أكد عدد من الخبراء أن وضع موازنة استثمارية للعام المالى 2011/2012 تستهدف دعم الإنفاق على التعليم والصحة وترشيد الإنفاق الحكومى وإعادة هيكلة الدعم من خلال تحديد الشرائح المستهدفة وإصلاح الأجور، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وجذب القطاع الخاص والسعى فى تنفيذ مشروعات قومية طويلة الأجل، هى أهم أولويات العمل الحكومى خلال المرحلة الراهنة لإدارة الأزمة التى خلقتها أحداث ثورة 25 يناير، وإصلاح الاقتصاد المصرى. وشدد الخبراء خلال الندوة التى عقدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية مؤخراً على أن أولويات الاقتصاد المصرى علىالمدى القريب والمتوسط تتعلق بتطوير الانفاق الحكومى والنظام الضريبى بما يساعد على توفير إيرادات إضافية لتلبية المطالب الاجتماعية المتزايدة وتوفير المزيد من فرص العمل وإعادة توجيه الدعم لصالح الفئات المستهدفة. فى البداية اعترف د. سمير رضوان وزير المالية بوجود سياسة الأيدى المرتعشة داخل المؤسسات الاقتصاية وأيضاً وجود حالة من عدم الثقة من جانب المواطنين مؤكداً أن الوزارة الحالية تأخذ على عاتقها تلبية المطالب المشروعة للمواطنين. وحول الجهود المبذولة لتخطىالمرحلة الراهنة وإصلاح الاقتصاد المصرى ذكر أنه خلال ال 45 يوماً الأولى من عمل الوزارة كانت الأولوية لإدارة الأزمة مع الاهتمام برصد ودراسة الأوضاع الخاصة بعجز الموازنة والتضخم فى ضوء مستجدات الأمور. وأشار إلى أن وزارة المالية تعكف خلال الفترة الحالية بالتعاون والتنسيق مع الوزارات المعنية فى ضوء تنسيق شامل على مستوى مجلس الوزراء على صياغة موازنة استثمارية للعام المالى المقبل 2011-2012 تستهدف الانفاق على التعليم والصحة كما أن هناك جهودا مكثفة ونقاشا ايجابيا داخل وخارج مجلس الوزراء لتحديد هوية الاقتصاد المصرى خلال المرحلة المقبلة، وأضاف: أن هناك جهودا لصياغة سياسة شاملة للأجور تهدف إلى الاصلاح الشامل للأجور علاوة على دراسة القضايا المتعلقة بترشيد الانفاق الحكومى وتعديل واصلاح منظومة الدعم وفتح جميع الملفات التى تعيد الدوران لحركة الاقتصادى المصرى والاصلاح الاقتصادى مؤكداً أن ما سيتم التوصل إليه من سياسات وقرارات سوف تتم مناقشته بشكل مجتمعى يشارك فيه منتدى شباب الثورة ومختلف الجهات المعنية. مواجهة الفقر من جانبها حذرت د. يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس من استمرار سياسة الأيدى المرتعشة داخل المؤسسات الاقتصادية على مستوى الدولة فى ضوء غياب الجهود الملموسة لمواجهة الأوضاع التى أدت إلى اندلاع ثورة 25 يناير التى قلبت الأوضاع رأساً على عقب مؤكدة ضرورة ان يتحرك الاقتصادى المصرى عبر ثلاثة مستويات، المستوى الكلى ويضمن بذل جهود فاعلة على مستوى مواجهة عجز الموازنة والبطالة والتضخم، وأضافت: أن الجهود على المستويين المتوسط والأصغر يجب أن تتضمن تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر نظراً لأنها تعد عاملا أساسيا وفاعلا فى مواجهة الفقر علاوة على تفعيل عملية تمويل وتنفيذ المشروعات الكبيرة على المستوى القومى التى توجد بالفعل على الخريطة الاقتصادية لمصر مثل ترعة السلام، بالإضافة إلى ضرورة تطوير ودعم القطاع غير الرسمى. بينما استعرضت د.ماجدة قنديل المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية نتائج دراستها حول الاقتصادى المصرى خلال المدى القريب والمتوسط. وذكرت أن نتائج الدراسة أكدت أن غياب المساواة على المستوى الاجتماعى والقصور فى مجالات التنمية البشرية فى مصر تعد من أهم التأثيرات السلبية شديدة الخطورة الناجمة عن قصور الاصلاح السياسى من جانب وعدم مواكبته لتطبيق أجندة الاصلاح الاقتصادى التى تتبنى الدولة تطبيقها من جانب آخر، وهو ما جعل من الركود السياسى والفساد أبرز التحديات التى تواجه جهود الاصلاح الاقتصادى وزيادة معدلات التنمية كما أنها أيضاً كانت السبب فى حرمان طبقات المجتمع الفقيرة من جنى ثمار النمو الاقتصادى. وذكرت قنديل أن المرحلة المقبلة للعام المالى (2011-2015) ستشهد ارتفاعا فى معدلات التضخم ومن ثم ارتفاعا فى مستوى التوترات المصاحبة له نتيجة الحالة عدم الاستقرار السياسى التى تشهدها مصر وتقلب الأسعار العالمية، وأوضحت أن أهم التحديات التى تواجه السياسة النقدية على المدى القصير تتمثل فى الزيادة بنسبة 15% للأجور والمعاشات بداية من أبريل 2011، والقرار الذى اتخذته الحكومة لتثبيت العمال المؤقتين فى وظائفهم علاوة على التحديات التى ستنجم عن تجاوز الدعم للقيمة المحددة نتيجة لارتفاع الاسعار عالمياً مشيرة إلى أن دعم المنتجات البترولية يقدر ب 87.8 مليار جنيه مصرى فى العالم الحالى (2011-2015) وعام (2011- 2012) مقابل 66.5 مليار جنيه مصرى وهى القيمة المقدرة لدعم المنتجات البترولية عام (2009-2010). السياسة النقدية وأكدت د. ماجدة قنديل أن أولويات السياسة النقدية على المدى القصر والمتوسط يجب أن توجه لترشيد الانفاق الحكومى بما فى ذلك إصلاح هيكل الدعم للوصول إلى الشرائح المستهدفة ومواجهة إهدار الإنفاق وتحقيق معدلات أعلى من المساواة على المستوى الاجتماعى. وعلى المدى المتوسط أكدت أهمية أن يكون توفير المزيد من فرص العمل مرتبطا برفع مستوى الانتاجية والعمل على دعم القطاع الإنتاجى غير الرسمى وتطويره، وتيسير القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والعمل على مواجهة الاختناقات فى سوق العمل من خلال تقليص الفجوة بين العرض والطلب وزيادة الاستثمار فى مجالات التعليم والتدريب. وأوضحت د. ماجدة قنديل أن الاصلاح السياسى والمؤسس على المدى القريب والمتوسط يتطلب تعزيز التشريعات والقوانين التى تزيد من معدلات المرونة فى سوق العمل وجذب القطاع الخاص نحو توفير مزيد من الوظائف الرسمية والاستمرار فى تطبيق أجندة الاصلاح السياسى مما يتطلب الاستثمار فى هيئات ومؤسسات على قدر من المساواة ووجود نظام حكم جيد كما يتطلب مناخا من الشفافية وسيادة القانون ومواجهة البيروقراطية والفساد.