عشقتها من قلبى ومن روحى ومن كل ما تملك أحاسيسى من مشاعر ومن كل ذرة وحبة فى النفس.. من كل شهيق وزفير يخرج من القلب ويعود بالحياة.. ذبت فيها حبا وعشقا وهياما، أحببت الشوارع الجميلة والبنايات القديمة والأزقة والحارات والأحياء القديمة البوابات والخيامية والغورى والغورية كلها ويارايحين الغورية هاتوا لحبيبى هدية.. وسيدنا الحسين وبيت القاضى وشارع المعز والسحيمى والسنارى والقلعة ومسجد محمد على والسلطان حسن والرفاعى وابن طولون .. والله أحببتها.. أحببتها قوى.. وأحببت مقالبها عندما كنت أركب مواصلة عامة لأذهب إلى شبرا فأجدنى فى الجيزة وأتوه وأبكى كالأطفال.. لأنى أخطأت فى رقم الأتوبيس ولكنى كنت فى النهاية أصل إلى ما أريد.. وأحببته هو.. أحببته طريقا ومرفأ وواحة راحة من عناء الطريق وأحببته استراحة أستريح عندها قليلا ومع مشروب اليانسون المفضل لدينا أفكر بصمت فيما يجب ان تكون الخطوة التالية، ووجدت فى هذا الحب شيئا مشتركا بيننا اننا نحبها.. نحبها بنفس الوهج الذى فى قلبنا.. وإنها معشوقتنا نحن الاثنين.. وجمعتنا أشياء كثيرة ليس الحب الذى ملأ القلب أغانى ولكن عشقنا لكل ما هو أصيل وحقيقى وغير مزيف للفن الحقيقى.. للإنسان الحقيقى.. وأحببنا الناس فى كل مكان.. كل الناس وتغزلنا فيها عشقا وحبا ووصفا ورسما، جمعتنا اغنيات عبد الوهاب وليلى مراد وام كلثوم ونجاة وعبد الحليم ابن الثورة المصرية والموجى وصلاح جاهين وفريد الأطرش هو ملك الأغنية الشرقية والبرنس رياض السنباطى أمير الألحان العربية، وتجولنا فى صالات العروض الفنية لأشهر الفنانين المصريين الإخوة وانلى ومحمود سعيد وحامد ندا وصلاح طاهر وسعيد الصدر و محمود مختار ومحمود السجينى والفن الحديث والحداثة وجدوى الحداثة بعد الحرب العالمية الثانية فى كل مناحى الحياة.. وما أحدثته الحروب فى الإنسان. وهى تحاول أن تكبر وتنمو، بكل روادها وناسها الذين دائما ما يلبون النداء بكل الإخلاص.. وكنا نراها أجمل الجميلات وأحلى الحسان على وجه الأرض، ونأكل سندوتشات الفول والطعمية بشهية أكلة الكباب ونتغزل فيها، ليل نهار وعلى الطريق لى إنجازات هنا أو هناك.. رغم كيد الكائدين وغيظ المغتاظين.. وأسير على الأرض بل أطير على الأرض وأدب بقدمى فيقولون (تدب فى الأرض.. مشيتها تقول يا أرض انهدى.. ما حدش أدى).. أنظر اليه بطرف العين ونضحك سويا.. ورغم كل ما حولنا كنا قادرين نعيش.. كنا قادرين استيعاب مانراه احيانا نتجاهل ونعمل كده غير آخذين عن.. القطط تآكل من الزبالة.. لكن البشر تنتقى طعاما من الزبالة؟.. الناس تأكل لحم الحمير.. الصغار ينامون فى الشوارع ليلا فريسة للصوص الأعراض.. الأطفال السفاح.. والعرفى.. العرفى بين طلبة الجامعة.. وكل الذى يريد يخطف شيئا هو فى متناوله ما دام من الشلة.. وتشرذم الناس من مع ومن ضد.. ونعست الناس وراء لقمة العيش.. وأصبحت على كل ناصية شارع أو ميدان لابد من كومة زبالة يعرف بها الناس عناوين منازلهم، ليصلك أى زائر، الوصف بجوار كومة الزبالة. وأكل الناس بعضهم من الغل والحقد وانشغلوا بالحقد والغل بدلا من العمل.. و الذى يأخذ كل شئ من الشلة.. والبعض ذهب إلى الله فى جلباب أوطرحة أو اسدال.. واختفى وأعتقد أن ذلك هو الخلاص.. والبعض تاه فى الكيف وانسطل ونسى هو فين و البعض مرض أو تمارض، والبعض اغلق فمه خوفا من تهمة تلفق له أو يدخل السجن أوحتى يجرس لأنه ابن فلان أوعلان أو الترتان.. وناس فوق وحبة تحت زى ما تقول الغنوة.. والبعض دفن حيا أو ألقى من سابع دور.. وتلاشى الحلم.. أحلام الناس ضاعت. تاهت كما كنت أتوه فى المواصلات العامة لعدم درايتى بالأرقام.. وتشوه كل شئ جميل وكنا نراه جميلا رغم سندويتش الفول والطعمية الذى كنا نقنع به ولكنه لم يكن من صناديق الزبالة ، وأعود أسير فى نفس الشوارع والحارات وأتجول فى الأحياء وأنظر للمبانى التى عشقتها والتاريخ الذى أحببته ومدون فيه شىء يحكى حكايا بشر وحكايا إنسان قال يوما إننى هنا. فلا أجد المعنى ولا الحكمة ولا الإنسان. لم يعد الهواء نفس الهواء العليل الذى يطيب النفس ولم يعد الناس هم الناس الذين عرفتهم.. ولم تعد أقدامى هى اقدامى التى تدب فى الأرض ولم تعد تحملنى لأسير فى نفس الطريق الذى سرت فيه واحببته.. ولم يعد الحبيب حبيبا ولا العدو عدوا. ولم تعد الدنيا دنيى التى تمنيتها.. وتساءلت كثيرا لماذا أنا هنا أنا لست من هؤلاء ولا هؤلاء. ومن الذى أتى بى إلى هنا؟.. لم أكن يوما معهم ولا منهم ولم تربطنى بهم أى ملامح.. هذا الشارع سرت فيه كثيرا ولكنى الآن أشعر أننى لا أعرفه وهو أيضا لايعرفنى ولا أمت له بأية صلة لامن قريب ولا بعيد.. هو مجرد شارع وأنا مجرد عابر سبيل.. وعدت الى البحر..