بمشاركة من الرئيس حسنى مبارك وملك الأردن عبد الله.. وتتويجا لجهود مبعوث السلام الأمريكى فى الشرق الأوسط (جورج ميتشل) استضاف الرئيس باراك أوباما رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لمفاوضات مباشرة وصفتها الصحف الفرنسية بأن الرئيس الأمريكى سوف يضع الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى أمام خيار واحد. إلى حد سوف تتحقق توقعات الأوساط الإعلامية الغربية، لا أحد يعرف خاصة بعد أن كتبت جريدة (ليبيراسيون) الفرنسية تقول على لسان (دنى بوشار) المستشار الخاص لمعهد الدراسات والمعلومات الدولية الفرنسية (إفرى)، موضحة «لن تحل هذا اللقاء مشكلة تدهور العلاقات الأمريكية الإسرائيلية»، مشيرا بذلك إلى ضعف حكومة الائتلاف الإسرائيلية وعلى رأسها نتنياهو والتى سبق أن أخفقت أمام كل القرارات الحازمة والمهمة التى اتخذتها الولاياتالمتحدة إذ سبق أن توقفت المفاوضات منذ شهر ديسمبر عام 2008 بعد الحرب الإسرائيلية على غزة. ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف الجولات المكوكية لمبعوث السلام فى محاولات دبلوماسية مضنية بين الجانبين الإسرائيلى- الفلسطينى أملا فى العودة إلى المفاوضات المباشرة، حيث سيكون الهدف النهائى هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة ديمقراطية قابلة للعيش جنبا إلى جنب فى سلام مع إسرائيل. وفى بيانها الأخير قالت وزير الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون: كانت هناك صعوبات فى الماضى وستكون هناك صعوبات أمامنا، أطالب الطرفين بالمثابرة ومواصلة المضى قدما حتى فى الأوقات الصعبة ومواصلة العمل لتحقيق سلام عادل ودائم فى المنطقة. كما ذكرت جريدة (الفيجاور) الفرنسية: ليست هناك تفاصيل بعينها حول المكان أو التوقيت الذى سوف تدور فيه المباحثات.. ولكن من المؤكد أن الرئيس باراك أوباما سوف يقيم حفلا كبيرا للعشاء بالبيت الأبيض ترحيبا بضيوفه، وفى اليوم التالى تبدأ المباحثات الأكثر صعوبة، وطبقا للمعلومات الواردة فإن رئيس الوزراء الإسرائيلى يريد أن يطرح أولا مسألة الترتيبات الأمنية بمعنى تمسكه بتواجد الجيش الإسرائيلى فى وادى الأردن، عند نقطة الحدود بين تلك الأخيرة. ثانيا ضرورة اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة للشعب اليهودى، الأمر الذى يعنى منع اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى أراضيهم المحتلة. ثالثا بمجرد توقيع اتفاقية السلام تكون نهاية الصراع ولا يحق للفلسطينيين فيما بعد المطالبة بأية حقوق، أما رئيس السلطة الفلسطينية فتركزت مطالبه أولا فى مسألة ترسيم الحدود للدولة الفلسطينية، ثانيا تحديد مصير القدسالشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية. وفى ذات السياق تكهن وزير الدفاع الإسرائيلى السابق موشيه أرينز بأن المفاوضات تتجه وجهة غير إيجابية ملقيا الشكوك حول قدرة الرئيس عباس فى تمثيل كافة الأطياف الفلسطينية. وكذلك رؤية اليسار الإسرائيلى لمستقبل المفاوضات، وعلى لسان (يوسى بلين) أوضح أن أوباما قد ارتكب خطأ كبيرا برغبته فى ايجاد حل نهائى. أمام هذا السيناريو الجديد فقد جاء إعلان الرباعية الدولية بدعوة الطرفين الإسرائيلى- الفلسطينى إلى استئناف المفاوضات المباشرة فى الموعد ذاته فى واشنطن، معربة بذلك عن أملها فى التوصل إلى نتائج خلال عام يضع حدا للاحتلال الذى بدأ فى عام 1967، كما رحبت بريطانيا وفرنسا وايطاليا بالدعوة مشيرة بأنها خطوة شجاعة. ومن جانبها أكدت روسيا والأمم المتحدة على أن نجاح المفاوضات يعنى وضع حد للاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية فى عام 1967، هذا دون التطرق لمسألة وقف بناء المستوطنات فى الضفة الغربية، يأتى كل ذلك وسط جو من الريبة والحذر والشك، عبرت عنه وسائل الإعلام الغربية، حيث كتبت جريدة (ليبيراسون) الفرنسية تقول: رفضت الولاياتالمتحدة مرارا ممارسة أية ضغوط فعالة على إسرائيل.. والآن ها هم أولاء ينتظرون الأسباب الداخلية مثل التجديد النصفى لانتخابات الرئاسة الأمريكية، خاصة وقد أكد روبير دانين، رئيس مكتب القدس فى الرباعية لشئون الشرق الأوسط سابقا. على محمود عباس عند عودته أن يقدم تقريرا لما سوف يحدث أمام جامعة الدول العربية.. وفى نفس التوقيت سيكون موعد الاجتماع السنوى فى نيويورك للجمعية العامة بالأمم المتحدة، موضحا أن تلك المباحثات لن تزيل الهوة الحقيقية بين الجانبين الإسرائيلى- الفلسطينى، فلا أحد من الطرفين مستعد للتضحية بعد، هذا مع استمرار إسرائيل فى إعلانها بشرعية احتلال القدسالشرقية إذ قال أحد الدبلوماسيين السابقين بالولاياتالمتحدة (أرون ميلر) لابد من وجود سبب يؤكد أن الرئيس أوباما سوف يكون أكثر إيجابية هذه المرة. فى نفس الوقت أعربت العديد من الأوساط الغربية عن أن بيان وزير الخارجية الأمريكية حمل بين طياته نبرة تشاؤم، ومع اقتراب لحظة الحقيقة التى سوف تتضح مع نهاية شهر سبتمبر القادم، مازال المراقبون فى انتظار إما المفاجأة وإما المستحيل. فهل يعقل أن يقدم الفلسطينيون هدية لإسرائيل بلا ضمانات؟.. وهل سينجح نتنياهو فى تهدئة المتشددين فى ائتلافه، وكذلك رجال الدين المتعصبون؟ قادة إسرائيل يكرروا التصريحات المتعنتة بشأن القدس الموحدة، ومن ثم لن يقبل الفلسطينيون إلا أن تكون القدس عاصمة خالدة للشعب الفلسطينى، كما أن إسرائيل تتنكر بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، بينما يؤكد الشعب الفلسطينى على حقه فى العودة إلى الأرض التى سلبت وطرد منها. وأمام اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية فى شهر نوفمبر القادم، ذكرت جريدة (الفيجارو) الفرنسية إنها فرصة باراك أوباما ليدعم حزبه حتى لا يفقد الأغلبية داخل الكونجرس، مشيرة إلى أن ذلك الصراع - الذى دام حوالى ستين عاما-.. كيف له أن يحل فى فترة زمنية قصيرة فإذا تعثرت المباحثات وحتى صيف عام 2012 سيكون هناك عبء كبير بل عائق أمام أوباما للبقاء بالبيت الأبيض.