بدأت الثورة الليبية تسير فى اتجاه آخر بعد صدور قرار الأممالمتحدة رقم 1973 الذى ينص على فرض حظر جوى على القوات الجوية الليبية وحماية المدنيين وهو ما أعطى انطباعا فى المنطقة بأن المشهد العراقى بدأ يظهر من جديد وبعطاء عربى إلا أن قوات التحالف الغربى أكدت أنه لا نية لدخول ليبيا وأن الهدف هو ضربات جوية للدفاع الجوى الليبى، لكن الغرب لم يحدد الوقت الزمنى لعمل هذه القوات وهو الأمر الذى يطرح احتمالات مفتوحة لحدوث مفاجآت قد تكون لصالح النظام أو الثورة فى ظل إصرار القذافى على استمرار القتال ضد ما اسماه بالهجمة الصليبية على ليبيا. بدأت فرنسا.. بالخطوة الأولى فى تنفيذ قرار مجلس الأمن بفرض منطقة حظر جوى على ليبيا وحددت مراكز القيادة ومخازن السلاح والطائرات والقوات البرية المتحركة والمطارات ثم انطلقت الضربات الفرنسية فى اعقاب القمة الأوروبية التى شاركت فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية وعدد من الدول العربية ثم اعقب ذلك اطلاق صواريخ توماهوك التى انطلقت من بوارج وغواصات امريكية وبريطانية استهدفت دفاعات جوية حول طرابلس ومصراتة وشلتها بشكل كبير حسب تقارير اعلنها المتحدث باسم البنتاجون وفى المقابل اطلق نظام القذافى المدافع المضادة للطائرات والمدافع الرشاشة وقد اسفرت هذه العملية فى اليوم الأول عن تدمير بعض المبانى والمنشآت فى باب العزيزية على مقربة من مقر إقامة العقيد الليبى معمر القذافى كما طال القصف الذى قامت به قوات التحالف قاعدة المعيتقية شرق طرابلس، والكلية العسكرية قرب مصراتة.. فيما اعلن التليفزيون الليبى عن مقتل 48 مدنياً، نتيجة هذه الغارات وفى المقابل اعلن مدير هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الأميرال بيل غورتنى أن الضربات الصاروخية تركزت فى الغرب واستهدفت دفاعات «أرض جو» ومورس خلالها تشويش على هذه الأنظمة، وقال إن القوات الأمريكية لم تشارك بعمل عسكرى على الأرض إنما تكتفى بضربات صاروخية تهيئ الوضع ليشارك سلاح الجو فى تطبيق حظر الطيران. ورفض المسئول العسكرى الأمريكى مناقشة الخطط المستقبلية واكتفى بالقول إن بلاده لن تستخدم قوة تتجاوز حماية المدنيين فى العمليات. عملية أوديسا يذكر أن الدول التى تشارك فى عملية فجر أوديسا لتنفيذ فرض الحظر الجوى على ليبيا هى بريطانيا والتى تشارك بأربع طائرات تورنادو فى الغارات الجوية وغواصة وسفينتين حربيتين وتشارك أمريكا ب 19 طائرة حربية أمريكية بما فى ذلك فيلقة البحرية من طراز هارير ومقاتلات الشبح بى «2» التابعة لسلاح الجو وطائرات إف 15 وإف 16 وتشارك دولة قطر بأربع طائرات ميراج «2000 - 9» وتشارك ايطاليا بثمانى طائرات حربية لاستخدامها عند الحاجة من طراز تورنادو، وإف 16. وساهمت كندا بسبع طائرات هورينت سى إف 18 تكون مهمتها التحضير لمهمات ليلية محتملة، فيما أرسلت أسبانيا أربع مقاتلات من طراز إف 18 وطائرة التزود بالوقود إلى قاعدة ديسمومانو فى جزيرة سردينيا فيما استمرت الكتائب الأمنية الليبية فى محاصرة مصراتة واقتحام بعض المواقع فى بنغازى ولكن الثوار تصدوا لهذه العمليات واستولوا على عتاد الكتائب الأمنية.. ومع استمرار المعارك بين نظام القذافى والمعارضين برزت اساليب الحروب النفسية والإعلامية وإشاعة الغموض على مسرح العمليات وخطف الثورة إلى وجهة أخرى أقرب لما اسماه النظام بالحرب على ليبيا واحتلالها وتنفيذ الثوار لمخطط وأجندة غربية وإيجاد نظام موال للقوات المتحالفة فى تنفيذ فرض الحظر الجوى وهو ما رفضه اللواء عبدالفتاح يونس قائد العمليات العسكرية فى المنطقة الشرقية، وكذلك رئيس المجلس الوطنى الانتقالى مصطفى عبد الجليل بأن الدعم الغربى مجرد تنفيذ للحظر الجوى وحماية المدنيين حتى تتمكن الثورة الليبية فى بنغازى وصولاً إلى طرابلس من إقامة نظام ديمقراطى يحقق الحرية والعدالة الاجتماعية لجموع الشعب الليبى. ويواصل فى «فرقه» فى ليبيا عمله على مسرح عمليات قوات التحالف التى تفكر فى نقل القيادة للحلف الأطلسى ومشاركة دول أخرى ويقوم العقيد القذافى بالدفاع عن طرابلس داعيا القبائل الليبية إلى تنظيم مسيرة فى كل أنحاء ليبيا باتجاه بنغازى معقل الثوار يحمل المشاركون فيها أغصان الزيتون لحل الأزمة الراهنة سلمياً ووعد القذافى بالإفراج عن الثوار من أبناء بنغازى الذين اعتقلتهم الكتائب الأمنية، فيما يتردد وبقوة عن مصادر غربية بأن القذافى يجرى اتصالات من حلفاء له للبحث عن حل سلمى ولكن هذا يتعارض وما يحدث عن الأرض فى عمليات يومية للكتائب فى مصراتة وبنغازى والزنتان ورأس لانوف. على صعيد آخر تتهم الدول العربية بأنها اعطت للغرب غطاء عربياً لضرب ليبيا وهو ما استبعده الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى فى اعقاب الضربات العسكرية الجوية على ليبيا حيث أكد ان ما اتفق عليه مع الدول الغربية ومجلس الأمن هو فرض منطقة حظر جوى على ليبيا لحماية المدنيين وليس لقصف المدنيين وقد كرر موسى على هذا المعنى أثناء مباحثاته مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون عندما أبدى استغرابه من عمليات القصف التى تستهدف المدنيين فى ليبيا وقال نحن نحترم قرار مجلس الأمن الدولى رقم 1973 ولا يوجد لدينا تعارض مع هذا القرار خاصة أنه يؤكد عدم غزو أو احتلال للأراضى الليبية بل يتعامل القرار مع التهديدات للمواطنين فى بنغازى وغيرها.. وأكد موسى نحن نستهدف حماية المدنيين فى ليبيا وهى مسئولية كبيرة موضحاً أن موقف الجامعة العربية كان حاسماً وواضحا من البداية بعدم قبول أية مذابح أو إراقة دماء.. وقد أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون على نفس الهدف مشدداً على أهمية التعاون بين المنظمتين لبحث الديمقراطية فى المنطقة وقال بان كى مون إن المنظمة الدولية تعمل على إنهاء القتال فى ليبيا للوصول إلى حل سياسى وتقدم المساعدات الانسانية للشعب الليبى، وأضاف أن المنطقة كلها تقف على شفا تحقيق الديمقراطية ونحن نعمل على مستقبل أفضل لها.