التحذير المعلن الذى أطلقه مؤخرًا رئيس الموساد الإسرائيلى السابق مائير داجان بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالى ينيامين نتانياهو يقود إسرائيل إلى كارثة.. هذا التحذير وضع داجان فى موقع سياسى جديد داخل إسرائيل كرئيس للمعارضة. وتقول جريدة «ها آرتس» إنه بعد فترة حكم أكثر من عامين قاد فيها نتانياهو إسرائيل بهدف سياسى خرج من القدسالمحتلة - تقصد بناء المستوطنات بها- فقد نتج عن ذلك ظهور من سيقف فى وجهه ويحذر عامة الشعب الأسرائيلى من الأخطار الدفينة التى تنتهجها زعامة ضعيفة الرؤية والمسئولية. إن الرسالة التى أطلقها داجان فى خطابه مؤخرا أمام طلاب وأساتذة جامعة تل أبيب يمكن أن يستنتج منها جملة واحدة وهى «ضبط النفس عسكرياً ومبادرة سياسية» وطبقاً لمنهج داجان فإنه ممنوع على إسرائيل أن تهاجم إيران.. وعليها قبول مبادرة السلام العربية وذلك بدون شروط وبدون تردد أو تشكك وبدون صياغة ضبابية مشوشة غير واضحة.. رسالة أو هدف بسيط مفهوم يستطيع جميع الإسرائيليين فهمه. وتشير ها آرتس إلى رسالة ونهج داجان كان يجب أن يسمعها الاسرائيليون خلال عامى حكم نتانياهو الأخير من زعيمة المعارضة تسيبى ليفنى بنفس ارتفاع الصوت وبنفس الوضوح ولكنها لم تفعل شيئاً سوى أنها فضلت السكوت وترقب الأمور حتى يسقط نتانياهو من كرسيه لكى تقفز هى عليه وتقود الحكومة الإسرائيلية بدلاً منه. وتضيف هاآرتس أن انتقاد ليفنى لنتانياهو تمثل فى قولها إنه مشغول بالبقاء على الأرض وأنها كانت تدير مباحثات سياسية مع الفلسطينيين.. ولم يسمعها أحد ترفع صوتها كما فعل داجان بمثل هذا الوضوح. فلم تطلق ليفنى تحذيرًا بصوت عال بأن نتانياهو يجرنا جميعًا خلفه إلى الهاوية وأن ليفنى لم تتعود على القول بأنه يجب قبول المبادرة العربية وأن مهاجمة إيران سوف تربك إسرائيل بشكل خطير. فعلى ما يبدو تخشى ليفنى أن تظهر وكأنها يسارية انهزامية أكثر من اللازم.. أما داجان فهو بسيط وواضح ودخل مباشرة إلى لب الموضوع. وتشير هاآرتس إلى وجود أربع مميزات لداجان لكى يدخل المعترك السياسى «أولا أنه يتميز باللين وأنه يعد سلعة جديدة فى المجال السياسى وأنه حتى الآن لم يلعب فى مجال الظهور العام وأن مستمعى برامج الأحاديث فى الإذاعة لم يعتادوا من قبل أن يسمعوا صوته فى مجال العمل والأمر الثانى أنه يحمل العبء الأمنى من خلال عمله فى الموساد وأن ترتبط بقوى أمنية.. واعتدال سياسى وشخصية بوهيمية.. ويستجيب داجان لطلبات جموع الناس. والأمر الثالث أنه فى سن 66 سنة وبخبرته العسكرية الاستخباراتية فإنه الأكثر تذكيراً بشخصية أريئيل شارون الزعيم الأكثر شهرة فى الجيل الأخير. والأمر الرابع أن داجان يعتبر التلميذ النجيب لشارون وحظى بتأييد المجموعة المحيطة به. وتقول ها آرتس هناك عدة نواقص أو قيود تواجه داجان أولها أنه قليل الخبرة السياسية وثانيها أن داجان مقيد بقانون «التسقيع» والذى يمنعه هو ورئيس الأركان السابق جابى إشكنازى أن يترشح لانتخابات الكنيست قبل مرور ثلاث سنوات على نهاية خدمتهما بالدولة.. لكنه يستطيع أن يعين كوزير للدفاع وليس رئيساً للحكومة الإسرائيلية وهذا يلقى عليه فترة من الجمود والانتظار والتى يستطيع خلالها القيام بالتجارب والخبرات التى تعطيه الفرصة فى دخول المعترك السياسى. وتذكر الجريدة أن شارون احتاج 28 عاماً لكى يصل إلى سدة الحكم لكن داجان ليس أمامه مثل هذه السنوات لكى يصل لكنه إذا رغب فى الوصول إلى السلطة وجب عليه الجرى فى ماراثون. أما ثالثها فإن نتانياهو سياسى يختلق المشاكل لكنه ظهر فى فترة توليه الثانية كسياسى ناجح وقوى وفى اللحظة التى ظهر فيها داجان كخصم لنتانياهو حيث بدأ بادعاءات من باب الثرثرة التى تتسبب فى الإضرار بالدولة. وقال جدعون سعر: كنت أتمنى أن يلجم داجان نفسه بعض الشىء.. فإن مفاهيمه ومعلوماته كرئيس سابق للموساد مليئة بالشكوك فلا يجب الوثوق فى مثل هذا الرجل.