بعد انتهاء المواجهة الساخنة بين أمين التنظيم الأسبق للحزب الوطنى «المنحل» أحمد عز.. والنائب المستقل سعد عبود والتى تمت تحت قبة مجلس الشعب فى مايو 2010 بسبب اتهام عبود له بأنه استفاد من تعديل نظام الضرائب.. شن عز هجوما ضاريا على عبود.. واتهمه 11 مرة بأنه لا يفهم فى نظام الضرائب! وأذكر أن عز الذى هو رئيس لجنة الخطة والموازنة ويفهم فى الضرائب ويفهم فى الصناعة على حد تعبيره قال إنه أكبر دافع للضرائب فى مصر عام 2008 بشهادة وزير المالية السابق د. يوسف بطرس غالى الهارب حاليا للخارج ومطلوب القبض عليه. وقد استخدم «عز» سلاح السخرية والاستهزاء والازدراء للنائب عبود.. وانتهت هذه المواجهة الساخنة بإخراج النائب عبود من قاعة مجلس الشعب بعد احتجاجه الشديد على رئيس الجلسة فى ذلك الوقت عبد العزيز مصطفى لعدم إعطائه الفرصة للرد على عز لأنه تعرض له وسخر منه. واتهم عبود وكيل المجلس أثناء خروجه بأنه غير محايد - وكان معه كل الحق - لأن رئيس الجلسة ترك الحبل على الغارب ل «عز» ليقول كل ما عنده فى حوالى 20 دقيقة! وكان هذا ما يهدف له عز فى كل تعامله مع نواب المعارضة والمستقلين بضرورة التخلص منهم، والتصدى لهم بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة مستخدما سلاح الأغلبية وسيطرته عليهم إلا قليلا منهم تحت القبة.. أو التخلص من المعارضة والمستقلين خارج القاعة. وطبعا كلنا يذكر ما حدث فى الانتخابات الأخيرة سواء فى مجلس الشعب أو الشورى، وكأن عز لم يسمع عن أهمية دور المعارضة فى الأنظمة الديمقراطية.. أو عن مقولة الرأى والرأى الآخر.. أو لم يقرأ يوما ما كتبه أستاذنا الكبير مصطفى أمين منذ حوالى 15 سنة أن أحزاب المعارضة هى أشبه بالفرامل فى سيارة الحاكم، وهى أشبه بإشارات المرور فى شوارع الحكم الشديدة فى الظلام، وقد يشعر الحاكم أن المعارضة تقيد انطلاق السيارة، ولكنها فى الوقت نفسه تمنع انقلاب السيارة! ولكن ما أنت بهاد العمى عن ضلالتهم. *** المهم.. فى اليوم التالى لهذه الجلسة الشهيرة بإخراج عبود عقدت الجلسة التالية فى عصر يوم 19 مايو 2010 برئاسة د. فتحى سرور رئيس مجلس الشعب السابق الذى جلس على المنصة 21 عاما بالتمام والكمال - والمحبوس حاليا فى طره على ذمة اتهامه بالتربح وتضخم ثروته واستغلال نفوذه - وفى بدايتها أعلن د. سرور أن النائب عبود تقدم له بطلب للحديث فى اللائحة.. وفعلا سمح له د. سرور بالكلام. وقال عبود: إنه كان يريد أن يكون النائب أحمد عز موجودا فى القاعة حتى يكون الكلام فى مواجهته.. لأن جلسة أمس - للأسف الشديد - كانت مجلسا مخصصا وقتها وكأننا فى قطاع خاص بمجلس الشعب.. وإننى ظلمت فى الجلسة السابقة على حد قوله. لكن د. سرور نبهه بضرورة الحديث فى اللائحة والمادة التى يريد الحديث فيها. ويقول عبود إن أحمد عز قد مسه وأساء له فى كلمته التى عقب بها على كلمته. وهنا تدخل د. سرور موجها كلامه لعبود وقال إنه طلب مسودة مضبطة جلسة الأمس.. ووجدت أن رئيس الجلسة رفض إعطاءك الكلمة.. ولما أصررت أصدر المجلس قرارا بإخراجك من الجلسة بما يعنى منعك من الحديث.. وبالتالى حسم الموضوع بجلسة أمس ولا أستطيع أن أعطيك الكلمة فى هذا الشأن إلا إذا وافق المجلس، فالمجلس هو الذى يعدل عن رأيه وليس رئيس المجلس منفردا! *** وطبعا يجب أن تلاحظوا معى دائما أن التمسك باللائحة والقواعد البرلمانية يتم تطبيقها فقط على نواب المعارضة والمستقلين، والتضييق عليهم، أما بالنسبة لنواب الأغلبية فلهم كل الحرية فى الحديث بالمجلس.. خاصة إذا كانوا سوف يشيدون بالحكومة ووزرائها وإنجازاتها.. وهذا هو المطلوب طبقا لتعليمات أحمد عز الدائمة لنواب الأغلبية. وطبعا يلجأ د. سرور إلى سلاح الأغلبية وديكتاتوريتها وهو يعلم الإجابة مسبقا.. ويقول: هل يوافق المجلس على إعطاء العضو الكلمة للرد على النائب المحترم أحمد عز؟ وترد الأغلبية بأعلى صوتها: لا.. لا.. وسط احتجاجات عبود بضرورة الرد! ويصف د. سرور نفسه بأنه رجل ديمقراطى ويطبق اللائحة ويؤكد أنه لو كان متخذا القرار لعدل عنه لكن هذا قرار المجلس بأكمله! وتحتدم المناقشة بين عبود ود. سرور الذى يطالبه بضرورة الالتزام باحترام المجلس وأن يجلس فى مقعده. لكن عبود يؤكد له مرة أخرى أن قرار رئيس الجلسة السابقة كان باطلا أى كان معدوما ولا يمكن التمسك بمعدوم.. وقال لسرور: إنه يحرمه من حق التعقيب.. وأن هذا النائب - يقصد عز- قد وجه له إساءة.. وأنه لا يريد أن يخاطبه بمثل ما يقوله، ولكن أقول له مثلما يقول الشاعر: يخاطبنى السفيه.... وخير من إجابته السكوت. وينفعل د. سرور ويقول بأعلى صوته: يا أستاذ سعد لا تلجئنى لاتخاذ قرار كريه ولتتفضل بالجلوس. وطبعا كان هذا تهديدا مباشرا للنائب سعد عبود بالقرار «الكريه» وهو إخراجه من القاعة أو تحويله إلى لجنة القيم.. وكان ذلك سلاحا يتم إشهاره فى وجه نواب المعارضة والمستقلين.. وكان أكثر من تم استخدام هذا السلاح ضدهم من النواب السابقين: سعد عبود ومحمد عبد العليم داود ود. حمدى حسن وأشرف بدر وغيرهم! *** وهكذا انتهت المواجهة بين عز وعبود بعد أن كشفت لنا مدى سيطرة أمين التنظيم الأسبق للحزب الوطنى المنحل على الأغلبية فى مجلس الشعب واستخدام هذه الأغلبية كسلاح فى خدمة هذا النظام الفاسد وأن بعض هذه الأغلبية كان يندفع بكل عواطفه وقوته للتصدى للمعارضة والمستقلين.. ربما عن جهل أو حسن نية عند بعضهم تحت دعوى الالتزام الحزبى.. ولكن فى النهاية كانوا يستخدمون «كورقة» فى أيدى عز يتلاعب بهم كما يشاء لخدمة مصالحه ومصلحة أفراد معدودة من النظام السابق.. وكان حقا مجلس عز.. لا مجلسا للشعب!