القراءة فى المشهد السياسى المصرى حاليا يدعونا إلى رصد مجموعة من التداعيات التى من المحتمل أن تنبئ بكارثة! ففى واقع الأمر أننا أمام مجمل تحديات فى الشارع المصرى لم نشهدها من قبل ولا يمكن بأى حال من الأحوال إيجاد تفسيرات مقنعة أو مقبولة لها! الانفلات المجتمعى الذى نعيشه فى كل المواقع أصبح متزايدا، فأنت لا تجد موقعا إلا وبداخله أزمة! الوقفات الاحتجاجية لا تزال تعترض الحياة اليومية - المطالب الفئوية مازلنا نرصدها كل يوم- الإضرابات المتلاحقة فى مواقع عديدة نتناقل أخبارها مرارًا - واقع الأمر أن الشارع المصرى لا يهدأ، ناهيك عن كوارث الفتن الطائفية بين الحين والآخر وكأن أحدا لا يريد لمصر الهدوء أو الاستقرار!! وفى الحقيقية وبكل تأكيد نحن أمام مخطط تآمرى يستهدف أمن مصر واستقرارها.. مخطط مدروس بعناية لا يريد لمصر أن تبدأ مرحلة جديدة فى عمرها السياسى والوطنى، مخطط تآمرى يريد أن يحول الثورة إلى «عورة» فى تاريخ مصر السياسى، و«نكبة» فى تاريخها الاجتماعى والاقتصادى! وكأن هناك من يريدنا أن نترحم على النظام السابق- وهو ما لن يحدث على الإطلاق! دعونا نواجه هذا الانفلات المجتمعى ونرصد تداعياته ونضع إيدينا على أسبابه المعلنة والخفية، وفى هذا السياق لابد أن نتفق بداية على استباق نظرية المؤامرة قبل كل شىء على رأس قائمة المسببات، فلا أحد يقنعنى أننا لا نعيش مؤامرة واضحة على ثورة يناير- داخليا لا تزال فلول النظام السابق تلعب بأصابع خفية وظاهرة فى المشهد السياسى المصرى، تشعل الأزمات هنا وهناك بين الحين والآخر، فكلما هدأت الأمور نجد اشتعالا قد هب من جديد، فلول النظام السابق ليسوا أعضاء الحزب الوطنى أو رجال جهاز أمن الدولة المنحل فقط، ولكن هناك الآلاف غير هؤلاء الذين استفادوا بكل الطرق غير المشروعة من النظام السابق ويخشون على مكاسبهم من ثورة 25 يناير! ولنا أن نرصد فى ذلك المؤيدين للرئيس السابق على اليوتيوب والفيس بوك وفجاجة هذا التأييد، وهناك أيضا للأسف دور لبعض الفضائيات التى تشعل الصراع وتزيد من سخونة كل أزمة وتشير إلى اقتراب اشتعال المشهد السياسى فى مصر أو انفجاره! ناهيك عن الدور الذى تلعبه التيارات الدينية فى الصراع على السلطة!. كل ذلك يحدث فى المشهد السياسى للشارع المصرى خلافا لحالة الانفلات الأمنى التى لا تنتهى مع غياب التواجد الشرطى الذى يؤمن حياة المواطن ويجعله يشعر بالأمان النفسى؛ ولا أجدنى أقبل أى تفسير على الإطلاق لحالة الانفلات الأمنى الموجودة فى ربوع مصر إلا إذا كان الأمر مقصودا وهذه كارثة بكل المقاييس! ويضاف إلى المشهد السياسى المتوتر حالة الفزع التى هددت الأمن والأمان النفسى للمواطنين على مدار الأسبوعين الماضيين مع اقتراب جمعة الغضب الثانية وما تواتر عنها من أخبار متلاحقة فى الصحف والفضائيات وعلى مواقع الإنترنت من كونها ثورة ثانية وما صاحبها من تهديدات مجهولة المصدر بإحراق مناطق وسط البلد والقيام بأعمال تخريبية- ثم الأخطر الحديث حول نية الصدام مع الدولة والمؤسسة العسكرية والشرطة! بلا أدنى شك أن مشهد الانفلات المجتمعى والأمنى- الذى تواكبه أخبار متلاحقة بعضها أحيانا مجهول المصدر تروع المواطنين وتهدد أمن واستقرار البلاد- وكلها أمور تصب فى نظرية المؤامرة والتى لا يمكن باى حال من الأحوال أن نستبعد وجود تيارات تآمرية خارجية على مصر من أطراف بعينها لا تريد لمصر بعد الثورة أن تبدأ مرحلة جديدة من الاستقرار وأن تدور عجلة الإنتاج؛ مما يحقق نموًا اقتصاديًا يوازى متطلبات المواطنين فى حياة كريمة.. وفى نهاية الأمر لا أجدنى استطيع إلا أن أؤكد أن استمرار هذا المشهد السياسى على هذا النحو الذى تشتعل فيه الأزمات ويهدد بالانفجار بين الحين والآخر، سوف يقود البلاد إلى مصير لا يحمد عقباه، فلا جدال أن مصر الآن -أمة فى خطر- تحتاج إلى تكاتف كل الشرفاء وهم بالملايين لصد كل الغارات التآمرية التى تشهدها البلاد ويحتاج أيضًا إلى مساندة الملايين للمجلس العسكرى ودعمه فى كل توجهاته لحماية أمن واستقرار البلاد وهو قادر على ذلك بكل تأكيد.