أزاح د. عماد أبو غازي وزير الثقافة واللواء مصطفى السيد محافظ أسوان الستار عن تمثال الكاتب الكبير الراحل عباس العقاد، الذي أقيم بميدان العقاد بمدينة أسوان، وذلك تفعيلاً للتعاون الذي تم بين وزارة الثقافة ومحافظة أسوان. وقال محمد أبو سعدة رئيس الإدارة المركزية لصندوق التنمية الثقافية، أن الصندوق تصدى لهذا المشروع الهام متحملاً مسئولية تكلفته والإشراف على تنفيذه في إطار خطته لإبراز رموز الفكر والأدب في مصر، مشيراً إلى أن التمثال قام بنحته الفنان الكبير عبد العزيز صعب. وتولى تنفيذه الفنان السيد عبده سليم. يذكر أن التمثال يبلغ ارتفاعه 6 أمتار ويزن 6 أطنان، وهو من البرونز، وتم تصميم قاعدة جرانيتية للتمثال تتناسب مع الطبيعة الصخرية للموقع الذي تم تشييد التمثال به، حيث يجاور مقبرة العقاد. الجدير بالذكر أن عملاق الادب العربي عباس محمود العقاد ولد في مدينة أسوان بصعيد مصر، في 28 من يونيو 1889، ونشأ في أسرة كريمة، وتلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة أسوان الأميرية، وحصل منها على الشهادة الابتدائية سنة 1903م وهو في الرابعة عشرة من عمره. وفي أثناء دراسته كان يتردد مع أبيه على مجلس الشيخ أحمد الجداوي، وهو من علماء الأزهر الذين لزموا جمال الدين الأفغاني، وكان مجلسه مجلس أدب وعلم، فأحب الفتى الصغير القراءة والاطلاع، فكان مما قرأه في هذه الفترة "المُسْتَطْرَف في كل فن مستظرف" للأبشيهي، و"قصص ألف ليلة وليلة"، وديوان البهاء زهير وغيرها، وصادف هذا هوى في نفسه، ما زاد إقباله على مطالعة الكتب العربية والإفرنجية، وبدأ في نظم الشعر. ولم يكمل العقاد تعليمه بعد حصوله على الشهادة الابتدائية، بل عمل موظفًا في الحكومة بمدينة قنا سنة 1905م ثم نُقِلَ إلى الزقازيق سنة 1907م وعمل في القسم المالي بمديرية الشرقية، وفي هذه السنة توفي أبوه، فانتقل إلى القاهرة واستقر بها. وقد تبوأ العقاد مكانة رفيعة في النهضة الأدبية الحديثة ندر من نافسه فيها، فهو يقف بين أعلامها ، علمًا شامخًا وقمة باذخة؛ واجتمع له ما لم يجتمع لغيره من المواهب والملَكَات، فهو كاتب كبير، وشاعر لامع، وناقد بصير، ومؤرخ حصيف، ولغوي بصير، وسياسي حاذق، وصحفي نابه، ولم ينل منزلته الرفيعة بجاه أو سلطان، أو بدرجات، وشهادات، بل نالها بمواهبه المتعددة، وهمته العالية، ودأبه المتصل، عاش من قلمه وكتبه، وترفع عن الوظائف والمناصب لا كرها فيها، بل صونًا لحريته واعتزازًا بها، وخوفًا من أن تنازعه الوظائف عشقه للمعرفة. وكانت حياة العقاد سلسلة طويلة من الكفاح المتصل والعمل الدءوب، صارع الحياة والأحداث وتسامى على الصعاب، وعرف حياة السجن وشظف العيش، واضطهاد الحكام، لكن ذلك كله لم يُوهِنْ عزمه أو يصرفه عما نذر نفسه له، خلص للأدب والفكر مخلصًا له، وترهب في محراب العلم؛ فأعطاه ما يستحق من مكانة وتقدير.