بينما تنفى الحكومة العراقية المنتهية ولايتها وبعض قادة الصحوة ما أوردته مؤخرا بعض التقارير الصحفية بخصوص عودة بعض عناصر الصحوة إلى القاعدة فى ظل الاحباط من ممارسات الحكومة العراقية التى يتزعمها الشيعة والضغوط التى يمارسها عليهم تنظيم القاعدة نفسه، أكدت وثائق سرية صحة هذه المعلومات مما يهدد بتدهور الوضع الأمنى فى العراق. وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قد كشفت بحسب ما أفاد به مسئولون عراقيون ومسلحون وأعضاء حاليون وسابقون فى مجالس الصحوة أن مئات من أعضاء مجالس الصحوة الذين سرحوا بأعداد كبيرة خلال الأشهر الأخيرة التحقوا مجددا بتنظيم «القاعدة فى بلاد الرافدين»، وأن حتى مقاتلى الصحوة الذين ما زالوا يتقاضون رواتبهم من الحكومة العراقية ربما يكون الآلاف منهم يساعدون المسلحين فى السر. فخلال مقابلة أجريت معه قال بكر كرخى، وهو قيادى فى الصحوة بديالى، إن قرابة 24 من مقاتليه عادوا للانضمام إلى تنظيم القاعدة خلال الأسابيع القليلة الماضية. كما أكد رجل عرف نفسه بأنه عضو فى تنظيم «القاعدة فى بلاد الرافدين» أن عملية تجنيد أعضاء الصحوة المنشقين حققت نجاحا فى بعقوبة، عاصمة محافظة ديالى، مشيرا إلى أن الكثيرين ممن يطلقون على أنفسهم الصحوة يشعرون بالندم، ويعتقدون أنهم أخطأوا عندما ساعدوا المحتلين وقد عادوا حاليا إلى القاعدة، قائلا إن العدد يزداد كل يوم. ومجالس الصحوة تشكلت عام 2006، عندما نجح قائد القوات الأمريكية فى ذلك الوقت الجنرال ديفيد بترايوس فى اقناع مسلحى العشائر السنية بالتحول من صفوف من قاتلوا القوات الأمريكية بعد الغزو إلى مقاتلة التنظيمات الجهادية المسلحة وفى مقدمتها تنظيم القاعدة. وظلت مجالس الصحوة تتقاضى رواتبها من الجيش الأمريكى قبل أن يتم تحويل المسئولية عنها إلى الحكومة العراقية مطلع عام 2009 مع وعود بتجنيد 20% منهم فى قوات الأمن العراقية وتوظيف الباقين فى الإدارة، إلا أن المجموعة حسبما يقول قيادات من الصحوة تعرضت للتهميش من جانب الحكومة مما يدفع باتجاه عودتهم إلى صفوف الجماعات المسلحة، حيث قامت الحكومة بمصادرة أسلحتهم، وتجريد بعض المقاتلين من رتبهم، وكذلك خفض رواتب بعض قيادات الصحوة. كما يشكو رجال الصحوة من ممانعة الحكومة لتشغيل المزيد منهم فى قوات الجيش والشرطة، ومن تأخر الحصول على رواتبهم. فمع مطلع يوليو كان أقل من نصف المقاتلين التابعين لحركة الصحوة - 41 ألفاً من أصل 94 ألفاً قد عُرضت عليهم وظائف من جانب الحكومة، بحسب ما تفيد به وزارة الدفاع الأمريكية، وكانت نسبة كبيرة من هذه الوظائف مؤقتة وتتضمن أعمالا وضيعة، فالحكومة لم تتعاقد إلا مع نحو 9 آلاف فقط من أفراد الصحوة ليعملوا مع القوات الأمنية، وأرجع مسئولون ذلك إلى قيود فى الميزانية. وخلال ال4 أشهر الماضية، أصبحت الأجواء مشحونة بشكل خاص بعدما وجد أعضاء الصحوة أنفسهم محصورين بين قوات الأمن العراقية التى اعتقلت مئات من الأعضاء الحاليين والسابقين بتهمة ارتكاب أعمال إرهابية مؤخرا، والهجمات الوحشية لتنظيم القاعدة نتيجة لعدم توفير الحماية لهم. فمنذ يناير ألقى القبض على أكثر من 90 من مقاتلى الصحوة داخل ديالى للاشتباه فى ضلوعهم فى أعمال إرهابية، بحسب ما تقوله السلطات. وخلال الفترة نفسها، قتل أو أصيب نحو 100 من عناصر الصحوة على يد تنظيم القاعدة، بحسب ما ذكرته حركة الصحوة. وتقر الشرطة بأن نحو نصف من ألقى القبض عليهم أطلق سراحهم فيما بعد لغياب الأدلة، ما يعزز مزاعم الصحوة بتعرض عناصرها لمضايقات. ومن جهتها ، نفت وزارة الدفاع العراقية أن يكون اهمال الحكومة قد تسبب بتحول عدد من قادة الصحوة للتعاون مع تنظيم القاعدة، حيث أكد الناطق باسم الوزارة اللواء محمد العسكرى فى بيان صحفى أن الحكومة متمسكة بهؤلاء كأبناء صالحين ولم ولن تتخلى عنهم طالما هم ضمن الحشد الوطنى الذى يسهم فى استتباب الأمن، وأشار الى فتح مركز فى قيادة القوات البرية لتنسيق عمل الصحوات وتثبيت أسمائهم وأماكن عملهم.. ومن جهة أخرى، نفى عدد من قادة الصحوات فى العراق فى حديث مع شبكة سى إن إن ما ورد فى تقرير النيويورك تايمز حيث قال الشيخ حسام المجمعي، الذى يقود أكثر من 13 ألفاً من أفراد الصحوة فى ديالى: «يستحيل أن ينضم عناصرنا للقاعدة تحت أى ظرف، لأن المبادئ التى يتميزون بها والأهداف التى وضعوها أمامهم تتمثل فى مطاردة هذا التنظيم فى العراق»، مقرا بأن 150 عنصراً فى ديالى «غادروا صفوف الصحوة»، لكنه أكد أن هؤلاء يعملون اليوم فى مهن عادية، وقد عاد معظمهم لممارسة الزراعة. كما نفى بدوره الشيخ حمد الجبوري، وهو قائد الصحوات فى محافظة صلاح الدين هذه المعلومات. وفى غضون ذلك، أكدت الوثائق السرية عن حرب العراق والتى تم تسريبها مؤخرا ويعود تاريخها إلى أواخر 2008 و2009 التوتر المحتدم الآن بين الحكومة العراقية وما تبقى من ميليشيات الصحوة. وبحسب الوثائق التى ترى أنه كان مفترضا من الحكومة العراقية أن تجد وظائف فى الدولة لكل هؤلاء البالغ تعدادهم تسعين ألف عنصر تقريبا، فإن تنظيم القاعدة فى بلاد الرافدين سعى بدوره لاستغلال الوضع المالى الهزيل للعديد من عناصر الصحوات.