تبدأ قصة الغرفة السرية بالهرم الأكبر بالجيزة مع المؤرخ الإغريقي هيرودوت، عندما قال له الكهنة الذين رافقوه في الزيارة بالهرم إن جسد خوفو وضع في غرفة أسفل الهرم، وكانت تتصل بالغرفة قناة مائية حولت المقبرة إلى جزيرة. هذا ما يؤكده الباحث الأثري الدكتور أحمد صالح ل"بوابة الأهرام"، مشيرا إلى أنه في القرن التاسع الميلادي أشار المؤرخ البيزنطي جورج سينسيلوس بوجود نص مصري مفقود يسمى "كتاب سوثيس - تحوت"، الذي تم تأليفه في القرن الثالث قبل الميلاد، وهو يضم وثائق أحضرت إلى مصر "بعد الفيضان"، حيث أكد الكتاب القديم أن هذا النص محفوظ داخل غرفة سرية في الهرم. ويرى البلجيكي روبرت بوفال في كتابه الذي سماه "غرفة سرية" أن هناك كتابات هرميسية تنسب إلى الإله تحوت، وفيها تحكي الإلهة إيزيس لولدها حورس عن المعرفة السرية للإله تحوت، وهي منقوشة على حجر ومخبأة في الهرم بالقرب من أسرار أوزوريس. في عام 1993 قام المهندس الألماني رودولف جانتنبرج، بالتعاون مع المعهد الألماني بالقاهرة، بتنظيف فتحات التهوية في غرفة الملكة، ولذا صمم روبوت سماه "وب واوات" وفحص الفتحات الأربع في غرفة الملكة، وغرفة الملك وتوقف الروبوت بعد 65 مترا في فتحة التهوية الجنوبية بغرفة الملكة، ولسوء حظ المهندس الألماني نشر أعماله دون استئذان. كان المهندس الألماني يعتقد، كما يؤكد صالح، أنه كشف باب غرفة سرية له مقابض معدنية، مشيرا إلى أن مؤسسة الجمعية الجغرافية الأمريكية، وبمشاركة المجلس الأعلى للآثار، قامت بفحص فتحة التهوية الجنوبية لغرفة الملكة التي كشفها المهندس الألماني جانتنبرج. وفي عام 2002م، قبل ثورة يناير أدخلت المؤسسة الأمريكية روبوت صممته شركة من ولاية بوسطن، ومولت العمل شركة تليفزيون فوكس الأمريكية، بالتعاون مع الجمعية الجغرافية الأمريكية، كما يوضح أحمد صالح، لافتا إلى أن الأمر غريب ولم يعهده المجلس الأعلى للآثار عندما يتبنى العمل العلمي مع مؤسسات إعلامية تم اتهامها بأنها مشبوهة، على حد وصفه، وذات تعاون خطير مع منظمات صهيونية، لدور تليفزيون فوكس تجاه العرب. قامت المؤسسة الإعلامية بإدخال روبوت الذي سموه "بيراميد روفر" داخل الفتحة من أسفل في غرفة الملكة، وثقبوا الباب الحجري الذي كشفه المهندس الألماني رودولف جانتنبرج، وأدخل من خلال الثقب كاميرا برأس مضيئة، وأعلن بأن وراء الباب بابا آخر، وبعد الروبوت واكتشاف الباب الثاني تساءل الدكتور زاهي حواس في مقال له نشر ب"الأهرام ويكلي"هل الأبواب تمثل إعاقات لرحلة الملك في العالم الآخر كما هو مذكور في نصوص الأهرام".. هكذا قال الدكتور زاهي حواس في مقالته مشيرا إلى أن العودة إلى بردية "وستكار" الفرعونية تشير إلى أن الملك كان يبحث عن "وثائق الإله تحوت" لمساعدته في تصميم الهرم. ويوضح صالح أن بردية وستكار تشير إلى أن الملك خوفو بحث عن وثائق الإله تحوت؛ لكي تساعده في تصميم الهرم الأكبر، وهي إشارة خطيرة لو فطن إليها الإسرائيليون، حسب رأيه، لأن هذه الوثائق أشار إليها المهندس البلجيكي روبرت بوفال، وذكر أن الوثائق تضم المعرفة الهرميسية، أو المعرفة التحوتية (نسبة إلي إله المعرفة تحوت) وهي تمثل أساس الحضارة الغربية. البعض يعتبر البردية تأكيدا على مصداقية نظرية غرفة "السجلات"أو الغرفة السرية، التي أشار إليها المنوم المغناطيسي الشهير إدجار كيس، الذي يلقب في أمريكا بالنبي النائم، والتي بها وثائق تضرب أصول الحضارة المصرية، وتنسبها لآخرين، لذا يعتقد فيها البعض رغم هشاشتها العلمية. ويؤكد صالح أن بردية وستكار لم تذكر شيئا عن وثائق الإله تحوت، إنما تتحدث عن أقفال معبد تحوت التي أعجب بها خوفو، وأراد أن يصنع أقفالا مثلها لهرمه، مشيرا إلى أن البردية تعرف بين الأثريين باسم "بردية خوفو والسحرة"، وهي موجودة في متحف برلين بألمانيا. تحكي البردية عن الأمير حور جدف لأبيه الملك خوفو عن مواصفات ساحر يدعى جدي وقال لأبيه إن هذا الساحر "يعرف عدد الأقفال التي يحتوي عليها معبد الإله تحوت"، وطبقا للنص المصري القديم يقول كاتب البردية "إن جلالة الملك خوفو كان دائما يبحث عن أقفال معبد تحوت ليعمل لأفقه (هرمه) مثلها". لكن الساحر جدي قال "معذرة (مولاي الملك)، إنني لا أعرف عددها ولكني أعرف أين هي"، وقال الساحر إن الأقفال "توجد في صندوق من الظران في حجرة تسمى "مستهل هليوبوليس"، ولما طلب الملك من الساحر إحضارها اعتذر بأنه لا يستطيع إحضارها، إنما الذي يستطيع هم ثلاثة أطفال لا يزالون في بطون أمهاتهم. يوضح صالح أن وثائق تحوت لم تذكر إلا في نص أدبي يرجع إلي العصر المتأخر، ويعرف باسم قصة "ستني خعمواس"، التي ترجع للعصر المتأخر، ذكر كاتبها أن الأمير "نفر كا بتاح" قرأ كتاب أو "وثائق تحوت" وبعدها استطاع السيطرة والتحكم في السماء والأرض، وعرف لغة الطير والحيوان، ولذا فإن الأمير ستني خعمواس أراد الحصول على هذه"السجلات" وعرف أنها مدفونة مع الأمير "نفر كا بتاح" في مقبرته بمنف. فذهب للمقبرة من أجل الحصول عليها، ولكنه تراجع؛ لأنه عرف أن هذه الوثائق تجلب المصائب لمن يحوز عليها، وعرف أن سبب وفاة نفر كا بتاح وأسرته هو حيازة هذه الوثائق، فتراجع عن أخذها من المقبرة المنفية. هكذا نجد أن البردية الأولى تتحدث عن "أقفال معبد الإله تحوت"، والثانية تتحدث عن "سجلات تحوت" التي ما زالت موجودة في مكان ما في جبانة منف. هذا مايوضحه صالح للتفريق بينهما. يقول الباحث الأثري: استمرت أسطورة الغرفة السرية بالهرم في أواخر عام 2004 عندما ادعى المهندسان الفرنسيان جيل دورم و جان-ايف فيردهارت أن هناك غرفة رابعة داخل الهرم، وتوجد أسفل الغرفة المعروفة خطأ باسم غرفة الملكة، ويعتبر المهندسان الفرنسيان أن هذه الغرفة هي الغرفة التي دفن فيها الملك خوفو، وبها كنوز تفوق كنوز مقبرة توت عنخ آمون. لم تكن هذه هي المحاولة الأولى للمهندس الفرنسي جيل دورم في ادعاء وجود غرف سرية داخل الهرم الأكبر؛ ففي مارس عام 1985 زعم ومعه مهندس آخر يدعي جان باتريس جودان بوجود نظام سري لممرات وغرف داخل الهرم الأكبر. وأشار الباحثان الفرنسيان إلى أن هذا النظام كان مقصودا لتعمية اللصوص؛ حتى لا يسرقوا غرفة الدفن، وتم تحديد هذه الغرفة –في هذا الوقت- بأنها تقع إلى الغرب من غرف تخفيف الضغط الخمس الموجودة فوق حجرة الملك. يؤكد صالح أنه في عام 1986 استطاع الباحث جيل دورم الحصول على تصريح لعمل مسح ميكروجرفيميتر، وفي غرف التخفيف الخمس فوق غرفة دفن الملك خوفو، لكن لم تكن الفحوص حاسمة، رغم أنه زعم التوصل إلى وجود فراغات داخل الهرم الأكبر، ووجود فراغ خلف الحائط الغربي لغرفة الملكة. وصرحت هيئة الآثار للمهندس الفرنسي دورم بعمل ثلاثة ثقوب في حائط غرفة الملكة (ويمكن للزائر أن يراها حتى اليوم) وبهم حاليا (خوابير) معدنية، وأثبت دورم أن اثنين من هذه الثقوب وراءها بلوكات (كتل) حجرية منفصلة عن بعضها بالملاط، أما الثقب الثالث الذي تم تنفيذه على عمق 2.65 متر، فبه فراغ به رمل ناعم ونقي. فريق من جامعة واسيدا اليابانية، يقودهم الأثري الياباني ساكوجي يوشيمورا، استطاع الحصول على التصريح من هيئة الآثار في يناير عام 1987م، وأطلق الفريق على نفسه "بعثة فحص الهرم"، وقد جاء الفريق الياباني إلى مصر مرتين، الأولى في شهري يناير و فبراير، والثانية في شهر سبتمبر من عام 1987، وقاموا، في هذه المدة بعمل فحص داخل الهرم، وفي منطقة أبي الهول، باستخدام وسيلة فحص الرادار الكاشف تحت الأرض، ولكنهم لم يتوصلوا إلى شيء. وفي عام 1992 قام المهندس الفرنسي جان كريزل بفحص الغرفة غير المكتملة أسفل هرم خوفو، وكان فحصه قائما على ما حكاه هيرودوت من وجود قناة مائية تربط بين غرفة دفن خوفو والنيل، ولكنه لم يستطع التوصل إلى أي شيء.