فى رواية الأديب العالمى نجيب محفوظ «رادوبيس» والذى حكى فيها عن الفرعون مبارك - اقصد «مرنرع» بعد أن أفسدته امرأة وهى «رادوبيس» راقصة المعبد والتى أرادت السيطرة على نظام الحكم وتدخلت فى كل شىء وقربت منها الكهنة وأرادت أن تسيطر على الجيش. كل هذا حدث قبل ثلاثة آلاف عام، ورغم أن الرواية والتى أبدعها الأديب المصرى العظيم نجيب محفوظ فى أوائل أربعينات القرن الماضى. فإن أحداثها والتى كانت مستوحاة من وقائع حقيقية حدثت فى مصر إبان نهاية الدولة الوسطى من التاريخ الفرعونى. فإننى سمحت لنفسى أن أزاوج بين الحقيقة التاريخية وإبداع نجيب محفوظ، وأسقط ذلك كله على الأحداث التى جرت فى مصر إبان ثورة 25 يناير وحتى الآن. لقد كان الفرعون المصرى «مرنرع بولس» فى قصره عندما سقطت عليه فردة حذاء كان يحملها أحد الثوار والذى كان قد اختطفها من سطح أحد القصور يلتقط الفرعون فردة الحذاء ويهيم بها ويشتم رائحتها حتى أمر حراسه بأن يأتوا له بصاحبة الحذاء، وقد كانت هى رادوبيس راقصة معبد آمون الجميلة الفاتنة واللعوب أيضاً. وقد وجدتها المرأة فرصة لكى تحقق طموحاتها المدمرة خاصة أنها كانت تكره الشعب المصرى وتريد إذلاله لأنها حسب الوقائع التاريخية كانت من أصول غير مصرية وأنها أتت إلى مصر كجارية، فأقسمت أن تكون حاكمة ولذلك فقد وهبت نفسها من البداية إلى المعبد لتصبح الراقصة الأولى والمقربة من رئيس الكهنة ثم الفرعون بعد ذلك. ولما واتتها الفرصة وأصبحت بين ليلة وضحاها امرأة الفرعون والسيدة الأولى فى بلاط الحكم، لم تضع وقتها فتحكمت وأحكمت قبضتها على عرش الفرعون وعزلته عن الرعية ووضعت يدها على خزائن الأرض وصارت تنفق وتغدق الأموال على الحاشية والمقربين وأهملت عن عمد شئون الشعب، فعم الفقر وانتشر الجوع وفتكت الأوبئة بالناس، فهاجر من هاجر ومات من مات. وقد ذكرت بعض البرديات أحداث ثورة الشعب المصرى فيما عرف ببردية «ايبو - ور»، أو ايبو العجوز والذى حكى فيها كيف أن الشعب ثار وقتل الفرعون وهدم القصر وفتح مخازن الغلال واسترجع الأموال التى نهبها حاشية الفرعون من الكهنة وكبار الحراس والذين حاولوا الهرب، إلا أنهم وقعوا فى قبضة الجيش والشعب، لتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ مصر والتى أطلق عليها المؤرخون عصر الدولة الحديثة. لقد أفسدت امرأة الفرعون نظام الحكم فى مصر وأرادت أن تنصب ابنها فرعونا جديدا، وفى سبيل ذلك أطاحت بكل من يعارضها وفتكت بكل من أراد الاصلاح وتدخلت فى كل أمور الدولة حتى أنها كانت تعيّن حكام الأقاليم - أى المحافظين بالتعبير الحالى للكلمة. وصدّقت المرأة كلمات الإطراء والتزلف من الحاشية الفاسدة واعتقدت أنها «الفاضلة» وأن ابنها هو «السيد» وأن الشعب لن يعترض ولن يقوم من سباته بعد أن أعياهم الفقر والمرض وبمرور الزمن اطمأنت أن ابنها قاب قوسين أو أدنى من تولى عرش مصر بعد ثلاثين عاما من حكم الفرعون الأب «مرنرع». وفى يوم الخامس والعشرين من يناير عام 2011 بعد الميلاد لم تصدق المرأة ولا الفرعون حقيقة أن شعب مصر قد يصبر ويمهل الحاكم حتى ولو طال ظلمه وظلماته لكنه - أى الشعب - لا يرضى المهانة والإهانة. وكانت الثورة على الفرعون والأم والابن والحاشية الفاسدة وتدفق الشعب الثائر المظلوم إلى الميدان، رغم أن الفرعون قد أمر بقطع الطرق والجسور ووسائل التواصل بين الثوار.. وانتشرت الثورة لتعم أرجاء مصر من شمالها إلى جنوبها من شرقها إلى غربها وتوحد الجيش مع الشعب وقبضوا على «مرنرع» الفرعون الظالم وامرأته «رادوبيس» والتى أصبحت «حيزبون» بمرور السنين وكذلك الابن الفاسد الطامع فى العرش، أما لصوص الحاشية فتم القبض عليهم قبل أن يهربوا، وقد حاول بعضهم إغداق الأموال على البلطجية لإحداث الفتن بين الثوار والجيش إلا أن «حور محب» قائد الجيش وقف إلى جانب الشعب ونزل إلى الميدان وأقسم على تطهير نظام الحكم من اللصوص والبلطجية ومحاكمة الفرعون وأتباعه وامرأته .. ووعد حور محب بنظام حكم ديمقراطى مدنى وأن يعود الجيش إلى ثكناته من طيبة إلى الإسكندرية ومن سيناء إلى سيوة.. ولا تزال الثورة مستمرة. Hassen [email protected]