وزير المالية يعلن موعد إصدار استراتيجية «السياسات الضريبية 2030»    بمقدار 93 جنيها.. 2.6% ارتفاعا في أسعار الذهب المحلي منذ بداية الأسبوع    الزراعة: 6.9 مليون طن صادرات مصر الزراعية بحوالي 4.04 مليار دولار    وزير الري: إزالة 87 ألف حالة تعد على مجرى نهر النيل    الاحتلال يقتحم مخيمي بلاطة وعسكر الجديد شرق نابلس    ارتفاع عدد شهداء قصف الاحتلال منزلا في مخيم المغازي إلى 11    بايدن: هناك فرصة لإنهاء الصراع بين إسرائيل وإيران لفترة من الوقت    بوتين: نمتلك علاقات طيبة مع مصر .. ومشروع محطة الضبعة النووية يجري وفق الخطط الموضوعة    الشرطة اليابانية: اعتقال شخص ألقى قنابل حارقة على مقر الحزب الحاكم    "الأونروا"... "شريان حياة" اللاجئين الفلسطينيين في مرمى النيران الإسرائيلية    سليمان: فزنا بالسوبر الإفريقي والآن ننزل للمحلي..وطريق الأهلي أفضل من الزمالك    مبابي وفينيسيوس يقودان هجوم ريال مدريد في التشكيل المتوقع أمام سيلتا فيجو    المدير الرياضي لفرانكفورت: عقلية مرموش زادت من فرصه للتطور    اليوم.. يد الأهلي تواجه فلاورز البنيني في نهائي بطولة أفريقيا    القبض على موظف متهم بالنصب على مواطن في الشيخ زايد    مصرع وإصابة 3 أشخاص من أسرة واحدة بحادث انقلاب ملاكي بالغربية    عامل ينهي حياته بسبب مشادة مع زوجته في كرداسة    خلافات بينهما.. تفاصيل التحقيق مع المتهم بقتل شاب بطعنة نافذة في إمبابة    خلال 24 ساعة.. الداخلية: سحب 1076 رخصة لعدم وجود ملصق إلكتروني    وزير الصحة: 4 طبيب زمالة مصرية سجلوا لحضور المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    بشرة خير.. 5548 فرصة عمل جديدة فى 84 شركة ب11 محافظة    مركز سقارة ينظم دورة للعاملين بالمحليات عن دورة "الخريطة الاستثمارية لمصر "غدا    جامعة الأقصر تنظم ندوة تثقيفية عن انتصارات أكتوبر    إعلام عبرى: انفجار الطائرة المسيرة بمنزل نتنياهو فى قيسارية أحدث دويا كبيرا    إحسان الترك: أحمد زكي كان بيعيش الشخصية في البيت قبل تصويرها    التصرف الشرعي لمسافر أدرك صلاة الجماعة خلف إمام يصلي 4 ركعات    غدا النواب يناقش إنشاء المجلس الوطني للتعليم والبحث والابتكار    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية لمنطقة كفر طهرمس ضمن مبادرة «بداية»    «8 زلازال في 20 يومًا».. عباس شراقي يكشف أسباب الزلزال المتكررة في إثيوبيا وخطورتها    «سفر العاشقين 8» قصة قصيرة للكاتب محمد نبيل    مواعيد مباريات اليوم السبت في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    اليوم.. الحكم على إمام عاشور بتهمة التعدي على فرد أمن بالشيخ زايد    تشكيل مانشستر يونايتد المتوقع أمام برينتفورد    على مدار يومين.. الصحة تطلق اليوم 10 قوافل طبية بالمحافظات    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 19 أكتوبر 2024    حزب الله يُعلن استهداف جنود ومواقع إسرائيلية    اليوم.. محاكمة إسلام بحيري لاتهامه بصرف شيك دون رصيد    قبل مباريات السوبر المصرى.. إعلامي يستفز جمهور الأهلي برسالة على فيسبوك    المخرج عمرو سلامة لمتسابقة «كاستنج»: مبسوط بكِ    ما هو مكر الله؟.. الإفتاء تحذر من وصفه تعالى به وتوضح 7 حقائق    لا داعي للأدوية.. وصفات طبيعية كالسحر تخلصك من الإمساك في 30 دقيقة    تجمع «بريكس» يدعم إنشاء تحالف للطاقة النووية    انقطاع المياه لمدة 12 ساعة بقلين بكفر الشيخ    الاستعلام عن صحة شخص سقط من قطار بالبدرشين    التقديم في سند محمد بن سلمان بالسعودية 1446    منتج عمر أفندى يكشف حقيقة وجود جزء ثان من المسلسل    المخرجة شيرين عادل: مسلسل تيتا زوزو مكتوب بمصداقية ويناقش مشكلات حقيقية    رابطة الأندية تستعد للإعلان عن رئيس لجنة المسابقات الجديد    اللواء نصر موسى يحكي تفاصيل ساعة الصفر في حرب أكتوبر    وزير الخارجية اللبناني: استمرار إسرائيل في سياسة المجارز سيؤدي إلى مزيد من التطرف    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    حضور كبير في حفل تامر عاشور بمهرجان الموسيقى العربية.. كامل العدد    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    الصحة تنصح هؤلاء بضرورة تلقي تطعيم الإنفلونزا قبل الشتاء    عالم أزهري: الإسلام تصدى لظاهرة التنمر في الكتاب والسنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تشكيلي إيراني يرسم أشياءه البسيطة بشعرية متوترة
نشر في نقطة ضوء يوم 09 - 10 - 2016

ينطلق التشكيلي الإيراني مورتيزا كوزرافي في معرضه البيروتي المعنون ب”أيتها الأشياء الصامتة، هل لديك روح تحركك؟” من نص جيورجيو موراندي الفني، يحاذيه، يجاوره، ينهل من عمق الصمت الذي يسكن لوحاته ليناقضه في صناعة صمت مغاير وفي براعة لافتة غير مُتكلفة، بل منبثقة مباشرة عن اختلاف جوهري بينه وبين الفنان الإيطالي، اختلاف في التجربة الفنية والوجودية والمواقف الشخصية تجاه العالم والذات.
من النادر أن تجد فنانا استطاع أن يقدم نصا فنيا متماسكا بهذا القدر، وصادق مع ذاته عبر الاستلهام من فنان آخر يكاد أن يكون نقيضه، وهو متألق بقدر تألق جيورجيو موراندي.
أكثر ما يشير إلى براعة مورتيزا كوزرافي هو استطاعة زائر معرضه أن يلحظ بسرعة كبيرة تأثره بالفنان الإيطالي بأسلوب غير اعتيادي، فهو يقبض على ماء الصمت الذي يتسلل في ألوان وأشكال الأشياء في أعمال موراندي ليحولها إلى لوحة مرتجفة وعصبية تضرب عرض جدار لوحاته، المغسولة بألوان باهتة، بكل المُسلمات البصرية.
في حين يُشعرنا موراندي بأنه في كل مرة يرسم فيها شيئا من الأشياء العادية، كالأباريق والعلب، يُشعرنا أنه رآها لأول مرة ورسمها لأول مرة، في حين تبدو الأشياء في لوحة الفنان مورتيزا كوزرافي مُرهقة أو مُستنفرة قد سأمت تجلياتها في اللوحة.
ويرسم موراندي الأشياء لذاتها بغبطة طفولية، ويرسم الفنان الإيراني “أشياءه” وكأنه غاضب منها، تنبعث من لوحات موراندي سكينة مُطمئنة، أما الصمت البادي في لوحات كوزرافي، فهو صمت قلق ومُقلق على السواء.
يتلاقى الاثنان في هدوء الألوان، يكثُر الأبيض والعاجي، والرمادي، واللون العسلي والأزرق الفاتح في لوحة الفنان الإيراني، ولكن ليس في كل اللوحات، إذ يعثر المُشاهد على لوحات عديدة أضرم فيها الفنان النيران، هي الأخرى صامتة، ولكن حارقة بشكل “مُمنهج” تعيد تشكيل الأشياء بدخانها وألسنتها، لأجل ذلك تبدو أشكال أشياء الفنان الإيراني غير مُحددة، بعضها تخترقه خلفية اللوحات وبعضها الآخر يبدو وكأنه قد سال تحت وطأة السأم.
تمتد “زجاجات” الفنان عاليا في فضاء اللوحة لتبدو وكأنها على أهبة الاستعداد للانطلاق صعودا، غير أن الصامت الضاغط المُتفشي في فضاء كل اللوحة كفيل بأن يجعل ذلك مجرد وهم اعتاد على كونه وهما لا أكثر.
في حين يصمم الفنان جيورجيو موراندي توزيع الأشياء على الطاولة أو على أي مسطح، وكأنه يلهو في ابتكار متجدد لتجمعات تتحاور في ما بينها شكليا غير آبهة بمُتلقيها، ويعمد الفنان الإيراني إلى ابتكار نص “مُريب” بين الأشياء والناظر إليها، هي وحيدة بين المجموعة، غير مُكترثة بما يجاورها من أشياء وإن بلغ حد التجاور الالتصاق وحتى شبه الحلول بأشياء صدف أن وضعها الفنان هنا أو هناك على الطاولة.
في لوحة موراندي تكتسب الأشياء العادية التي صادف أنها كانت تحيط به في منزله ظلالا شاعرية، وفي لوحة الفنان الإيراني تحل كآبة غريبة ربما تريد أن تنتقم من الأشياء الموجودة في اللوحة، لأنها حلت عليها فأظهّرتها للعيان، وإذا كانت ثمة شعرية في أعماله، فهي شعرية متوترة فيها شيء من العنف الكامن، عنف في مواضع كثيرة لم يعمد الفنان إلى ترويضه.
الضوء يلعب دورا مهما في لوحة الفنانين، ولكن أيضا بطريقة مُختلفة تماما، ففي حين تنبثق أشكال الأشياء في لوحة موراندي من الضوء الذي يحدد معالمها بجلاء واضح، تغرق أشكال كوزرافي في ضوء شبيه بماء بحيرة راكدة، هذا أقل ما يُقال عن تلاقي وتنافر الفنانين.
شبحية الأشياء
يطلب الفنان الإيراني من مشاهدي لوحاته، كما فعل في معارضه السابقة، أن يكون لهم تأويل شخصي لما يروه أمامهم، لكنه يسارع في تقديم أعماله بهذه الكلمات: “أيتها الأشياء الساكنة، هل تمتلكين روحا؟/ انظروا: إنهم لا يتحركون/ يقولون ما تشاؤون منهم أن يقولوا/ هل تعتقدون أنهم على ما يظهرون؟/ ألا يشبهوننا/ يقولون:/ هل تذكروننا؟/ هل أدركتم بأننا ذاكرتكم الأبدية؟”.
من أجل أن تقرأ أعمال الفنان مورتيزا كوزرافي، ليست أعماله المعروضة فحسب، بل أعماله السابقة أيضا، يجب أن تدع نفسك “تتعرض” إلى أشعتها، شرط أن تكون مُحصنا كفاية من الكآبة والقلق الناتجين عن احتكاك الصورة التي يقدمها بالواقع.
تهمد الأشياء في خفاياها على مضض، يتمثل ذلك تشكيليا بشفافية لونية تخترق تلك الأشياء المرسومة في أكثر من جانب، وكأنها لا تريد أن يكون لها المصير الذي أراده الفنان لها، أي أن تكون “ذاكرتنا الأبدية”.
ترسخ الزجاجيات معتكفة في ظلالها، لكن فقط للحظات قبل أن يتكشف سكونها عن اليد المُحركة التي تقف وراء هيئاتها وأشكالها غير المُستقرة، إنها يد الفنان، اليد الشبحية التي سردت من خلال تلك الهيئات، ليست إلاّ نتفا من ذكريات الفنان الشخصية، نتفا تنطق بالحب، ولكن أيضا بالكراهية، وبالعنف، وبالألم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.