الفوضى تجتاح العالم.. الخطر يحيق به من كل جانب والذعر يسيطر عليه.. العالم يبدو وكأنه يرقص على سطح صفيح ساخن.. ليس من الفرح والسرور بالطبع وإنما لنفس الأسباب التى من أجلها يرقص المذبوح.. الألم والذعر الخوف!.. ويبدو لافتا للنظر أن مشاهد الفوضى المرعبة التى يرقبها العالم بخوف وقلق تتوالى وراء بعضها.. كأن هناك آلة عرض سينمائية واحدة تعرضها كلها فى توقيت واحد!.. مجزرة ((سيدة النجاة )) فى يوم واحد وخلال ساعتين اثنتين فقط قتل 52 عراقياً وجرح 71 آخرون معظمهم فى حالة خطيرة.. القتلى والجرحى وقعوا ضحايا أثناء قيام الشرطة العراقية بتنفيذ عملية لتحرير رهائن محتجزين داخل كنيسة «سيدة النجاة» للسريان الكاثوليك بحى الكرادة فى وسط بغداد. الإرهابيون الذين احتجزوا الرهائن داخل الكنيسة كانوا يقودون سيارتين مفخختين قبل أن يقتحموا الكنيسة لحظة تجمع المئات داخلها لحضور قداس الأحد.. وقد هدد هؤلاء الإرهابيون بقتل كل الرهائن فى حال قيام القوات العراقية بمحاولة تحريرهم.. المثير للدهشة أن الإرهابيين حاولوا إقحام اسم مصر فى هذه العملية القذرة.. فأصدروا بياناً أعلنوا من خلاله أنهم يمهلون الكنيسة القبطية المصرية 48 ساعة للإفراج عمن زعموا أنهن مسلمات أسيرات فى سجون الأديرة المصرية!.. ليس خافيا أن الإرهابيين الذين ينتمون لتنظيم القاعدة يستهدفون زعزعة استقرار وأمن مصر، فالزعم بأن هناك مسلمات أسيرات فى الأديرة المصرية يمكن أن يشعل نيران الفتنة الطائفية خاصة إذا ما كانت تهديدات الإرهابيين جادة وحاولوا بالفعل ضرب بعض الكنائس فى مصر.. وإذا كان رجال الدين المسيحى والإسلامى فى مصر سارعوا بالرد على تهديدات الإرهابيين مؤكدين تمسكهم بالوحدة الوطنية.. وإذا كانت أجهزة الأمن فى مصر قد أخذت تهديدات الإرهابيين على محمل الجد وقامت بمراجعة وتنشيط إجراءات حماية الكنائس المصرية.. فإن المسألة كان لها مردودها على مستوى العالم الذى بدأ يشعر بالقلق بعد حادث اقتحام الكنيسة فى بغداد وتهديد الإرهابيين للكنائس المصرية.. وبعد أن أعلن تنظيم القاعدة فى العراق أن المسيحيين فى كل أنحاء العالم.. أهداف مشروعة للمجاهدين!.. ويظهر هذا القلق خلال اجتماع مجلس الكنائس العالمى فى جنيف والذى يشارك فيه رجال دين إسلامى ومسيحى بهدف الحوار من أجل السلام العالمى.. حيث طالب الأمين العام لمجلس الكنائس العالمى الحكومات الإسلامية بالتصدى للتهديدات وحماية المسيحيين من رعاياها داخل بلادهم!.. وهكذا كان المشهد.. دماء فى بغداد وحذراً وترقباً فى القاهرة ومخاوف فرضت نفسها على دول العالم خشية أن تتكرر المجزرة فى أية دولة أخرى.. ولابد أن هناك من له مصلحة فى ذلك!.. *** طرود الموت تفتح أبواب الجحيم فجأة تحولت مطارات العالم إلى ثكنات عسكرية.. جنود وضباط ورجال أمن وخبراء مفرقعات!.. السبب اكتشاف طردين ملغومين فى بريطانيا ودبى قادمين من اليمن ومسافرين إلى الولاياتالمتحدة!.. طرود الموت بدأت تتوالى على عدد كبير من مطارات العالم.. فى مطار بولونيا الإيطالى انفجر طرد ملغوم كان موجها إلى رئيس الوزراء سيلفيو برلسكونى.. قبل الحادث بيومين تم اكتشاف طردين ملغومين كانا فى طريقهما للرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.. فى أثينا أوقفت السلطات اليونانية خدمة البريد الجوى مع الخارج لمدة 48 ساعة وذلك للقيام بإجراءات فحص دقيقة لكل رسائل البريد والطرود القادمة من الخارج.. بعد أن تم العثور على 12 طردا مفخخا انفجر بعضها فى 4 سفارات أجنبية فى العاصمة اليونانية أثينا.. الرعب من طرود الموت سيطر على العالم كله وكان الموضوع الرئيسى على جدول أعمال مؤتمر الاتحاد الدولى للنقل الجوى (الآياتا) الذى عقد فى مدينة فرانكفورت الألمانية.. الرعب الأكبر من التداعيات التى يمكن أن تحدث وأخطرها احتمال تدخل الولاياتالمتحدة عسكريا!.. الرئيس الأمريكى أوباما أعلن فى أعقاب اكتشاف الطرود القادمة من اليمن فى طريقها للولايات المتحدة أنه سيبذل قصارى جهده للقضاء على تنظيم القاعدة فى اليمن.. كلام الرئيس الأمريكى يفتح الباب لاحتمال قوى.. احتلال أمريكا لليمن كما احتلت من قبل العراق!.. خاصة أن هناك مؤشرات قوية على قيام الإدارة الأمريكية بتجهيز المسرح العالمى لعملية غزو جديدة!.. العالم لا يزال يدفع ثمن غزو العراق وتدميره.. منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد تعيش فوق بركان ساخن على وشك الانفجار.. فما الذى يمكن أن يحدث فيما لو تكرر سيناريو العراق فى اليمن؟.. ما الذى يمكن أن يحدث لو قامت الولاياتالمتحدة باحتلال اليمن والسيطرة على البحر الأحمر؟ يجب ألا ننسى أن إدارة الرئيس أوباما تواجه متاعب داخلية كثيرة وتحتاج إلى عمل من هذا النوع تستعيد به ما فقدته من شعبية على امتداد الفترة الماضية لأسباب كثيرة.. وهكذا يفرض المشهد نفسه على العالم.. مخاوف حقيقية من تكرار كارثة العراق فى بلد عربى آخر.. كل ذلك بسبب طرود الموت.. مرة أخرى لابد أن هناك من له مصلحة فى ذلك!.. *** السودان.. صراع الجنوب والشمال قبل أكثر من 6 سنوات كان السودان على وشك الانفجار بسبب صراع الشمال والجنوب.. الأطراف المتصارعة احتكمت فى النهاية إلى العقل فوافقا على اتفاق نيفاشا الذى حدد فترة ست سنوات كمهلة لحل الخلافات بين أطراف الصراع يعقبها إجراء استفتاء فى الجنوب يتم خلاله تحديد مصير الجنوب.. إما الوحدة وإما الانفصال. السنوات الست المهلة على وشك الانتهاء حيث من المقرر إجراء الاستفتاء فى شهر يناير القادم.. لكن الشمال يطلب تأجيل الاستفتاء لأن اتفاق نيفاشا اشترط حل القضايا الخلافية بين طرفى الصراع خلال مهلة السنوات الست وقبل إجراء الاستفتاء.. القضايا الخلافية كثيرة أهمها تقاسم الثروة وترسيم الحدود بالإضافة لقضايا أخرى مثل الهوية وحرية التنقل والتملك وغيرها.. والأمر المؤكد أن إجراء الاستفتاء قبل حل هذه الخلافات.. خاصة أن كل المؤشرات تؤكد أن الاستفتاء يسير فى طريق الانفصال.. الأمر المؤكد أن الحرب الأهلية قادمة لا محالة!.. المشكلة أن الجنوب كله لا يريد الانفصال وإنما الذى يقف وراء الانفصال ويحرض عليه الحركة الشعبية التى يقودها سلفاكير.. أى أن النوايا ليست حسنة.. وهناك من هم مستعدون لمساندة هذه النوايا «غير الحسنة» وتدعيمها.. وإشعال السودان والمنطقة كلها.. وفى كل الأحوال سيكون العنف هو سيد الموقف وستحاول بعض القوى التى يهمها تقسيم السودان أن تتدخل.. كما أن دول الجوار ومنها مصر ستتأثر.. المشهد ينذر بكارثة فى المنطقة.. وهناك بالتأكيد من يسعى لحدوث ذلك!.. *** ليس من قبيل المصادفة أن تحدث كل هذه الاضطرابات فى توقيت واحد.. ليس من قبيل المصادفة أن تشتعل النار فى كل هذه المناطق.. ولابد أن الفاعل واحد.. فإذا أردنا البحث عنه فسوف نجد أن المنطق يقودنا إليه.. والمنطق يقول إن إسرائيل فى مأزق حقيقى.. العالم كله يستنكر استمرارها فى سياسة الاستيطان بينما المفترض أنها تتفاوض مع الفلسطينيين.. الولاياتالمتحدة تضغط عليها.. أوروبا تستنكر سياستها وتمارس ضغوطها.. مصر تسعى بقوة من خلال اتصالاتها بأوروبا وأمريكا لإرغام إسرائيل على التخلى عن سياستها والسير بجدية فى طريق السلام.. الحل الوحيد لخروج إسرائيل من هذا المأزق هو إغراق المنطقة والعالم كله فى مشاكل ومتاهات تشغله عن قضية المفاوضات والاستيطان والضغط على إسرائيل.. إسرائيل شرعت فى بناء 4900 وحدة استيطانية فى القدس خلال الشهر الماضى الذى شهد انطلاق عملية المفاوضات.. وإسرائيل يهمها أن تشغل العالم حتى تنتهى من خطتها الاستيطانية وتبتلع ما تبقى من الأراضى الفلسطينية.. الولاياتالمتحدة أكبر عقبة أمام إسرائيل بعد أن تغيرت سياسة الإدارة الأمريكية.. فلابد من تغيير هذه الإدارة.. وأول خطوة فى هذا الطريق هى خسارة انتخابات الكونجرس التى تزيد من احتمالات عدم انتخاب الرئيس أوباما مرة أخرى.. وحتى يحدث ذلك تحتاج إسرائيل إلى الوقت.. فتشغل أمريكا وتشغل العالم كله فى مشاكل وقضايا تبعده عن قضية السلام وتجنبها دفع ثمنه!.. *** يقول المثل الفرنسى: عند وقوع جريمة فتش عن المرأة.. وقد علمتنا التجارب وعلمنا التاريخ أن كل مصائب العالم وراءها الصهيونية ووراءها إسرائيل.. فهل يمكن أن نستعين بروح المثل الفرنسى ومنطقه ونقول: عند وقوع مصائب وكوارث فى عالم السياسة.. فتش عن إسرائيل؟!..