جدل وانتقادات وأزمات صاحبت تسلم المجر الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبى والتى بدأت مطلع العام الجارى وتستمر لمدة 6 شهور، حيث يواجه رئيس الوزراء المجرى « فيكتور أوروبان» عاصفة من الانتقادات بسبب قانون تنظيم شئون الإعلام الذى تبنته المجر مؤخرا، وتحديدا فى ديسمبر الماضى قبل تولى مقاليد الاتحاد الأوروبى مباشرة، مما يطرح تساؤلات حول قدرة بودابست على الإدارة السليمة لشئون أوروبا. وكان أوروبان الذى استعاد السلطة فى أبريل الماضى بعد ثمانى سنوات من المعارضة، اتهم بالسعى إلى تكميم أفواه وسائل الإعلام بسبب هذا القانون والذى ينص على فرض غرامات يمكن أن تصل إلى 730 ألف يورو لشبكات الإذاعة والتليفزيون فى حال الإساءة إلى المصلحة العامة والنظام العام والأخلاق، أو بث معلومات منحازة، وقد قوبل القانون بانتقادات عنيفة من وسائل الإعلام سواء المجرية أو الأوروبية، بالإضافة لحكومات ألمانيا وبريطانيا وفرنسا ولكسمبورج، وشنت الصحافة المجرية حملة ضد القانون معتبرة عهد « أوروبان» نهاية لحرية الصحافة، و اعتبرت صحيفة «لوموند» الفرنسية أن الحكومة المجرية المحافظة بزعامة فيكتور أوروبان، تتهكم علناً على قيم الاتحاد المعبر عنها فى الميثاق الأوروبى لحقوق الإنسان، ورغم ذلك ستلعب خلال توليها الرئاسة دوراً مؤثراً فى وضع سياسات وأولويات أجندة العمل الجماعى لدول الاتحاد السبع والعشرين، وتقول الصحيفة: المؤسف أن الحزب الحاكم فى المجر يتمتع فى الوقت نفسه بأغلبية مريحة فى البرلمان، ولذلك مرر تشريعات وقوانين عديدة منافية لقيم الاتحاد الأوروبى الساعى إلى جعل القارة فضاء للديمقراطية وحرية التعبير، وعدم إساءة استخدام السلطة، أو الإخلال بتوازن السلطات، ومن أخطر القوانين والتشريعات الجديدة الحادة من الحريات العامة فى المجر القانون الصادر فى 21 ديسمبر المنصرم والذى يضيق الخناق على الإعلام، وتضيف الصحيفة أنه من المؤسف أكثر من ذلك أن رد فعل المفوضية الأوروبية فى بروكسل على هذا الخرق للمعايير والتشريعات الأوروبية كان ضعيفاً بشكل كبير، حيث لم تزد على التعبير عن «شكوك» حول مشروعية هذا النص. ولم تتخذ أية تدابير عملية مؤثرة تناسب صدور هذا التشريع المنافى للاتفاقات الأوروبية. وفى البرلمان الأوروبى لم تصدر احتجاجات سوى من كتل الخضر، والاشتراكيين، والديمقراطيين- الليبراليين. أما القادة الأوروبيون، فقد التزموا الصمت المطبق حيال الخرق المجرى، باستثناء قادة ألمانيا، واللوكسمبورج، وبعد أخذ ورد، فرنسا. من جانبه، لم يقف أوروبان صامتا تجاه تلك الانتقادات، وقابل ذلك بهجوم شديد وخاصة على فرنساوألمانيا معتبرا أنه ليس من اختصاص الفرنسيين أو الألمان الحكم على تطابق قانون وطنى مع قواعد الاتحاد الأوروبى، لكن هذا الأمر يعود للمفوضية الأوروبية، مضيفا أنه « من الطبيعى أن تقبل المجر أى إجراء يتخذه الاتحاد الأوروبى»، لكنه قال إن المبدأ الأهم فى أوروبا هو عدم التمييز، ومعتبرا أن القانون المجرى حول وسائل الإعلام مماثل لقوانين معظم البلدان الأوروبية الأخرى، وأضاف « لذلك لا أستطيع أن أتخيل وضعا يدعوننا فيه إلى تغيير جوانب من القانون المجرى، بينما القوانين حول وسائل الإعلام فى بلدان أخرى مثل فرنساوألمانيا والدنمارك لم تتغير علما بأن لديها العنصر نفسه. ووصف رد فعل باريس وبرلين بأنه سابق لأوانه وغير مجد. ولم تقتصر سياسة التشدد التى اعتمدها أوروبان فقط على قانون الإعلام، بل شملت أيضا قانونا آخر يثير قلق أوروبا ينص على فرض ضريبة أزمات خاصة على المؤسسات الكبرى لخفض العجز العام، الأمر الذى أثار احتجاج شركات أجنبية ترى أنها مستهدفة بصورة غير عادلة، ولكن أوروبان نفى الإدعاءات بأن الشركات الأجنبية تم استهدافها قائلا إن مصرفا وشركة للطاقة مجريتين كانتا من بين الشركات التى تلقت الضربة الأقوى.