مع كل التهنئه لروسيا وقطر الدولتين اللاتى نلن شرف تنظيم مونديال كأس العالم لكرة القدم فى بطولتى 2018 و 2022 على التوالى فهما تستحقان هذا الشرف عن جدارة واستحقاق، الا أن هناك سؤالا خبيثا من المهم الإجابة عنه وهو هل من قبيل المصادفة ان تفشل بريطانيا صاحبة الفضل فى اختراع كرة القدم، ورفيقتها امريكا المتربعة على عرش الكرة الارضية وهما الدولتان اللاتى قامتا بغزو العراق متحدين المجتمع الدولى بأكمله فى نيل شرف تنظيم المونديال؟!.. لم تكن هذه هى الصفعة الأولى التى تتلقاها امريكا من الرياضة العالمية فقد سبقتها صفعة مماثلة فى شهر أكتوبر من العام الماضى عندما فشلت مدينة شيكاغو الامريكية فى الحصول على شرف استضافة الالعاب الاولمبية لعام 2016 والتى ذهبت إلى مدينة «ريو دى جانيرو» البرازيلية ووقتها كانت الصفعة أشد ألما وموجهة مباشرة إلى الرئيس الامريكى باراك اوباما الذى وقف بكل قوته خلف ملف المدينةالامريكية بل انه ذهب بنفسه إلى كوبنهاجن اثناء الاقتراع على اختيار المدينة التى ستوكل اليها مهمة التنظيم وألقى خطابا امام اللجنة الاولمبية وهو ما لم يفعله رئيس امريكى آخر طوال التاريخ ولكن يبدو ان هذا لم يكن كافياً خاصة بعد ان خرجت مدينته من الجولة الاولى فى فضيحة مدوية للنسر الامريكى.. ووقتها صب الجمهوريون جم غضبهم على أوباما الذى اخرجهم من البيت الأبيض واتهموه بأنه ذهب بالسمعة الامريكية ادراج الرياح ولم يعلم هؤلاء ان الذى اطاح بسمعة تمثال الحرية هو رئيسهم السابق جورج بوش الابن ويمينه المحافظ وان اوباما وامريكا التى يجلس على عرشها تدفع ثمن خطايا سلفه حول العالم والفضائح الامريكية فى «أبو غريب» و جوانتامو شاهدة على الجرائم التى ارتكبها اليمين الامريكى باسم الديمقراطية.. ويبدو أن اوباما قد وعى الدرس جيداً هذه المرة فلم يذهب بنفسه إلى اجتماع الفيفا فى زيورخ وترك المهمة للرئيس الامريكى الأسبق «بيل كلينتون» الذى تحمل لوحده مرارة الهزيمة وبدت الحسرة على وجهه عند اعلان فوز قطر بشرف التنظيم واكتفى اوباما بأن ينتقد اختيار الفيفا بوصفه اياه بأنه الاختيار الخاطئ.. والواقع انه إذا كانت الصفعة الاولمبية كانت مسئولية بوش ومحافظيه الجدد ولم يكن من العدل تحميلها لأوباما فإن الأخير عليه ان يتحمل نصيبه من الصفعة الحالية فبعد مرور حوالى سنتين من توليه منصبه لم يستطع اول رئيس اسمر يتربع على عرش البيت الأبيض ان يجمل وجه امريكا المملوء بالندوب وعلى الرغم من صعوبة المهمة يبدو ان معظم الوعود التى نادى بها أوباما اثناء حملته الانتخابية كانت مجرد شعارات انتخابية فمازال جوانتامو مفتوحاً ومازالت القوات الامريكية ترتكب المذابح فى أفغانستان وويكيليكس فضحت الجرائم التى تتم بحق المدنيين فى العراق وإذا كان الشعب الامريكى قد عاقب اوباما وحزبه فى انتخابات الكونجرس الماضية فقد جاء الدور على المجتمع الدولى لكى يعاقبه على عدم تنفيذ وعوده البراقه.. اما على الجانب الآخر من المحيط فقد كان فشل الدولة التى اخترعت كرة القدم أشد، فقد خرجت انجلترا من التصويت من الجولة الأولى وكل ما فى جعبتها صوتان فقط ولم يشفع لها مشاركة وفد رفيع المستوى لعرض الملف البريطانى امام الفيفا ضم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون والأمير ويليام الابن الأكبر للأمير تشارلز ولى عهد بريطانيا وحفيد الملكة اليزابيث الثانية وهو ما اصاب الانجليز بصدمة شديدة وراحوا يلقون الاتهامات يمينا ويساراً فى أرجاء الفيفا مطالبين بإدخال اصلاحات على نظام التصويت لاستضافة كأس العالم مؤكدين ان حوالى 7 من اعضاء اللجنة التنفيذية التى تختار الدولة التى تنظم كأس العالم قد وعدوا الأمير ويليام وكاميرون بالتصويت لصالح انجلترا ولكن هذه الوعود ذهبت ادراج الرياح عند التصويت الفعلى الذى كان لصالح روسيا.. وإذا كان الانجليز قد ارجعوا عدم اختيار الفيفا لبلادهم إلى الاتهامات السابقة لبعض وسائل الاعلام البريطانية لأعضاء فى اللجنة التنفيذية للفيفا ببيع اصواتهم لبعض الدول التى تتنافس على استضافة كأس العالم وهى الاتهامات التى أدت إلى تعليق عضوية اثنين من اعضاء اللجنة فان انجلترا تناست ما اصاب سمعتها من ضرر نتيجة الانسياق الاعمى لرئيس الوزراء البريطانى الاسبق تونى بلير وراء بوش الابن فى مغامراته فى غزو العراق والحرب ضد الارهاب وأفغانستان وما تبعها من فضيحة تعذيب جنود بريطانيين للمساجين العراقيين على غرار شركائهم الامريكيين، وإذا كان بلير قد دفع منصبه ثمنا لتبعيته للحليف الامريكى وإذا كان الانجليز قد عاقبوا حزبه العمال بإخراجه من 10 داوننج ستريت فقد جاء الوقت لانجلترا ان تدفع ثمن ما ارتكبه رئيس وزرائها الأسبق.. إذا كانت واشنطن ولندن مازالتا تبحثان عن سبب فشل ملفيهما لاستضافة المونديال فعليهما ان يسألا تونى بلير وبوش الابن فعندهما الاجابة الصحيحة، وعلى أوباما وكاميرون وكل دولة تظن انها تستطيع بقوتها ان تحدد مقادير العالم ان تتعلم من الصفعة الكروية التى جاءت هذه المرة من « الفيفا» أكثر الامبراطوريات شعبية فى الكرة الأرضية!.