يُعدّ قصر المربع بالمملكة العربية السعودية من أهم وأبرز القصور التاريخية في المملكة، حيث تم تشييده عام (1355ه – 1937)، بقرار من الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، في منطقة كان يطلق عليها سابقاً اسم "المربع" شمال الرياض، وافتتح بعد عام واحد فقط من بدء تنفيذ المشروع، وكان القصر مقراً لإقامة الملك وإدارة شؤون الحكم في الدولة وتلبية احتياجات الديوان الملكي. وتبلغ مساحة القصر 1680 متراً مربعاً، ويبلغ طوله 400 متر وعرضه 300 متر، وجرى الاهتمام بهذا القصر حتى أصبح أحد المعالم التاريخية في الرياض، التي ساهمت في توسيع الحيز العمراني لمدينة الرياض وما صاحبه من الأبنية الإدارية الأخرى. ويعتبر هذا القصر آخر المباني التي شيدت من الطين وجذوع النخيل في عهد الملك عبدالعزيز، ولذلك يلقى اهتماماً بالغاً من الأسرة الملكية، كما يحتل مكانة أثرية خاصة، لأن هيئته القديمة تجذب العديد من الساسة والمفكرين حول العالم، ويطلق الجميع على قصر المربع بأنه "ديوان الملك عبدالعزيز"، حيث كان دائم الإقامة به لتسيير أمور الحكم. وشهد قصر المربع العديد من الاتفاقيات السياسية التي أبرمت بين الملك عبدالعزيز وبعض ملوك ورؤساء الدول الأخرى، مثل اتفاقية تنقيب النفط داخل المملكة، كما كان مقرا رسميا لجميع لقاءاته مع العديد من الشخصيات العامة من السياسيين والدبلوماسيين، وشهد أيضا قرارات مصيرية تتعلق بأحوال الدوائر الحكومية والحربية مثل وزارة الدفاع، وتغيير بعض سياسيات المؤسسات المختلفة مثل التعليم النظامي ووزارة المالية. ويبدأ قصر المربع بمدخل رئيسي ذات باب حديدي مزدوج، يحتوي على بعض النقوش القديمة والأشكال الهندسية المستطيلة، يعلوه خط من الجير الأبيض الذي يحتوي على نقوش دقيقة تظهر المدخل بصورة معاكسة لما عليه القصر من حالة بنائية بسيطة، تجاوره من الناحيتين الجنوبية والشمالية مجموعة من النوافذ الصغيرة، التي تتخلل سور القصر الذي بني على شكل هندسي مستطيل يحيط بالقصر لتأمينه، تعلوه مجموعة من الأشكال الهندسية الأخرى التي صنعت من الجير الأبيض. ويحتوي قصر المربع على حديقة شاسعة المساحة، تحيط القصر من اتجاهاته المختلفة، ويتخللها نخيل الزينة وبعض أنواع الزهور والنباتات النادرة، كما تضم الحديقة نافورة صغيرة بنيت من الرخام الأبيض في أوائل الخمسينات من القرن الميلادي السابق، عندما أدخلت عليه بعض التعديلات العمرانية من قبل الأسرة الملكية، التي استهدفت تغيير النمط العمراني المحلي للقصر في خمسينيات القرن الماضي. ويتكون قصر المربع من طابقين، يحتوي الطابق الأول على مجموعة من الغرف، خصص بعضها للحرس الخاص بالملك، بينما خصص البعض الآخر لحراس القصر والمجمع البنائي، بالإضافة إلى عدد آخر من الغرف إحداها لتجهيز المأكولات والمشروبات لضيوف الملك، وأخرى تم استخدامها لتخزين المؤن الخاصة بتجهيز الطعام، تم استخدام الأغطية الخشبية في نوافذها وأبوابها، تتخلل هذه الأغطية فتحات بسيطة مزودة بألواح من الزجاج الملون، زينت ببعض الزخارف والنقوش الهندسية البارزة، فضلا عن بعض المشغولات الحديدية التي تتخذ أشكالا مختلفة مطعمة بنقوش مذهبة. ويحتوي الطابق الثاني على عدد من صالات الاستقبال الرئيسية، وهي عبارة عن مجالس لكبار السياسيين والضيوف من خارج البلاد، وأخرى تسمى "صالة الانتظار" خصصت للوزراء ورؤساء الدوائر الحكومية، وغرفة يطلق عليها "المجلس المختصر" وهذه خاصة بالملك لقضاء أوقات الراحة، فضلا عن بعض الغرف الأخرى التي تحتوي على مكاتب مخصصة لإدارة الأمور السياسية، وإرسال التهاني والبرقيات لرؤساء الدول. ويتوسط القصر مساحة خالية يطلق عليها "الفناء" تطل عليها جميع الغرف الموجودة في الطابق الأول، ويتميز هذا الفناء بتعدد مصادر التهوية والإضاءة، وتوجد في الجوانب المختلفة للفناء مجموعة من الأعمدة التي بنيت من الطين وكسيت بالرخام الأبيض والأحجار، تحمل سقف القصر المكون من السعف وخشب الأثل، كما ترتكز عليها جدران الغرف، وتعلو هذه الأعمدة واجهات من الحجارة تتخللها بعض الفتحات المثلثة. وتغطى أسطح جدران القصر بالجير والأحجار الدائرية المختلطة بالجص المحروق، لا سيما جدران الممرات التي تفصل بين الغرف والفناء، وتؤدي إلى درج قديم الطراز يصل إلى الطابق العلوي للقصر، والتي تكتنفها زخارف دقيقة تدل على رقي العمارة في هذا الوقت، تتخذ أشكالا هندسية مثلثة ومربعة أضيفت بطريقة منظمة على الجدران. ويضم القصر بعض الأبنية الداخلية التي ألحقت به بعد التعديلات العمرانية، مثل المسجد الذي بني على مساحة تبلغ ثلث مساحة القصر تقريبا، ويتكون من مدخل رئيسي يتميز ببساطة الإنشاء، وجناح يطلق عليه بيت الصلاة خصص لإقامة الشعائر والاحتفالات والمناسبات الدينية المختلفة، ويحتوي على منبر من الطين المغطى بالجير الأبيض والأحجار المنقوشة بزخارف بارزة، وبعض الأعمدة التي تتوسط الجناح ترتكز على كتل جيرية، وتحتوي حتى المنتصف على رسومات متعددة زخرفت على أرضية ذات ألوان داكنة، بالإضافة إلى مساحة خالية تتوسط المسجد بها قبة صغيرة من الزجاج الملون. ويقول د. حسن الزيني، الخبير الأثري: إن القصر يتكون من طابقين، ويضم حوالي 32 غرفة، ويعود إلى مرحلة مبكرة من مراحل تأسيس المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود، حيث شيد في مدينة الرياض بأسلوب بدائي كان مميزاً خلال هذه الحقبة، مثل: استخدام الطوب اللبن والمونة الطينية، وتم تسقيف غرف القصر بجذوع وسعف النخيل، كما تم عمل الأبواب والنوافذ بخشب الأثل. وتابع الزيني: المملكة قامت على مدار التاريخ بعدة ترميمات للقصر مع أهمية الحفاظ على مكوناته الأساسية القديمة، كونها تشكل جزءاً تاريخياً من تأسيس المملكة.