سعر الدولار اليوم الجمعة 27-9-2024 في البنوك    أسعار الخضراوات والفواكه اليوم بكفر الشيخ.. البطاطس ب 25 جنيهًا    «مياه الشرقية» تنظم حملات توعية لترشيد الاستهلاك في مهرجان الخيول العربية    مواعيد غلق المحال الجديدة بداية من اليوم    عاجل.. سماع دوي صافرات الإنذار واعتراض القبة الحديدية رشقة صواريخ فوق حيفا    استشهاد 9 مدنيين من عائلة واحدة بغارة إسرائيلية استهدفت منزلهم في بلدة شبعا جنوب لبنان    «البعثة الأممية لحقوق الإنسان»: 2.7 مليار دولار قيمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل    وليد صلاح عبد اللطيف: الأهلي أفضل فنيا من الزمالك    مصرع وإصابة 4 إثر انقلاب سيارة بترعة بالشرقية    عاجل.. اعرف حالة الطقس اليوم.. شديد الحرارة على بعض المناطق    فيلم عاشق على القمة.. تعرف على إجمالي إيراداته في 16 ليلة عرض (بالأرقام)    ما حكم الجمع بين الصلوات لعذر؟ الإفتاء تجيب    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. نور ورحمة وحفظ وتقرب إلى الله    دعاء للوالدين المتوفين يوم الجمعة.. «اللهم أبدلهما دارًا خيرًا من دارهما»    عاجل.. «الغرف السياحية»: لا تغيير في مواعيد عمل المطاعم والمنشآت خلال الشتاء    "خناقة أشقاء".. طلب التحريات في مصرع فتاة قفزت من علو بالهرم    السوبر الإفريقي، الخطيب يدعم بعثة الأهلي قبل صدام الزمالك الليلة    مواعيد مباريات الجمعة 27 سبتمبر 2024 والقنوات الناقلة.. الأهلي ضد الزمالك    «الأوقاف» تفتتح اليوم 14 مسجداً بالمحافظات    موعد مباراة النصر والوحدة في الدوري السعودي والقناة الناقلة    ماس كهربائي السبب.. المعمل الجنائي يعاين حريق مطعم بالدقي    مجلس جامعة الوادي الجديد يتخذ قرارات مهمة لانضباط العملية التعليمية    أسعار حفل أنغام في المتحف المصري الكبير الشهر المقبل    محافظ المنيا يسلم 105 عقود تقنين ويؤكد: لا تراجع عن سحب الأراضي من المتقاعسين    سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم في البنوك    7 مميزات لمشروع مترو الإسكندرية.. فرص عمل وتنشيط السياحة الداخلية    مصر تحصد جوائز مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي في دورته ال14    أمين حلف «الناتو» يدعو لشراكات أقوى مع دول الخليج في خضم التطورات الراهنة    فلسطين.. شهيدان وإصابات جراء قصف طيران الاحتلال لمنزل غرب مدينة غزة    وزير الخارجية اللبناني يدعو لتدخل الدولي ووقف إطلاق النار    «مركز وحيد يضبط إيقاع الفريق».. نجم الزمالك السابق يكشف نقاط قوة الأهلي قبل مواجهة السوبر الأفريقي    وزير التعليم: مفيش مدرس هيخاف من طالب تاني    طريقة عمل المبكبكة، لغداء سريع التحضير واقتصادي    «صباغ» يبحث في نيويورك مع عدد من نظرائه التعاون الثنائي والتصعيد الإسرائيلي بالمنطقة    وزير خارجية الأردن: إسرائيل أطلقت حملة لاغتيال وكالة «أونروا» سياسيًا    وزير التعليم: الموجودون في مصر يدرسون منهجنا ولا مجال للكيانات الأخرى    خالد الجندي: لهذه الأسباب حجب الله أسرار القرآن    تسكين طلاب جامعة الأقصر بالمدن الجامعية    لمدة 10 أيام.. طالبة تروي تفاصيل احتجازها بالمدرسة بسبب حضورها حفلة خارجية    حسام حسن: من الصعب توقع مباراة القمة.. وصفقات الأهلي والزمالك قوية    فنربخشه يعبر سانت جيلواز بالدوري الأوروبي    غلق كلي للطريق الدائري القادم من المنيب اتجاه وصلة المريوطية لمدة 30 يوما.. اليوم    برج الحوت.. حظك اليوم الجمعة 27 سبتمبر 2024: أنت محظوظ في الحب    مصدر: الأمن يفحص فيديوهات تحرش أطباء بالمرضى| خاص    صحة المنوفية: تكثف العمل بجراحات المفاصل الصناعية بمستشفى شبين الكوم    أحمد العوضي يشيد ب تامر حسني: «ممثل هايل».. والأخير يرد    سر رفض عاطف بشاي ورش الكتابة في الأعمال الفنية.. أرملته تكشف (فيديو)    مواعيد إجراء الكشف الطبي لطلاب وطالبات المدن الجامعية بجامعة جنوب الوادي    سعر التفاح والخوخ والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 27 سبتمبر 2024    بعد سحب ضابط مطاوي على الأهالي .. داخلية السيسي تضرب الوراق بالقنابل والخرطوش والقناصة!    توضيح من معهد تيودور بلهارس للأبحاث بشأن وحود مصابين بالكوليرا داخله    عالمة فلك تكشف توقعاتها لنتيجة السوبر الإفريقي بين الأهلي والزمالك (فيديو)    د.حماد عبدالله يكتب: أنا وانت ظلمنا الحب    الأنبا مرقس يترأس الاحتفال بعيد الصليب والقديس منصور بالقوصية    استشهاد النقيب محمود جمال ومصرع عنصر إجرامي في تبادل إطلاق النيران بأسوان    آثار الحكيم حققت النجومية بأقل مجهود    أفضل الطرق لمنع فقدان العضلات مع تقدم العمر.. نصائح للحفاظ على قوتك وصحتك    أحمد الطلحي: سيدنا النبي له 10 خصال ليست مثل البشر (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل حقا لا يستطيع أن يعيش بدونها؟
نشر في أكتوبر يوم 26 - 09 - 2010

جاء لاستشارتى رجل فى الثلاثين من عمره يعانى اكتئابا حادا، فزوجته هجرته ومعها طفلاهما قبل ثلاثة أيام. قال: إن زوجته كانت تشكو من إهماله لها وللطفلين، وتهدده مرارا بالرحيل، وفى كل مرة كان يقر لها بخطئه ويعدها بأنه سيتغير، ولكن تغيره ما كان ليستمر أكثر من يوم، ثم يعود لسيرته الأولى، وفى هذه المرة نفذت الزوجة تهديدها وتركته ورحلت. لم يغفل للرجل جفن لليلتين، وكان يرتعش من القلق، وتنهمر الدموع من عينيه بغزارة وراودته فكرة الانتحار بقوة. قال لى وهو يبكى «لا أستطيع أن أعيش بدون أسرتى، أنا أحبهم للغاية».
قلت له: «هناك شىء يحيرنى، فقد قلت لى: إن شكوى زوجتك فى محلها، وأنك لا تفعل أى شىء لأجلها، وأنك تعود للبيت وقتما يحلو لك، وأنك لم تكن معجبا بها عاطفيا أو جنسيا، وأنك حتى لم تكن تتحدث لطفليك لمدة شهور، ولم تكن تلعب معهما أو تأخذهما للفسحة فى أى مكان، أنت لم تكن لك أى علاقة بأفراد أسرتك، وأنا لا أفهم لماذا أنت مكتئب الآن إلى هذا الحد بخسرانك لعلاقة لم تكن موجودة أصلا؟». أجابنى وهو فى غاية التأثر «ألا ترين ما أنا عليه الآن؟.. أنا لا شىء.. ليس لى زوجة.. وليس لى أطفال.. أنا لا أعرف من أنا.. قد يكون صحيحا أنى لا أفعل شيئا من أجلهم ولكن لابد أنى أحبهم وأنى بدونهم لا شىء».وبسبب اكتئابه الشديد الذى كان يصل إلى حد الخطورة، وإحساسه بفقدان هويته التى كان يستمدها من أسرته، أعطيته موعدا لآراه مرة أخرى بعد يومين، وتوقعت له تحسنا طفيفا، ولكنه حين عاد بعد يومين، وجدته يكاد يقفز فى خطواته نحو المكتب، ويقول بكل المرح: «كل شىء على ما يرام الآن».. سألته: «هل تصالحت مع عائلتك؟ رد وهو فى غاية السعادة: كلا.. كلا.. إنى لم أسمع منهم منذ أن كنت عندك، لكنى تقابلت فى المطعم الليلة الماضية مع فتاة، وقالت لى: إنها معجبة بى، وأنها مثلى منفصلة عن زوجها، وعندنا الليلة موعد آخر معا، أشعر أنى عدت إنسانا من جديد. أعتقد أننى لست بحاجة لأن آتى إليك مرة أخرى».
هذه القصة يحكيها المعالج النفسى والكاتب الأمريكى الراحل د. سكوت بيك فى كتابه: «الطريق الذى يسلكه قليلون The Road Less Travelled»، وهو يضع عنوانا جانبيا لكتابه هو: «علم نفس جديد فى الحب ما بين القيم التقليدية وطريق النمو الروحى». والكتاب يتناول قيما سائدة، ومشاعر نعيشها، وأفكارا ومعتقدات شائعة بيننا جميعا، نمارسها باسم الحب، ولكنه يصفها بأنها ليست حبا على الإطلاق، بل هى تأخذنا فى طريق عكس طريق الحب تماما. وطبعا للكاتب تعريف محدد لمعنى الحب، سأتناوله بعد استعراض بعض النماذج التى يعطيها لتوضح الفرق بين هذه المشاعر والممارسات ب «ظن الحب»، وبين الحب فى معناه الحقيقى، فى المقالات القادمة.
ليس هذا حبا!
يوضح د. سكوت بيك أنه من الطبيعى أن كل شخص منا، وفى أى مرحلة عمرية يحتاج إلى الرعاية والاعتماد - بقدر ما?- على من يحبهم ويحبونه، وهذا مكون أساسى من مكونات الحب السوى، ولكنه يشير إلى نوع ما من الاضطراب النفسى، له سمات واضحة ويسميه «الاعتماد السلبى». وفى تعليقه على الرجل صاحب القصة المذكورة أعلاه يقول د. بيك «إن هذا التغير السريع هو سمة من سمات الشخص الذى يعانى من الاعتماد السلبى، فالأمر كأنه لا يهم من هم الذين يعتمد عليهم، المهم هو وجود شخص والسلام، والنتيجة هى أنه بالرغم من أن علاقات مثل هؤلاء الأشخاص تبدو فى الظاهر قوية بصورة درامية، إلا أنها فى الحقيقة سطحية للغاية».
فمثل هذه الشخصيات- كما يقول- تعانى من خواء داخلى لا يمتلئ أبدا. إنهم كالجوعى الذين لا يشبعون، مهما التهموا من أنواع وكميات الطعام. وذلك بالطبع يجعلهم غير قادرين على التفكير فيما يجب أن يعطوه هم للأطراف الأخرى. الشخصية الاعتمادية السلبية غالبا ما تكون فى حالة غضب لأنهم يشعرون أن الآخرين يخذلونهم، وهم فى الحقيقة لا يمكن أن يشبعوا لهم احتياجاتهم أو يحققوا لهم رغباتهم، فخواؤهم الداخلى لا يمتلئ. وإذا لم يجدوا أشخاصا يستمدون منهم هويتهم، يستبدلونهم بالخمر أو المخدرات، أو أى نوع من أنواع الإدمان.
تؤذى نفسها قبل الآخرين
ويعطى د. بيك مثالا آخر لما يمكن أن تفعله الشخصية الاعتمادية لتؤذى به نفسها وليس الآخرين فقط. فيحكى عن فتاة ذكية وجميلة ومتعلمة. ولكنها أهانت نفسها كثيرا بدخولها فى علاقات كثيرة غير متكافئة. فكانت لا تستطيع أن تعيش بدون علاقة عاطفية، وبالتالى لا تستطيع الانتظار للتحقق من صلاحية الشخص لها، بل كلما تفشل فى علاقة تدخل سريعا فى علاقة أخرى. أما السبب المتكرر لفشل علاقاتها جميعا فهو أن الآخرين يتركونها لأنها تخنقهم بمطالبها العاطفية حتى تملأ فراغ نفسها، كأن يثبت حبه لها وغرامه بها باستمرار، ولا ترضى أبدا أن يتركها بمفردها لأى سبب، فتنتهى العلاقة بانفجار ثورته للخروج من «الفخ» وتنتهى العلاقة لتبدأ علاقة أخرى فورا. بعد ثلاث سنوات من العلاج استطاعت كسر هذه الحلقة المفرغة وأدركت الفرق بين تطلعها لملء الفراغ العاطفى، وبين البحث عن الحب الحقيقى.
يسمى هذا الاضطراب النفسى «اعتمادا سلبيا» لأن هؤلاء الأشخاص يشغلون أنفسهم بما يمكن للآخرين أن يفعلوه من أجلهم ويستبعدون ما يمكن أن يفعلوه هم لأنفسهم أو لأى أحد. وليس معنى هذا أنهم لا يفعلون شيئا للغير بل قد يفعلون كل شىء ولكن دافعهم دائما هو أن يضمنوا الالتصاق بهذا الشخص الذى يرعاهم ويضمنون «عجزه» عن مفارقتهم.
معظمنا «اعتماديون» جزئيا
النموذجان اللذان ذكرهما د. بيك يعتبران حالات مرضية، تحتاج لعلاج لدى المتخصصين، لكن الكثيرين منا يعانون من بعض لمحات الشخصية الاعتمادية السلبية، ويستطيعون لو أرادوا، أن يكتشفوا ملامحها فى أنفسهم، ويعالجوا أنفسهم بالوعى والإرادة. فى هذا المجال يعطى د. بيك بعض الأمثلة. فيقول: إن الزوجين الذين يتمتعان بعلاقة صحية وسوية لا يمتنعان أحيانا عن تبادل الأدوار كنوع من التدريب لكل منهما لاكتساب القدرة على عمل كل شىء. فلا يمانع الزوج مثلا فى أن يطبخ أحيانا، أو يعتنى بالأطفال، ولا تمانع الزوجة فى العمل على زيادة دخل الأسرة. أى هو تدريب على أن يكون كل طرف «قويا» بخبراته المتنوعة.
أما المعتمدون السلبيون فهم يركزون على ترسيخ الاعتماد المتبادل، وتقليص حرية وقدرات، ومكانة، الطرف الآخر، ولذلك يجعلون الأدوار بينهما محددة وجامدة ليزيد اعتماد كل طرف على الآخر، وتحويل الزواج لمصيدة لا يمكن الفكاك منها، وبهذا وتحت اسم الحب تتلاشى حرية كل طرف ومنزلته. فالزوجة مثلا قد ترفض قيادة السيارة لتجبر زوجها على تحمل مسئولية صحبتها، أو القيام بالشراء، فهى تستعمل «عجزها» فى زيادة حجم مسئوليته عنها. والزوج أيضا قد يسعد باعتمادها عليه حتى لا يكون لها أى علاقات خارج عالمه، ولا أى استقلالية من أى نوع. لو تأملنا سنجد «صورا لا نهائية» يحاول بها كل طرف «سلسلة» الآخر له، ليضمن ارتباطه به.
باختصار.. الاعتماد السلبى يأخذ صورة الحب لكنه فى الحقيقة عكس الحب تماما فهو أخذ بلا عطاء، وهو سبب للتخلف العاطفى والنفسى، بدلا من النضج واكتساب الخبرة، وهو سجن وخنق للآخر بدلا من الانطلاق والحرية، وهو تحطيم للعلاقات والأشخاص بدلا من البناء. وترسيخ «الاعتمادية السلبية» يسلبنا قدرتنا على الحب، مثله مثل أشياء أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.