وجه أبيض بياض السحاب.. شفاه زرقاء.. جسد نحيف.. ضعيف.. الساقان غير قادرتين على حمل الجسد، بالرغم من وزنها الضئيل.. تسمع صوت أنفاسها متحشرجة فى الدخول والخروج.. دخلت تجر ساقها اليسرى أشفقت عليها شعرت أنها معرضة للسقوط وخاصة أنها غير قا درة على تحريك ذراعها اليسرى أيضا مما أكد لى أنها مصابة بشلل نصفى أيسر.. جلست سريعا تحاول أن تلتقط أنفاسها.. ولكنها لم تستطع ذلك بسهولة وكأنها كانت تجرى لمسافة كبيرة.. لم يكن هناك مفر من أن تحكى حكايتها مع الزمان.. حكاية كل امرأة ضعيفة عندما تسقط فريسة للمرض وتصبح كمن ليس له أى لزوم لمن حوله.. الحروف تخرج بصعوبة من بين شفتيها.. صوتها غير مسموع.. تقول: منذ كنت طفلة وأنا محبوبة من جميع أفراد أسرتى وجيرانى.. الجميع يرانى البنت المطيعة.. الرقيقة وبدأت علامات الإنوثة تظهر علىّ.. وبدأ العرسان يدقون الباب يطلبون الود.. وكان هذا الود من نصيب صاحب النصيب الذى يعمل ميكانيكيا.. فرح أبى لأنه رجل مقتدر ولديه ما يحقق به السعادة لى.. وما هى إلا شهور وانتقلت من بيت أبى إلى بيت زوجى وتحولت حياتى إلى الفرح بعد أن حملت وكان زوجى أكثر سعادة إلى أن رزقنا الله ببنت وشعرت بعدم رضى زوجى وظهر ذلك فى كلامه وحركاته، فهو كان يتمنى الولد.. وبناء على طلبه حملت مرة أخرى وهنا رزقنا الله بالولد الذى كان يتمناه، ومرت شهور جميلة أيامها كلها صفاء، ولم يكن يعكر هذا الصفاء إلا شعورى بالتعب من حين إلى آخر.. ولم تمر شهور قليلة إلا وحملت للمرة الثالثة وبدأ يظهر التعب بصورة يومية، وكانت أعراضه غريبة ضيق بالنفس.. نهجان مع أى مجهود.. إغماء.. لم أخبر زوجى خوفا من أن أعكر صفو الحياة معه.. تحاملت على نفسى كثيرا حتى رزقنا الله بالولد الثانى وكانت ولادته صعبة، وأصبت بهبوط حاد ولولا عناية الله لصعدت روحى إلى بارئها وطلبت منى الطبيبة التى قامت بالولادة أن أعرض نفسى على طبيب أخصائى قلب، لأنها تؤكد أننى مصابة بمرض بالقلب واحتاج إلى رعاية خاصة.. ولكننى لم اهتم إلا أن جاء يوم سقطت مغشية علىّ لم يكن هناك بد من الذهاب إلى المستشفى، وفحصنى الطبيب وطلب رسم قلب وتحاليل حتى يشخص المرض على أساس سليم.. وكانت رحلة طويلة.. قاسية.. انتقلت فيها من طبيب إلى طبيب ومن مسشتفى إلى آخر، فقد أكد الجميع أننى مصابة بضيق بالصمام الميترالى أدى إلى تضخم بالأذنين وهناك بؤرة كهربائية بالقلب وأننى فى حاجة لإجراء عملية كى للضفيرة الكهربائية بالقلب وأننى فى حاجة إلى الراحة والسكينة، وخلال رحلة العلاج بدأت أشعر ببعد زوجى عنى وتغيبه عن المنزل وإهماله لى ولأطفالى وعدم تحمله مسئولية ذهابى إلى الطبيب وتنقلى من عيادة إلى مسشفى وكنت أسأل عنه ولا أجد إجابة شافية من أهلى أو من جيرانى.. وبدأت المشاجرات والمشاحنات بيننا ومن خلال إحدى هذه المشاحنات سقطت مغشية علىّ، وعندما أفقت لم أستطع تحريك ساقى وذراعى الأيسر حملنى الأهل إلى الطبيب وتم فحصى وإجراء أشعة مقطعية أثبتت أننى أصبت بجلطة بالمخ أثرت على النصف الأيسر من الجسد بسبب ارتفاع ضغط الدم وهرب الزوج حتى لا يتحمل مصاريف العلاج، وأصبحت وحيدة ليس لى فى الدنيا سوى أولادى الثلاثة.. حاولت عن طريق الأهل والجيران إقناع زوجى بالوقوف جانبى ومساعدتى أو حتى تحمل مسئولية أولاده إلا أنه كان يرفض مما أثر على صحتى وهذا أدى إلى أصابتنى بجلطات متكررة بالمخ وأصبحت لا حوة لى ولا قوة.. وزاد علىّ المرض سنوات من الهم والغم ليس لى دخل سوى 350 جنيها هى كل معاشى عن والدى وهذه الجنيهات لا تكفى مصاريف أولادى الثلاثة ومواجهة مصاريف علاجى.. حاولت مطالبة زوجى بتحمل تكاليف تعليم الأولاد ولكنه رفض طلبت منه الطلاق ولكن طلب المقابل وهو الإبراء والتنازل عن جميع حقوقى الشرعية وكان له ما أراد فأنا لا أستطيع أن أظل زوجة له على الورق فقط، وأتركه يهرب من مسئوليته والآن معاش والدى لا يكفى.. فهل أجد من يقف بجانبى، فمن يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية؟.