اتسعت الروافد التى تستمد منها السينما موضوعاتها، فمن القصص المصورة «الكوميكس» إلى الفيديو جيم، ومن الحوادث الحقيقية إلى الروايات والمقالات، ومن المذكرات الشخصية إلى كتب الرحلات أصبحنا أمام «موزاييك» مدهش وملون. والفيلم الأمريكانى البريطانى الألمانى المشترك «Resident evil, after life» الذى عُرِّض تجارياً فى الصالات المصرية تحت عنوان «مملكة الشر.. بعد الموت» هو الجزء الرابع من سلسلة أفلام تعتمد على إحدى ألعاب الفيديو الشهيرة التى حققت رواجاً ضخماً، بطلة اللعبة والأفلام اسمها «أليس»، أما الجديد هذه المرة فإن مؤلف ومخرج الفيلم «بول أندرسون» قرر أن يقدم مغامرة بطلته الجميلة من خلال تقنية البعد الثالث التى أصبحت حمّى عالمية بعد النجاح الجماهيرى والفنى الذى حققه فيلم «آفاتار» للمخرج «جيمس كاميرون». «مملكة الشر» فى نسخته الرابعة عمل تجارى متقن الصنع ولا ينقصه الإبهار ويحاول أن يكون مخلصاً لصناعة الأفلام، ويحاول أيضاً أن يقدم التحية لعالم الفيديو جيم حيث المغامرة والحركة المستمرة، ولكن ما أعجبنى بشكل خاص أن المخرج والمؤلف «بول أندرسون» قدم مزيجاً جيداً من الأفلام بفهم وبدرجة عالية من الوعى، وظل طوال الوقت قادراً على استخدام إمكانات البعد الثالث، وموظفاً طوال الوقت قادراً على الإبهار لصالح حكايته التى لا تدعى أى شىء إلا إدانة التجارب العلمية العشوائية تماماً التى تجرى أحياناً على البشر، أما المزيج أو الخلطة المقدَّمة فهى تجمع بين الأكشن والتشويق والرعب وعالم الخيال العلمى، والحكاية عن بطلتنا المعتادة «أليس» التى تكاد تجمع بين جمال الأنثى وشراسة الرجل. إنها تقريباً المزيج المعقد لإنسان الألفية الثالثة. لا تحتاج ألعاب الفيديو جيم أن تقدم تاريخاً للشخصيات، وإنما ترسم لها صفة عامة تتحرك على أساسها من خلال سيناريو صارم: «أليس» فى النسخة الرابعة من «مملكة الشر» تتمرد على شركة «أمبريللا» التى تجرى تجارب فيروسية خطيرة على البشر، وتقوم بتدمير مقر الشركة الرئيسى فى اليابان. بعد سنوات تظهر آثار كارثة التدمير بالقضاء تقريباً على الجنس البشرى. الجميع ماتوا ثم عادوا للحياة كائنات مشوّهة ومتوحشة تعرفها أفلام الرعب باسم «الزومبى»، وسيكون على «أليس»- ربما تكفيراً عن تسببها بشكل غير مباشر فى الدمار أن تحاول إنقاذ حفنة من البشر، وأن تحملهم إلى سفينة ضخمة، ربما هى سفينة نوح العصرية، لتكتشف فى النهاية أن السفينة تخص أيضاً شركة «أمبريللا» الذين لم يتوقفوا عن تجاربهم اللا أخلاقية حتى بعد موت البشر. ورغم أن سينما البعد الثالث مزعجة إلى حد كبير لأنها تقدم صورة غير معتادة للعين، إلاّ أن المخرج «بول أندرسون» نجح بدرجة واضحة فى استغلال إمكاناتها فى مشاهد الحركة والرعب، فالأشياء تتحرك مباشرة إلى عين الكاميرا فيصبح التأثير مضاعفاً، والحركة البطيئة وإيقاف الصورة وموسيقى شريط الصوت المتكررة تجعلنا نتذكر طوال الوقت أن عالم الفيديو جيم المسلِّى قد أصبح الآن بين يديك على شاشة ضخمة بيضاء.