حملت الزيارة الرسمية التى قام بها الرئيس السورى بشار الأسد إلى طهران ولقاؤه مع نظيره الإيرانى فى طياتها العديد من الدلالات والدوافع ذات الأهمية بالنسبة للبلدين بل وللعديد من دول منطقة الشرق الأوسط. وجاءت زيارة الأسد قبل أيام من زيارة مماثلة ينوى الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد القيام بها منتصف الشهر الجارى إلى لبنان، وهو ما يجعل توقيتها بالغ الأهمية وخصوصا فى ظل حالة الاحتقان التى تعيشها الساحة السياسية اللبنانية حاليا فى ظل تراشق إعلامى وسياسى جراء ما يسمى بملف شهود الزور فى قضية مقتل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريرى بالإضافة إلى رفض حزب الله تمويل المحكمة الدولية التى يتوقع أن تصدر قرارا ظنيا يتهم بعض عناصر الحزب بالتورط فى الجريمة. أضيف إلى ذلك أن زيارة الرئيس السورى لإيران جاءت بعد أقل من أسبوع من لقاء وزيرة الخارجية الأمريكية مع نظيرها السورى وليد المعلم، وكذلك عقب لقاء الأسد مع المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط جورج ميتشيل، ومع استمرار واشنطن فى محاولاتها لجذب سوريا خارج نطاق التأثير الإيرانى منذ وصول الرئيس أوباما إلى البيت الأبيض، كل هذا يجعل من تأكيد الرئيسين الإيرانى والسورى على تعزيز حلف طهران - دمشق أمرا طبيعيا جدا فى ظل قلق إيران من التقارب الأمريكى السورى، وحرص دمشق على عدم التأثير على استمرار الدعم الكبير لحزب الله فى لبنان بمساندة إيرانية مباشرة باعتباره أداة رئيسية للمقاومة ضد إسرائيل. ولم يكن الملف العراقى بعيدا عن اهتمامات الرئيسين الإيرانى والسورى وبصفة خاصة بعد زيارة إياد علاوى زعيم ائتلاف القائمة العراقية لدمشق قبل أيام من توجه الأسد لطهران، وطلب علاوى بمنتهى الوضوح أن يتدخل بشار الأسد لدى إيران لمنعها من التدخل فى عملية تشكيل الحكومة العراقية المتعثرة منذ شهور طويلة، وهو ما اتفق بشار ونجاد عليه فى مباحثاتهما فى طهران حيث أكدا على حرصهما على وحدة العراق وسيادته واستقلاله وأعلنا دعمهما تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل كل أطياف الشعب العراقى وتتمتع بعلاقات طيبة مع جميع دول الجوار. ورغم علامات الاستفهام التى يوجهها البعض لأسباب التقارب بين نظام علمانى فى دمشق وآخر دينى متشدد فى طهران، بدا حرص نجاد وبشار الأسد كبيرا على الاستمرار فى دفع وتطوير العلاقات السورية الإيرانية والتى أكدتها هذه الزيارة التى قام بها يشار لطهران وهى الخامسة له منذ تولى أحمدى نجاد الحكم. وتتبادل الدولتان بصورة مستمرة الزيارات على مستويات مختلفة بين المسئولين كل هذا بهدف الحفاظ على التحالف بين دمشقوطهران والذى تعززه مخاوف مشتركة من الطرفين من حدوث تغير فى خريطة المعادلة السياسية فى المنطقة.