تم تحت رعاية مصرية لم يحسم النقاط الخلافية بين الحركتين، إلا أن المصالحة الفلسطينية فى هذا التوقيت تمثل فرصة ذهبية لفتح وحماس للتخفيف من وطأة الفشل الذريع فى المفاوضات مع إسرائيل والإخفاق فى إدانة الاستيطان فى مجلس الأمن بسبب «الفيتو» الأمريكى. كما أن عباس يحتاج إلى المصالحة لدعم مشروع الدولة الفلسطينية الموحدة فى الضفة الغربية وقطاع غزة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر المقبل، وبالنسبة لقادة حماس فإن سيطرة الحركة على قطاع غزة فترة طويلة نسبياً لم يكن مخططا لها وإنما فرَضتها المواجهة فى عام 7002 مع السلطة والضغوط الأمريكية والإسرائيلية، وتشكّل المصالحة طوق نجاة لها للتخلص من أعباء الحكم المنفرد فى ظل الحصار، واستعادة مكانتها بوصفها حركة مقاومة، كما أن توقيع المصالحة يُنهى الضغوط الأمنية التى تمارسها أجهزة السلطة فى الضفة على عناصر حماس. *هل إصرار فتح على ترشيح سلام فياض قد يسبب أزمة بين الحركتين؟ **بالرغم من إصرار فتح على ترشيح سلام فياض لرئاسة الوزراء ورفض حماس إلا أن القيادة المصرية الراعية لاتفاق المصالحة ستلعب دوراً مهماً وحاسماً فى مسألة التوافق على اسم رئيس الوزراء الفلسطينى القادم. *هل معنى ذلك أن احتمالات فشل المصالحة غير وارد؟ **لا يمكن الحكم نهائيا على فرص نجاح الاتفاق بين فتح وحماس على ضوء فشل تجارب سابقة. إذ أن هناك عوامل داخلية وخارجية تتقاطع فى تغليب النجاح والفشل فى ذات الوقت. والمتغير فى المصالحة الجديدة أنها جاءت نتيجة التحولات العميقة فى الوطن العربي، وهى تجد ذاتها أمام استحقاق شعبى فلسطينى استطاع - وبتأثير من حركات الاحتجاج الشعبى العربية- أن يقود ولو بشكل محدود حركة ضاغطة لإنجاز الاتفاق، والشعب الفلسطينى متفائل بأن الحركتين ستنجحان فى تطبيق الاتفاق على أرض الواقع، إذ ينظر الرأى العام الفلسطينى للمصالحة على أنها طوق نجاة لقضية التحرر الوطنى بعد جمود صب فى صالح تكريس الاحتلال الإسرائيلي. *ما الأولويات الرئيسية للحكومة الفلسطينية الانتقالية القادمة؟ **هناك عدة أولويات منها أولا تهيئة الظروف لانتخابات رئاسية وتشريعية وانتخابات مجلس وطنى وثانيا الإشراف على تنفيذ بنود الورقة المصرية وثالثا تسوية قضايا المؤسسات الأهلية التابعة لحماس فى الضفة ورابعاً توحيد مؤسسات السلطة فى الضفة الغربية وقطاع غزةوالقدسالشرقية، وأخيرا مواصلة بذل الجهود التى تهدف لإنهاء حصار إسرائيل لغزة وإعادة إعمار القطاع. *كيف تفسر الموقف الإسرائيلى والدولى من المصالحة الفلسطينية ؟ **اعتبرت الحكومة الإسرائيلية إنجاز المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس، هو نهاية لعملية السلام خاصة أن إسرائيل تعتبر حماس تهديداً لأمنها، ولذلك قررت الضغط على السلطة الفلسطينية من خلال مصادرة أموال الجمارك والضرائب الفلسطينية ويمكن إجمال الموقف الإسرائيلى فى أنه استمرار للعب دور الضحية واستثماره بعد كل حدث عربى أو فلسطينى لادعاء عدم وجود فرصة حقيقية للسلام لغياب الشريك المناسب رغم أن هذا الشريك المناسب حين كان جاهزا لتنازلات عدة فى المفاوضات، ادعت إسرائيل أنه ضعيف، ولكنها فى الواقع لا ترغب فى دفع أى ثمن للسلام ولن تدفعه فى المستقبل، خاصة فى ظل الدعم الأمريكى والأوروبى لها بشكل دائم. *ما هى السيناريوهات المتوقعة فى المرحلة المقبلة فيما يتعلق بالمصالحة؟ **السيناريو الأول، أن ينجح بالتوافق على وحدة وطنية تحمى المشروع الوطنى الهادف إلى إنجاز مشروع الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس من خلال الاعتراف الدولى والضّغط على إسرائيل، وبما أنهما أمران مستبعدان إلى حد كبير بناء على التجارب السابقة، يبقى الرهان على الوحدة الوطنية ومشروع إعادة بناء منظمة التحرير مظلة رئيسة للشعب الفلسطينى بديلة عن السلطة، وفى مثل هذه الحالة ستظهر الحاجة إلى بناء حركة تحرر وطنى وليس سلطة تحت شروط الاحتلال، أما السيناريو الثانى، أن ينتهى الاتفاق إلى الفشل إذا كان محوره الانتخابات. وهو فى هذه الحالة قد يفشل إما قبل الوصول إلى الانتخابات، وإما مع إجراء الانتخابات نفسها، وفى الحالة الأولى قد تخضع السلطة إلى ضغوط مالية تمارسها إسرائيل وواشنطن لإجهاض الاتفاق وإعاقة إنجاز بنوده، دون تحقيق أى اختراق سياسى على صعيد المفاوضات، ما يتسبب فى دفع «حماس» للسيطرة على قطاع غزة مرة أخرى، أما السيناريو الثالث، فيرى أن الموقف العربى الشعبى الضاغط والمراقب، إضافةً إلى تضييق هامش المناورة أمام «فتح» و»حماس» لن يعيد سيناريو الفشل كما حدث فى اتفاق مكة سنة7002، مع غياب استقطابات عربية، وبالتالى قد تلجأ الحركتان إلى إطالة أمد المصالحة، ولو فى ظل سلطة فلسطينية تحت الاحتلال، إلى أن تظهر معطيات جديدة تصب فى صالح إقامة الدولة الفلسطينية، ولا يستبعد أن تباشر واشنطن فى الفترة المقبلة بفتح «حوار رسمي» مع «حماس» فى إطار استراتيجية الانفتاح على الحركات الإسلامية فى المنطقة بشكل عام. وسوف تستفيد حماس من تخفيف التضييق عليها فى الضفة الغربية.