التطبيق من الغد، شعبة المخابز تكشف عن التكلفة الجديدة لإنتاج الخبز    الأرجنتين تصعق بيرو بثنائية لاوتارو وكندا تبلغ ربع نهائي كوبا أمريكا لأول مرة    مقتل وإصابة 48 شخصا إثر هجمات انتحارية شرقي نيجيريا    "أبو الغيط": مبارك رفض التصدي للاتصالات الأمريكية مع الإخوان لهذا السبب    التصعيد مستمر.. الاحتلال يقصف مناطق جنوبي رفح الفلسطينية    لاوتارو مارتينيز يمنح الأرجنتين العلامة الكاملة بهدفين في بيرو بكوبا أمريكا 2024    سالم: تم اختزال مطالب الزمالك في مطلب واحد.. ونريد مشاركة الأهلي في الإصلاح ولكن    غرق شاب بترعة القاصد في طنطا أثناء غسيل سيارته    تفاصيل جديدة عن زواج نجوى كرم    هل يجوز التهنئة برأس السنة الهجرية.. الإفتاء توضح    الصحة: مرضى الاكتئاب أكثر عرضة للإصابة بالسرطان    «السيستم عطلان».. رابطة مصنعي السيارات تكشف أسباب تكدس العربيات في الموانئ    سعر جرام الذهب عيار 21.. لماذا يفضل المصريون التعامل به؟    ياسر حمد يعلن رحيله عن نادي الزمالك    عصام عبد الفتاح يكشف فضيحة تلاعب كلاتنبرج بالخطوط لصالح الأهلي    ملف يلا كورة.. مصير الشناوي.. انتصار الزمالك.. ونهاية مشوار موديست مع الأهلي    خبير تحكيمي يهاجم فيتور بيريرا بسبب أخطاء الحكام    أسعار ومواصفات بيجو 2008 موديل 2024    عبر الموقع الرسمي للوزارة.. رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2024 برقم الجلوس (استعلم الآن)    عاجل.. لطلاب الثانوية العامة.. الأسئلة المتوقعة في امتحان الإنجليزي    وزير خارجية اليمن: القضية الفلسطينية على رأس أولويات القاهرة وصنعاء    حظك اليوم برج القوس الأحد 30-6-2024 مهنيا وعاطفيا    بحضور جماهيري ضخم.. عمرو دياب يشعل حفله في الساحل الشمالي    محمد رمضان يقدم حفل ختام ناجحا لمهرجان موازين وسط حضور جماهيرى ضخم    7 معلومات عن الأميرة للا لطيفة.. حزن في المغرب بعد رحيل «أم الأمراء»    ما هي أول صلاة صلاها الرسول؟.. الظهر أم العصر    من هو أول من وضع التقويم الهجري؟ ولماذا ظهر بعد وفاة الرسول؟    سيناريوهات مصير جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية    عاجل.. فيروس "حمى النيل" يهدد جنود الاحتلال الإسرائيلي.. وحالة من الرعب    اعرف وزن وطول طفلك المثالي حسب السن أو العمر    حماس: ما ينقل عن الإدارة الأمريكية بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة يأتي في سياق ممارسة الضغوط    سفيرة الدنمارك بالقاهرة: أوروبا أكبر مستثمر وشريك تجاري في مصر    عمرو أديب: مستقبل وطن يمتلك كوادر تنظيمية تستطيع تخفيف الأزمة الاقتصادية| فيديو    حكم الشرع في الصلاة داخل المساجد التي بها أضرحة.. الإفتاء تجيب    ضبط مسجل خطر بحوزته مواد مخدرة وسلاح ناري في الأقصر    إصلاح خط مياه في الدقي وعودة المياه تدريجيًا ل5 مناطق    متحدث التعليم: شكلنا لجنة للوقوف على شكوى امتحان الفيزياء والتقرير في صالح الطلاب    حقيقة تأجيل الضمان الاجتماعي المطور لشهر يوليو 1445    «صرخة نملة وخوف من الأهلي».. تعليق مثير من مدحت شلبي على رجوع الزمالك عن انسحابه    عمرو أديب ساخراً: غالبية الدول تغلق المحلات في العاشرة مساءً.. احنا عايزين نظام غير العالم    الإجازات تلاحق الموظفين.. 10 أيام عطلة رسمية في شهر يوليو بعد ثورة 30 يونيو (تفاصيل)    مدحت صالح يطرب جمهور الأوبرا بأروع أغانيه على المسرح الكبير    "طعنة بالصدر".. ننشر صورة المتهم بقتل سباك الوراق بسبب المخدرات    5 علامات تدل على خلل الهرمونات بعد الحمل.. لاتتجاهليهم    نجم الزمالك السابق: هدف الاتحاد السكندري صحيح 100%    مصطفى بكري: إعلان تشكيل الحكومة الجديدة 3 يوليو    رئيس لجنة الصناعة ب«الشيوخ»: 30 يونيو ثورة شعب ضد قوى التطرف والتخلف استجاب لها قائد عظيم لتحقيق طموحات الشعب    أحمد موسى يكشف موعد الإعلان عن الحكومة الجديدة -(فيديو)    بالتزامن مع بداية امتحاناتها.. 14 معلومة عن برامج الماجستير والدكتوراة المهنية بجامعة الأقصر    بعد اشتعال الموبايل في بنطلونها.. 4 أسباب تؤدي إلى انفجار الهواتف الذكية (احذرها بشدة)    «الزنداني»: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر هدفها كسب تأييد شعبي    أستاذ علوم سياسية: الدول المنادية بحقوق الإنسان لم تقم بدور مهم حول غزة    حدث بالفن| موقف محرج لمحمد رمضان وميسرة تكشف كواليس مشهد جرئ مع عادل إمام    أبرز حالات إخلاء سبيل متهم وظهور أدلة تلغي القرار    إصابة 4 أشخاص بينهم طفل بلدغات سامة في الوادي الجديد    أخبار × 24 ساعة.. وزارة التموين: سداد فارق تصنيع الخبز المدعم للمخابز البلدية    رمضان عبد المعز: الصلاة على النبى تنصرك على آلام وأحزان ومصاعب الدنيا    الأوقاف تعلن افتتاح باب التقدم بمراكز إعداد محفظي ومحفظات القرآن الكريم - (التفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. على السمان مسئول الحوار بين الأديان : مصر قبل المسجد والكنيسة
نشر في أكتوبر يوم 30 - 01 - 2011

الدكتور على السمان كان طوال عمره محارباً ومحاوراً لخدمة قضايا الوطن العربى ووطنه مصر، وكذلك للدفاع عن قيم الإسلام وصورته الصحيحة بالخارج، وعن قيم حوار الأديان، بإخلاص منقطع النظير يلمسه الجميع.
.. وقد بدأ حياته يتيم الأب ثم الأم.. تخرج فى كلية الحقوق جامعة الإسكندرية، ثم سافر إلى «جامعة جرينوبل» جنوب فرنسا، وهناك كون اتحاداً للطلبة الأجانب، وقام كذلك بنشاط كبير للرد علىدعايات الأعداء إعلامياً، دون أن يتخلى عن المواجهة والموضوعية، فى ندوات ومحاضرات بالجامعة ومقالات بالصحف الفرنسية، وقد برز هذا الدور أثناء أحداث جسام مرت على أمتنا العربية،من ثورة يوليو إلى حرب 1956ونكسة 1967 ومعركة أكتوبر 1973، وبزغ نجمه دون أن يهتم لذلك، فسعت إليه السلطة ليتعاون معها رغم الوشايات التى كادت أن تهلكه لولا ستر الله معه -لإخلاصه- فأنقذته العناية الإلهية عدة مرات، وقد التقى وتعاون مع الرئيس جمال عبد الناصر وبعض رجاله وأنقذه من المغرضين والحاقدين.
.. وعلى الرغم من أنه لم يلتق السادات طيلة عصر عبدالناصر، فإن القدر شاء أن يرتب له لقاء مع الرئيس السادات ليبدأ جولات وأوراقا وصفحات جديدة من عمره مع السادات فى أحداث تاريخية يكشف النقاب عنها.. وقد كان حلمه وأمله أن يخلق نوعاً من التقارب والتعاون بين الأزهر بيت الإسلام والفاتيكان رمز المسيحية الكاثوليكية، ولحكمة لا يعلمها إلا الله كان للدكتور على السمان دور بارز فى بدء الحوار بين الأزهر ورجاله، وبين ممثلى الأديان السماوية الأخرى.
التقى السمان نماذج فريدة من السياسيين والإعلاميين والرموز الدينية وغيرهم وتعاون معهم وأكد أن صفحات التاريخ ما هى إلا صفحات من جهاد وكفاح لرجال يعملون فى صمت ويخلصون لله ولأوطانهم ولا يسعون إلى منصب أو مصلحة من أجل أن تحيا الأجيال المتعاقبة حياة أفضل، فهو قادر على التصدى «كمحارب» حينما تُفرض عليه المعارك، وقادر أيضاً على الحوار كأسلوب فى معالجة الخلاف.
«أكتوبر» التقت السمان ليعطى لنا وللشباب نموذجاً فريداً لمن يساهمون فى صنع التاريخ، أو هم جزء من التاريخ نفسه.
.. الدكتور على السمان الذى اختار فى طفولته مدرسة قبطية ليبدأ فيها تعليمه فى طنطا هذه المدرسة القبطية التى كانت ملحقة بإحدى الكنائس كان هو المسلم الوحيد فيها، الطفل على السمان كره التطرف بكل حواسه منذ صغره وسمع جرس الكنيسة بعد أن سمع صوت الأذان فى السيد البدوى، فتولد داخله نوع من التواؤم مازال يتمتع به حتى اليوم، مازال يذكر تأثير الأقباط فى تكوينه وفى حياته ويذكر الأب جرجس راعى الكنيسة الذى كان يعامله بلطف ولم يحاول يوما التأثير فى اختياراته الدينية ومازال يذكر أكواب الشاى الإنجليزى الذى كان يتناوله معه لدرجة أنه أحب هذا النوع من الشاى حباً فى الأب جرجس يؤكد أن التحيات والقبلات لم تعد كافية لتنقية الأجواء بين عنصرى الأمة المسلمين والأقباط.
تعايش مشترك/U/
*مصر نموذج حقيقى للتعايش المشترك على مدارالعصور فما الذى يحدث الآن؟.
**الأزمة الحالية أكدت أن هناك احتقاناً ومن ينكر ذلك يدفن رأسه فى الرمال، والحقيقة أن التحيات والقبلات فى المناسبات الدينية لا تكفى والحل الواقعى يبدأ من البيت وبين جدران المدرسة وفى النهاية وسائل الإعلام ومن خلال هذه الأزمة يتأكد أن كل الحلول مطلوبة فى آن واحد، فما لا شك فيه أن البيت أصبح غير البيت فى الماضى حيث جاءت ثقافات طاردة للآخر ورافضة لوجوده ولابد أن نعترف بذلك وهناك التطرف وهو ليس من طرف واحد فهناك تطرف من كلا الطرفين ورد على التطرف ثم فكر متطرف ثم مناورات من الخارج وكل ذلك يتجمع ليجعل علاقة ما غير صحيحة، والمدرسة تغيرت لقد عشت فى الماضى فى مدرسة الأقباط فى طنطا وكنا سعداء مع زملائنا لأنه لم يكن هناك تطرف والحقيقة أن الأب والأم بحكم مشاغل الحياة لم يعد لديهما الوقت الكافى للاهتمام بتربية الأبناء فأصبح الابن هو ابن (الشلة) التى يخرج معها أى هو ابن لأصدقائه ما تحمله هذه الشلة من أفكار سيؤمن بها.. وبمنتهى الصراحة ظروفنا الاقتصادية اضطرت أبناءنا للعمل فى الخليج فتأثروا بالفكر الوهابى وهذ ليس سراً على أحد وترجموا هذا الفكر إلى واقع فى حياتهم فى الوقت الذى يفتح فيه هذا الفكر الباب أمام جميع الأديان ولم يعد يرفض الآخر وذهب إلى الاتجاه الصحيح ولكن جزءاً كبيراً من المرض مازال فى بلادنا فى موقف من تعلموه والنقاب هو منتج لهذا الفكر فى حين أن مصر فى الثلاثينيات والعشرينيات كانت المرأة زعيمة وقائدة لحركات التحرر وأسماء هؤلاء النساء تشرف أى أمة -ونرى الآن الملك عبدالله العاهل السعودى يذهب لمؤتمر مدريد ويدعم المرأة السعودية فى كل المجالات.. وأريد أن أؤكد أن المدرسة فى مصر تحتاج إلى أن يأخذ طلابها جرعة تعطيهم فكرة عن الآخر والآخر هذا مصرى لابد أن أعرف عنه بعض الشىء وهذا الشىء لابد أن يكون إيجابياً من خلال التربية الوطنية، وأنا سعيد أن أخبرك أن مؤسسة الحوار التى كنت أترأسها فى باريس «الاتحاد الدولى لحوار الثقافات والأديان» حصلت على كل الموافقات اللازمة كى يكون لها نشاط فى مصر وعقدنا أول لقاء جمعية عمومية منذ حوالى أسبوعين وشارك فى الاجتماع منير فخرى عبدالنور ونجيب ساويرس والسيدة الفاضلة زينب رضوان وهذا الاجتماع التأسيسى دُعى إليه اثنان من المؤسسين الفرنسيين وخلال هذا اللقاء تمت مناقشة النموذج الأمثل للتعايش المشترك وكان نجيب ساويرس متحمساً جداً، وأكد منير فخرى عبدالنور أننا نحتاج للبحث عن قاسم مشترك للأديان والبحث عن قيم الإسلام والمسيحية ونعد ورقة عمل وبعد أن ننهيها يبدى رجال الديانتين رأيهم فيها وكذلك يمكن البحث عن القيم اليهودية كديانة.
*كيف ترى حالة الحوار الراهن بين الأزهر والفاتيكان بعد قرار الأزهر تجميد العلاقات مع الفاتيكان فى إطار الحوار بين الأديان؟.
**ليخطئ البابا فى حق الدين الإسلامى أو فى حق مصر ولكن هذا لا يمنع أن عجلة التاريخ تتحرك والحوار سيبقى دائراً وليس ذلك مسوغاً لنقد المسيحيين جميعاً ولابد من الاستمرار فى الحوار ويجب ألا تخضع السياسات طويلة الأجل إلى تأثيرات الأحداث التى تأتى علىالطريق لأننا نتعاون مع الكاثوليكية ككل وليس قائد الكنيسة الذى قد يخطئ وقد يصيب وفضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب قام بالرد عليه ولكن لابد أن يكون فى مخيلتنا دائماً استمرار كلمة التعاون كمبدأ عام وعندما يحدث تجاوز فمن حقنا الرد عليه وبكل أمانة للفاتيكان سفير فى مصر السيد «مايكل فيتزاجرالد» الذى تعاونت معه عشرة أعوام وكان نائباً لرئيس لجنة الحوار داخل الفاتيكان وهو الذى وقّع معنا اتفاقية 1998 وهى أول اتفاقية للحوار بين الأزهر والفاتيكان وصحيح أن كل ذلك حدث وقت أن كان بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثانى الراحل وكان المسئول عن كل ذلك وقد أحببته كما لم أحب أحداً على هذه الأرض، التقيت به أربع مرات وهو رمز للسماحة والحب والتفهم واليد الممدودة ولم أر إنساناً بهذا التعقل والروح السمحة وحب الآخر، والقيادة الجديدة قد تختلف ولكن لا يجب أن نقطع خط الاتصال بيننا وبينهم وأذكر أننى عندما كنت نائباً للجنة الدائمة لحوار الأديان بالأزهر تقدمت والشيخ الزفزاف رئيس اللجنة بورقة عمل للفاتيكان فى أحد الاجتماعات عنوانها «عدم التعميم فى الأحكام» والحقيقة أن البابا الراحل نجح فى أن تكون له شعبية وقبول واحترام على جميع المستويات والأديان وقد حضرت بنفسى مؤتمر اسيزى حيث اجتمع رجال الدين من العالم كله ومن كل الأديان وكان لهذا آثاره النفسية فى إحساس الناس بالاقتراب والتفاهم معه.
القيم المشتركة/U/
*تشغل حالياً رئيس لجنة حوار الأديان فى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.. ماذا عن هذا المجلس وهل عمله يتضاد مع عمل الأزهر؟.
**المجلس الأعلى للشئون الإسلامية يتبع الدولة ويرأسه وزير الأوقاف الدكتور محمود حمدى زقزوق وهو رجل منفتح بحكم تعليمه فى ألمانيا وانفتاحه على الثقافة الغربية الأمر الذى يتجلى فى كتاباته وكتبه وآرائه وعمل هذه اللجنة يكمل عمل الأزهر فلجنة الحوار فى الأزهر مع الفاتيكان وهى تهتم بجانب واحد بينما لجنة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية تتعاطى مع كافة الأطراف الدينية فى كل دول العالم وبمنظور أوسع وأشمل ونعمل على ورقة عمل اسمها القيم المشتركة بين الأديان وسوف تؤدى بنا إلى موضوع آخر نعمل فيه منذ ستة شهور بتأييد من الأخ الوزير أحمد زكى بدر وزير التعليم الذى أعتبر من حظنا وجوده فى هذا المنصب لأنه يتمتع بجرأة القرار وسرعة الحركة حيث جمعنا لقاء بالدكتور زقزوق والدكتور عبدالعزيز حجازى رئيس وزراء مصر الأسبق ورئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية وهنا فى بيتى تم الحديث عن إدخال سماحة الأديان داخل الكتاب المدرسى وتكلمت قبلها مع الأب أرميا فى هذا الموضوع لكى يقرأ الطالب عن الإسلام الوسط والاعتدال وعلاقتنا مع الآخر وهذا ما يوجد فى كتب الدكتور زقزوق وأتعجب لماذا لا تأخذ هذه الكتب فرصة أوسع للنشر واقترحنا على الوزير نماذج للكتاب المدرسى الذى يذهب إلى إظهار سماحة الدين وإلى الأخلاق الحميدة وأكد نجيب ساويرس أنه على استعداد لتمويل هذه الكتب دون التدخل فى إعدادها. وأقولها لك بصراحة فى هذا البلد قوى الشر موجودة ولكن قوى الخير والعطاء لابد لها أن تتجمع معا لتتصدى لقوى الشر والاعتداء على الحريات وعلى العيش المشترك، والذى أريد أن أقوله إنه لابد من جهد وفكر مشترك وعندما تقسو الأحداث فالمعيار والمقياس اسمه الدولة ويجب أن نحمى الدولة فبدونها لن يكون هناك كاسب وخاسر فالكل عندها خاسر وهذا ما يجعلنى أقول «الدولة أى مصر قبل المسجد وقبل الكنيسة» فلابد أن نقف بجانب مصر وندعمها وهى قادرة على التصدى لكل التجاوزات من أى جانب.
ويتذكر الدكتور على السمان كيف أنه أثناء حرب 56 كان فى فرنسا وعندما طالع جريدة «لوفيجارو» فى يوم من تلك الأيام عقب صدور قرار تأميم قناة السويس مباشرة فاجأه مقال افتتاحى فيها عنوانه «لتستيقظ يا مارتل» .. وسأل وقتها ليعرف أن مارتل المقصود فى المقال هو «شارل مارتل» الذى تصدى للزحف العربى الإسلامى فى معركة «بواتييه» جنوب فرنسا.. أى أن الكاتب كان يريد أن يعود إلى مشاعر الحروب الصليبية ليرد على قرار التأميم الذى قد يختلف عليه الكاتب من منظوره هو، مع الآخرين، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً..
وعرف السمان أن كاتب المقال هو «أندريه سيمفريد» عضو الأكاديمية الفرنسية أعلى مؤسسات العلم والثقافة فى فرنسا وعندما قابله بعدها بسنوات سأله لماذا كتب هذا المقال؟.. ولماذا أراد أن يفجر هذه المشاعر.. فقال له سيمفريد إن هذا هو ما قرأه فى الكتاب المدرسى عن العرب والمسلمين ومن قوتها عرف السمان أن الحوار وحوار الأديان لا ينبغى أن يكون مجرد محاضرات ومؤتمرات بل يجب أن يكون برنامج عمل ويجب أن يذهب إلى بيت القصيد يوماً وهو الكتاب المدرسى، ويقول السمان: تطوير المناهج وتنقيتها من الصور المشوهة لكل منا عن الآخر يجنبانا أن يخرج أولادنا من المدارس بسوء فهم متبادل وأقول لك إن نجاح مشروعات هذا التطوير متوقف بالكامل على استبعاد شبهة أى تدخل أجنبى أما إذا كان شأناً مصرياً 100% فسوف تسير العجلة بلا شك فى طريق العقل لاسيما أن بعض الكتب الدينية المشوهة عند الطرفين بها الكثير الذى يستحق وقفة موضوعية وتغييراً حقيقياً.
*تحالف الحضارات هل هناك جديد فيما يخص الحوار بين الأديان والثقافات؟.
**نعم فهناك تعاون مع «مؤسسة نيكسوس» للحوار من أجل تأسيس مكتب إقليمى لتحالف الحضارات يكون مقره «الإسكندرية» ومكتبه الفرعى «بالقاهرة» واهتمامه الأول جمع الشباب فى لقاءات دورية وتدريبية على العيش المشترك ونعمل مع جمعيات مختلفة وبمساعدة السفير رءوف سعد رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب وكان قبلها مساعداً لوزير الخارجية عن شرق البحر المتوسط وجاء بالتعيين فى المجلس وهذا تقليد معمول به فى مصر منذ وقت مجلس الشيوخ والمسوغ التشريعى وقتها كان تعوض الكفاءات بما لا يأتى به النظام الانتخابى وهو انتقاء خاضع لقواعد وهو ما ينطبق على السفير رءوف سعد، فمؤسسة تحالف الحضارات مؤسسة نشطة جدا وشاهدت لها برامج ونشاطات فى جميع أنحاء العالم وبرامجها عن التسامح والتعايش المشترك والعلاقة بين الشباب وهم على استعداد لإنشاء مكتب إقليمى لهم بالإسكندرية التى هى فنارة مصر لخدمة الحضارة كما كانت من قبل ويوم أن تتوافر الإمكانيات سيكون من حظ مصر وحظ الإسكندرية والقاهرة مكاتب إقليمية وفرع تابع له وسأتولى مسئولية هذا المكتب ومعى إنسانة مصرية عالية المستوى هى الدكتورة غادة خليل رئيس العلاقات الخارجية لمؤسسة نيكسوس التابعة لمؤسسة تحالف الحضارات ونيكسوس هى المؤسسة الإعلامية لتحالف الحضارات.
*هل للشباب نصيب من نشاطات هذه المؤسسة؟.
**اهتمامنا الأول بالشباب لأنه رصيد المستقبل فنريد أن ننظم لقاءات للشباب بين شمال وجنوب البحر المتوسط من مختلف الأديان والثقافات ورمزياً أريد أن يكون الاجتماع الأول فى قرطبة بأسبانيا لأن الجميع يذكر الرمز التاريخى للأندلس وهذا ما جعلنى أوقع على اتفاق فى الماضى بين مؤسسة الحوار التى أرأسها وبين نيكسوس (تحالف الحضارات) وبين مؤسسة تابعة لجامعة السلام فى قرطبة وسننظم لقاءات بين الشباب فى قرطبة وفى الإسكندرية، ووجدت فى الأقصر قصراً للشباب أعده سمير فرج محافظ الأقصر يمكن أن يستضيف الشباب من جميع أنحاء العالم وهو بالفعل يستضيف شباب من الأقاليم لتعلم الحضارة المصرية وهو تابع للمجلس الأعلى للشباب وسنلتقى الدكتور صفى الدين خربوش حتى نعقد لقاءنا المقبل فى ابريل.
*بعض من وسائل الإعلام المصرية تساهم فى إثارة الأزمات .. فما هو تقييمك لهذا الدور غير الأخلاقى؟.
**عند الحديث عن الإعلام بكلمة صريحة هو يحتاج إلى توعيته بضرورة الحفاظ على القيم والرموز والابتعاد عن الإثارة فنحن قد تخطينا مرحلة الصحافة القومية فقط إلى الصحافة الخاصة والقومية، ولذلك كإعلامى عشت فى هذا المجال عشرين عاما، أؤكد أنه عندما يصبح الإعلام سلعة فإننا نفهم ما يجرى من تجاوزات وأخطاء سلعة تنتظر أن تأتى بعائد من ورائها، ولذلك تكون الإثارة هى الطريق الأقرب لتحقيق أكبر مردود مادى ثم تتساءل كيف تزيد نسبة مشاهديك أو تزيد أعداد توزيعك، وهناك رأى آخر بأن هذا مناخ صحى حيث تستطيع الصحف الخاصة أن تقول ما لا يقوله الإعلام القومى ولكن لابد من الحذر عند الحديث عن الأديان لأننا نحتاج إلى تدريب وهذا ليس عيباً وكل ذلك يأتى من خلال العملية التعليمية، وفيما يخص الإعلام الخارجى فقد ضمنا برنامج العمل الخاص بمؤسسة الاتحاد الدولى للحوار والثقافات والأديان وتعليم السلام اقتراحا بعقد اجتماع دائرة مستديرة للطرفين الشرق والغرب الذى يطالب بحرية التعبير الكاملة وغير المنقوصة ولكن فى منطقتنا العربية فلابد للغرب أن يعلم أن لدينا معايير مختلفة وهى أهمية ضرورة الحفاظ واحترام القيم والرموز وأنا أثق فى أن هناك عقلاء فى الإعلام الغربى يبحثون عن مصالحة تجمع بين حرية الرأى كفكرة مطلقة وبين أهمية حماية القيم والرموز.
المواطنة/U/
*ما رأيك فى دعم وسائل الإعلام المختلفة لفكرة المواطنة وقبول الآخر؟.
**عملت بالمكتب الإعلامى التابع للسفارة المصرية فى باريس ثم مراسلاً لحساب وكالة أنباء الشرق الأوسط إضافة إلى الإذاعة والتليفزيون المصريين قبل أن يكلفنى الرئيس السادات بتولى مسئولية الإعلام الخارجى برئاسة الجمهورية وأؤكد لك أنه لكى نعرف ونحس بمعنى المواطنة فلابد أن ننتقل من الشعار إلى أرض الواقع لأن المواطنة ثقافة والاعتراف بالآخر ليس مجرد عنوان ولك أن تعلم أن جهاز التليفزيون وشاشته أصبح هو المدرسة الشعبية المجانية وبكل أمانة هى أخطر وأكبر من أن تكون فقط من اختصاص وزارة واحدة وهذه المدرسة الشعبية الكبرى والخطيرة يجب أن يكون للمجتمع المدنى دور فى صياغة سياساتها وشكراً لصانعى القرار فى هذه البلاد حيث أصبح الدكتور عبدالعزيز حجازى رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية طرفاً أصيلاً وعضواً داخل الاتحاد العام للإذاعة والتليفزيون وهكذا يمكن أن يدعم المجتمع المدنى ما تقترحه مؤسسات الدولة لأن كلمة المواطنة كى تصبح ثقافة شعب لابد أن يتحرك الجميع وخاصة المجتمع المدنى.
*بقى حوار الأديان حتى الساعة مقصوراً على النخبة فلماذا فشل فى الوصول إلى كل فئات المجتمع ولم يشعر به بعد رجل الشارع؟.
**دائماً أقول إن من لا يتجرأ بالنقد الذاتى تجاه نشاط يقوم به لن يصل إلى نتيجة وكنت أنتقد نفسى ومعى أهل الحوار عندما نقول إننا لم ننقل رسالة الحوار من النخبة إلى القاعدة العريضة من الجماهير ووصول الحوار إلى الجماهير لابد له من دعم إعلامى واستراتيجية إعلامية عالية لأن السبيل الأسرع والأضمن لإيصال رسالة الحوار هى شاشة التليفزيون السحرية التى هى الأهم فى تشكيل عقلية الأجيال القادمة والإعلام لم يقم بالدور الكافى فى إيصال فكرة حوار الأديان بين العامة.
*رجال الدين هل يحتاجون إلى إعداد لتحقيق العيش المشترك؟.
**هناك جهد جبار لتدريب الأئمة والخطباء والدعاة ولكن نحن فى بلد يبلغ تعداده 80 مليون نسمة ومع وجود المساجد الخاصة والتى يحدث فيها الكثير بما يضر بفكرة العيش المشترك لأن الخطباء غير مؤهلين وكذلك ما يقال داخل الكنيسة نريد أن نطمئن إليه من خلال عقلاء الكنيسة بحيث تكون اللغة السائدة فى الجانبين هى لغة السماحة والعيش مع الآخر وحب الآخر فلا ضرر ولا ضرار.
حرب 73/U/
*لعبت دوراً مهماً فى حرب 1973 فما الذى تمثله لك هذه الحرب وهذا الانتصار العظيم وكيف يمكننا الاستفادة من نماذج الشرف والبطولة التى شهدناها فى هذا الحرب؟.
**حرب 73 وما حوته من قيم ودروس ومعان ونتائج لابد أن يكون لها مكان متميز فى حياتنا فهى الانتصار الوحيد فى التاريخ الحديث فبقية الحروب الحديثة كانت نصف هزيمة أو نصف انتكاسة، وأول هذه المعانى هو كيف أن هذه الحرب جعلت الشعب فجأة يتجمع حول فكرة واحدة فعندما كان يدخل الشاب المصرى إلى الخدمة العسكرية يقال له من اليوم الأول إنه لن تنهى الخدمة العسكرية إلا عند تحرير الأرض، والجميل أنه لم تسجل حالة احتجاج واحدة، وشعبنا المصرى هو نفسه شعب 73 ولم نجد إلى الآن هذه الدروس تدرس أو هذه القيم تُعلم ..
.. لا أحد يمنعنى أن أقول إن الرئيس السادات وقتها استطاع تكتيل كل القوى فى مصر بجانبه فى إدارة الحرب وكان من عادته ألا يتدخل فى التفاصيل وحينما اكتشف وحده أهمية الإعلام الصادق وعرف تجاوزات الإعلام فى الماضى فقال إن الإعلام فى معركة أكتوبر سيكون منفصلاً عن إعلام الدولة انفصالاً نسبياً بحيث يتبع رئيس الجمهورية نفسه ووقتها كان «السفير أشرف غربال» رحمه الله معنيا بذلك ويشرف على كل ذلك «حافظ إسماعيل» مستشار الأمن القومى ورئيس جهاز رئاسة الجمهورية وأعتبره خير قدوة ونموذج أب روحى للجيش المصرى بما كان يمثله من انضباط وعطاء ووطنية المؤسسة العسكرية المصرية، ومن خلال هذه المنظومة تم إحضارى وإعلامى أننى مسئول عن الإعلام الخارجى ومن خلال هذا التغيير والتوجيه كان واضحاً وضوح الشمس أن الرئيس السادات يريدنا أن نتكلم لغة واحدة فى الداخل والخارج ويريد أن نعد نماذج للتعبير الإعلامى الجديد على مستوى الإذاعة والتليفزيون لكى نكون مستعدين عند اللزوم لتقديم مادة أولية جاهزة تم إعدادها مسبقاً.
وعلى الرغم أن الاحتفاظ بسر فى هذا البلد مستحيل إلا أن الرئيس السادات احتفظ «بتاريخ المعركة» وجاءت المفاجأة الكبرى والصدمة الكبرى للعدو، وعندما اقتربنا من تاريخ الحرب استدعيت للقاء الرئيس السادات فى حضور السفير أشرف غربال وكان ذلك فى قصر القبة، واعتقدت للوهلة الأولى أن اللقاء إنما هو للكلام حول موقف أوروبا من مصر، وعن الصراع العربى الإسرائيلى، الذى كان السادات قد طلب منى أن أتابعه عن قرب وأن أفيده أولاً بأول بكل تطورات مهمة، فى موقف القيادات السياسية فى أوروبا فيما يتصل بهذا الشأن.
وعندما جلست إلى الرئيس السادات، سارعت فقلت إننى أتممت دراسة وتقييم موقف قيادات أوروبا.. إلا أنه فاجأنى فقال: «بس فيه نقطة نظام».
استمعت إليه بنوع من القلق، عما يمكن أن تمثله نقطة النظام هذه .. وإذا بالرئيس ينطق بأمر جمهورى شفهى ويقول: من الآن فصاعداً.. سوف تتبع رئاسة الجمهورية، لتتولى مسئولية الإعلام الخارجى فيها.. والمهمة التى أريدك لها، هى إعداد نماذج جديدة للتعبير الإعلامى، وبالذات فى الإذاعة والتليفزيون، بحيث نتكلم لغة واحدة، فى الداخل والخارج.
.. وأذكر أننى تلقيت أمراً من السادات بمغادرة مصر يوم 5 أكتوبر 1973 وبكل صراحة، وأمانة أقول إنه فى يوم 5 أكتوبر 73 لم أكن أعرف أنه بقى على موعد الحرب 24 ساعة فقط وفى ذلك اليوم، تم تكليف السفير أشرف غربال بأن يحمل بياناً، تم إعداده لنعلنه على العالم ونقول فيه إن إسرائيل قد قامت بعمليات هجوم على الأراضى المصرية وكان الهدف من البيان، هو إعداد أرضية الشرعية الدولية للتعامل مع معركتنا.. وقد اطلع علىالبيان، يومها قبل إعلانه عدد من القيادات، من بينهم وزير الدفاع ووزير الداخلية.. وللأمانة كان الأستاذ محمد حسنين هيكل، من بين من طلب السادات عرض البيان عليهم.
وقد رافقت السفير اشرف غربال فى جزء من هذه الجولة، وكانت التعليمات أن ينتهى البيان بين يدى السفير حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومى، وعندما وصلت إلى بيته بالزمالك كانت عنده تعليمات بأن أغادر القاهرة إلى باريس.. وعندما أبلغته بأن مطار القاهرة كان أُغلق فى التاسعة مساء نفس اليوم (5 أكتوبر) أخبرنى بأن ممدوح سالم وزير الداخلية، سوف يتكفل بمهمة سفرى وفهمت أن السفر يمكن أن يكون بطريق البر، عن طريق ليبيا، وصباح يوم 6 أكتوبر صحبنى ضابط برتبة عقيد إلى حيث كنت أعتقد وأتصور.. أى إلى الإسكندرية.. ومنها إلى ليبيا بطريق البر.. وفوجئت بأنه يتوجه بى إلى مطار القاهرة، ولما سألته قال إن التعليمات أن يصحبنى إلى المطار إذن كل ما لديه هذه المعلومة فقط رغم أننى كنت أعرف أن المطار كان قد تم إغلاقه مساء اليوم السابق.
..وكانت مفاجأة لى، وأنا فى مكتب التشهيلات العسكرية بالمطار، أن أرى المطار وهو يعاد فتحه للعمل مرة أخرى، فى التاسعة صباح 6 أكتوبر وتحركت طائرة «إير فرانس» التى أخذتها إلى باريس فى موعدها.
وبالمناسبة عندما نقرأ « كتاب موشى ديان» وزير دفاع إسرائيل وقت الحرب سنعرف مدى الأهمية غير العادية لخطة التمويه، التى كان السادات قد وضعها وصاحبت معركة أكتوبر.. وسوف نعرف من كتاب موشى ديان أن جولد مائير، رئيسة وزراء إسرائيل،فى ذلك الوقت قد استشاطت غضباً، عندما علمت بإغلاق المطار مساء 5 أكتوبر ووبخت وزير دفاعها لأنها فهمت أن إغلاق المطار هو إعلان للطوارئ، استعداداً لتحرك عسكرى مصرى وكان ديان يختلف مع مائير دائماً حول نية وقصد المصريين تجاه المعركة.
.. جولد مائير كانت تعتقد دائماً، أن المصريين سوف يحاولون العبور.. أما ديان فكان يرى، فى صلف وغرور، أن المصريين لن يتجاسروا على بدء معركة حقيقية ضد إسرائيل وكان يكرر دائماً أن اليوم الذى سيقرر فيه المصريون ذلك، فإن معناه أن أمريكا والاتحاد السوفيتى معاً قد قررتا مساعدة مصر.
وبعد ثلاث ساعات بدأت الحرب وهذا ما أسميه «عبقرية الحرب» وأنا حزين أن هذه الجرعة الشاملة لا تصبح جزءاً من التعليم لطلابنا فيشعرون بالفخر ببلادهم ويعرفون أن التاريخ قد يعيدهم لهذه اللحظات الخالدة.
زيارة القدس/U/
ويذكر السمان الزيارة التاريخية للسادات للقدس حين دوّت فى العالم كقنبلة وكيف ذهب السمان إلى بيت حافظ إسماعيل فى باريس وقتها ليريا معاً التغطية التليفزيونية للزيارة وتابع حافظ اسماعيل مع السمان ما يجرى على الشاشة وكأنه فى منتصف الطريق بين الحلم والواقع، ويروى السمان كيف أن حافظ إسماعيل نظر نظرة من يتأمل الأمور فى هدوء وصمت، وقال : «لقد طوينا، الآن، كتاباً كاملاً، من تاريخنا، وسنفتح بهذه الزيارة كتاباً جديداً، لا يعلم إلا الله،إلى أين نحن ذاهبون فيه».
*ما هو دورك فى معركة السلام وتهيئة الأجواء وسط تجمعات اليهود فى أوروبا للرغبة المصرية فى عملية السلام؟.
**قبل سفر الرئيس السادات إلى الولايات المتحدة الأمريكية أثناء إحدى جولات مفاوضات كامب ديفيد التقى بى الرئيس السادات فى بيته بالجيزة، وقال لى: .. حان الوقت لتبدأ المرحلة الثانية من التعاون معى، من أجل مفاوضات السلام، وأطُلَبَ منك عند توقفى فى فرنسا وأنا فى طريقى للولايات المتحدة أن ألتقى بقيادات يهودية مؤثرة، ومستقلة، وأضاف: وأرجو أن تضع خطين تحت كلمة مستقلة، وأعنى بها، أن يكونوا غير أعضاء فى أى اتحادات يهودية، وأن يكون حجم شخصياتهم مؤثراً.
.. وذهبت إلى فيينا واجتمعت مع صديقى اليهودى النمساوى «كارل كاهان» الذى كان صديقاً لمستشار النمسا وقتها «برونو كرايسكى» وكان أيضاً رئيساً لبنك مونتانا، وكان كذلك من بين ممولى حركة «السلام الآن» مناصراً لسياسة كرايسكى فى اتجاه فتح أبواب أوروبا أمام ياسر عرفات، وكنت قد قدمته للرئيس السادات، فى نفس العام ونشأت بينهما محبة ومودة وثقة كبيرة، وتشاورت معه حول نوعية القيادات اليهودية التى من الممكن دعوتها، للقاء الرئيس السادات فى باريس، وبعد بحث مطول فى أكثر من عاصمة أوروبية توصلت إلى اختيار أربع شخصيات يهودية.
أولاً: «ناحوم جولدمان»، رئيس المؤتمر اليهودى السابق وهو قيادة تاريخية يهودية، كانت تطالب منذ عام 1958 بضرورة إقامة وطن فلسطينى، ووطن إسرائيلى.. وكان متقدماً فى أفكاره، وكان يتميز بطابع ساخر، فى عرضه للموضوعات حينما تتعقد الأمور وكان مستشار النمسا كرايسكى قد قدمنى له، أثناء إحدى زياراتى للنمسا، والمعروف أن ناحوم جولدمان كان أمريكيا، من أصل نمساوى.
واتفقنا على شخصية تاريخية أخرى غير معروفة هى «سير سيجموند فاربوج»، رئيس مجموعة البنوك التى تحمل اسمه فى أوروبا وهو ألمانى الأصل وكان دوره فى التاريخ اليهودى معروفاً بأنه هو الذى تفاوض مع هتلر، فى الماضى على دفع أموال له، أى لهتلر، نظير أن يترك هتلر اليهود فى سلام، وعندما اكتشف فاربورج: أن هتلر يريد المال ونهاية الشعب اليهودى معاً، هرب من ألمانيا إلى انجلترا.
ومعروف عنه أنه وجه رسالة قاسية شفهية إلى مناحم بيجين بعد زيارة السادات للقدس، وبداية المشاكل فى المفاوضات قال فيها: «لم يحصل فى تاريخنا أن كنا مدينين لشخص، مثلما نحن مدينون اليوم للرئيس السادات، وهو يعرض علينا السلام مقابل الأرض،ولا نملك أن نسمح لك أن تضيع هذه الفرصة، اليوم باسمنا بل إنه رفض يوماً، أن يذهب إلى القدس ليتسلم الدكتوراة الفخرية وقال لأصدقائه وهو يشرح لهم أسباب رفضه: بماذا يفيد «أن ألتقى أثناء هذه الزيارة برجل - يقصد بيجين- فقد حاسة السمع».
.. أما الشخصية الثالثة فكانت لورد جولدمان وهو حفيد جولدمان المستشار القانونى الذى صاغ وثيقة وعد بلفور الشهير..
وأما الرابع فكان هو «البارون إدموند روتشيلد» حفيد «روتشيلد» الذى وجه إليه بلفور وعده الشهير «بإنشاء دولة إسرائيل».. وساهم هو ماليا ًفى إنشاء هذه الدولة.. وكانت ميزة روتشيلد عن غيره من أعضاء هذه العائلة الارستقراطية، ذات الفروع الثلاثة فى إنجلترا، النمسا، وفرنسا، أنه كان رجلاً عاطفياً، وصاحب قلب وكنت أعلم أنه سيكون مقدراً للجميل حين ينال شرف لقاء السادات.
وانضم لهذه المجموعة بالطبع، الصديق «كارل كاهان»، وقال لى كاهان عندما عرضت عليه القائمة فى صورتها النهائية قبل أن يصحبنى إلى باريس فى طائرته الخاصة قبل لقاء السادات بهم بيومين.. «لو كنت مكانك مع مجموعة بحث لما وقعت أعيننا على اختيارات أفضل من ذلك لتحقيق هدف السادات فى الالتقاء بشخصيات يهودية ذات تأثير عظيم وأنا أقول لك إن لهم جميعا موقعاً مهماً فى التاريخ المعاصر للشعب اليهودى».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.