الأمم المتحدة: الدول العربية تساهم ب 5% فقط من الاحتباس الحراري العالمي    وفد من جامعة عين شمس في زيارة لجمعية المحاربين القدماء    «عبد اللطيف» يتابع انتظام العملية التعليمية بعدد من المدارس في الجيزة    لن يتجاوز سعرها 500 ألف جنيهًا.. شروط استيراد سيارات المعاقين (فيديو)    رجعت الشتوية.. الإسكندرية تستعد ل "رياح الصليب" ب 10 إجراءات طارئة    السكة الحديد تفصل سائق قطار لتعاطيه المخدرات وتحيله للنيابة العامة    حادث الجلالة.. النيابة تهيب بشركات نقل الأشخاص وضع أسس لفحص السائقين    عثمان الخشت: الإيمان في عصر التكنولوجيا يواجه تحديات جديدة    ناقد فني: يوسف وهبي ترك الهندسة بسبب حبه للتمثيل.. ومسرحياته تميزت بالتراجيديا    مدير التأمين الصحي بالشرقية يتفقد وحدة الكلى بمستشفى المبرة    لن تتخلص منه مجددا- 5 فوائد مذهلة لمصل اللبن    إعلان الكشوف النهائية للمرشحين بنقابة الصحفيين الفرعية بالإسكندرية اليوم    50 جنيهًا للواحدة.. قرارات هامة من التعليم بشأن صرف مستحقات معلمي الحصة    بعد "مجزرة أتوبيس الجلالة".. 7 قرارات عاجلة من مجلس أمناء الجامعة    الحكومة تدرس تمديد مهلة التصالح في مخالفات البناء    اتحاد الكرة: مكافأة خاصة للاعبي منتخب مصر.. وسنتأهل إلى كأس العالم    وفاة والد الفنان مصطفى هريدي.. والجنازة في المهندسين    "المال الحرام".. أحمد كريمة يرد على عمر كمال والأخير يعلق    حصاد محمد صلاح في الدورى الإنجليزى قبل الجولة الثامنة.. 8 مساهمات تهديفية    من هو رئيس المخابرات العامة الجديد خليفة عباس كامل؟    الكشف عن قائمة الأهلي في السوبر المصري    جوميز يستقر على هذا اللاعب لتعويض غياب دونجا في السوبر المصري    «إنت بتأذي ابنك».. رسائل نارية من شوبير إلى ياسر ريان    التابعي: الأهلي يخسر أمام سيراميكا في هذه الحالة.. ورحيل زيزو عن الزمالك "مرفوض"    أحمد عيد يطير إلى المغرب للانضمام لمعسكر المصرى استعداداً للموسم الجديد    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    "طاقة الشيوخ" تقر خطة عملها لدور الانعقاد الخامس.. تفاصيل    أسعار الدواجن تتراجع اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    «طاقة الشيوخ» تدرس آليات جذب الاستثمارات وتحويل السيارات للعمل بالوقود    اليوم.. شبورة مائية وأمطار وطقس حار على القاهرة الكبرى والعظمى 29 درجة    «التعليم» توجّه بحصر أعداد طلاب «أولى ثانوي» لتسليم التابلت    انهيار جزئي لعقار بجوار محكمة زينهم    «الحوثي» تتوعد الولايات المتحدة وبريطانيا بعد الضربات الأخيرة على صنعاء وصعدة    البنتاجون: أوستن ناقش مع نظيره الإسرائيلي خطوات معالجة الوضع الإنساني في غزة    مسؤولة أممية: مستوى المعاناة في غزة يتحدى القدرة على الوصف والاستيعاب    محمد هنيدي يكشف أسرار مشواره الفني مع أنس بوخش    حفلات ال"ويك إند".. ريهام عبد الحكيم وتامر عاشور وأحمد سعد ومدحت صالح بالأوبرا وحمزة نمرة بأمريكا    إصابة شخصين إثر الهجوم الإسرائيلي على اللاذقية في سوريا    انفوجراف.. الأزهر للفتوى: تطبيقات المراهنات الإلكترونية قمار محرم    محافظ الغربية: حملة نظافة مكبرة بمحيط مسجد السيد البدوي بطنطا    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الخميس 17-10-2024.. الاستثماري ب39.5 ألف جنيه    تعرف على أماكن القوافل الطبية اليوم وغدا.. الكشف والعلاج مجاني    وزير الصحة: اعتماد البرنامج العلمي لمؤتمر السكان والتنمية من المجلس الصحي المصري    رئيس جامعة القاهرة يوجه بسرعة إنجاز الأعمال بالمجمع الطبي للأطفال    القمة الخليجية الأوروبية تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة وتعزيز التعاون الاقتصادي    تقسيم ذهب الأم بعد وفاتها: الأحكام الشرعية والإجراءات    نتنياهو يوافق على مجموعة أهداف لضربها داخل إيران    جدول ترتيب هدافي دوري روشن السعودي قبل انطلاق الجولة السابعة    عاجل - شقة صاروخية من لبنان باتجاه شمال إسرائيل    وزير الري يشهد إعداد مشروع إقليمي في مجال التحلية للإنتاج الكثيف للغذاء    تعليمات جديدة من هيئة السكك الحديدية المصرية لتأمين حركة القطارات وضمان سلامة الركاب    طرح البرومو الرسمي لفيلم "آل شنب".. وهذا موعد عرضه    بايدن يقدم مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا ب 425 مليون دولار    هل يجوز تأدية صلاة الفجر بعد شروق الشمس.. الأزهر يوضح    5 أدعية نبوية للحماية من الحوادث وموت الفجأة.. بعدانقلاب أتوبيس الجلالة وقطار المنيا    عاجل.. تركي آل شيخ يعلن عودة يوسف الشريف للدراما بعمل درامي ضخم    وسط ترقب لقرارات المركزي..أسعار الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 17 أكتوبر 2024    قوى خفية قد تمنحك دفعة إلى الأمام.. توقعات برج القوس اليوم 17 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن خلدون سياسي بارع ومؤرخ فقيه
نشر في نقطة ضوء يوم 27 - 05 - 2009


ابن خلدون
مؤسس علم الاجتماع أتقن التعامل مع هموم الناس وأبدع في مساهماته الفكرية لكنه وقف على أعتاب الشعر.
حينما اعتزل ابن خلدون العمل السياسي، أفاد العربية بشوامخ المؤلفات العلمية والأدبية، وهو ما يثير السؤال دوما حول جدوى الثقافة ودورها وكثيرا ما ينشغل المحنكون في فنون السياسة الى حد انتهاء دورهم بنهاية فترة زمنية ما، بينما يتاح لمن يملك الموهبة البقاء بل وتزكية دوره السياسي على مدى الأيام والسنين، اذا ما اتيحت له فرصة رصد علمه وخبرته في كتاب، وهو ما كان مع ابن خلدون.
للكاتب ثلاثة كتب فقط، إلا أنها أصبحت جديرة بالتأمل والمتابعة على مر الأيام والسنين، فقد احتفل العالم العربي والإسلامي بيوم ميلاده منذ فترة قريبة ونشطت المحافل الثقافية في الاحتفاء به وأعيدت طباعة بعض أعماله منها "المقدمة" التي نشرت في أربعة أجزاء ضمن مشروع مكتبة الأسرة بالقاهرة.
أما الثروة الثقافية العلمية التي تركها فهي "المقدمة" و"كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر" وسيرته الذاتية
حينما اعتزل ابن خلدون العمل السياسي، أفاد العربية بشوامخ المؤلفات العلمية والأدبية، وهو ما يثير السؤال دوما حول جدوى الثقافة ودورها وكثيرا ما ينشغل المحنكون في فنون السياسة الى حد انتهاء دورهم بنهاية فترة زمنية ما، بينما يتاح لمن يملك الموهبة البقاء بل وتزكية دوره السياسي على مدى الأيام والسنين، اذا ما اتيحت له فرصة رصد علمه وخبرته في كتاب، وهو ما كان مع ابن خلدون.
للكاتب ثلاثة كتب فقط، إلا أنها أصبحت جديرة بالتأمل والمتابعة على مر الأيام والسنين، فقد احتفل العالم العربي والإسلامي بيوم ميلاده منذ فترة قريبة ونشطت المحافل الثقافية في الاحتفاء به وأعيدت طباعة بعض أعماله منها "المقدمة" التي نشرت في أربعة أجزاء ضمن مشروع مكتبة الأسرة بالقاهرة.
أما الثروة الثقافية العلمية التي تركها فهي "المقدمة" و"كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر" وسيرته الذاتية.
اشتملت تلك الأعمال على مجمل ملامح فكر الكاتب وشخصيته بل وثقافته ايضا، كما برزت فيها جملة أفكاره وخبرته من خلال عمله السياسي، ذلك العمل الذي قرر أن يتركه فجأة طلبا للسكينة النفسية، وربما نتيجة إلحاح المبدع داخله ورغبته الخفية في التفرغ إلى حياة الكتابة والكتاب.
بدت المرحلة السياسية التي عاشها ابن خلدون مليئة بالصراعات وقد مارسها في بلاد المغرب، وقد أوضح في سيرته شعوره باليأس من تحقيق الاستقرار السياسي في تلك البلاد خلال تلك الفترة.
كما أن ابن خلدون وان عرفت عنه القوة والصرامة في قراراته، الا أنه كما هو حال ككل السياسيين لهم تقلباتهم وربما أراؤهم التي تبدو غامضة ومثيرة الى حد التشكيك في اخلاص السياسي، وقدم ابن خلدون تبريراته لبعض تلك المواقف.
فقد بدا من فرط ثقته بنفسه، يسعى لمقابلة تيمور لنك قائد التتار الغزاة، مما آثار حفيظة العامة والخاصة، الا أنه برر ذلك بأن القائد الغازي هو الذي طلب مقابلته. وقد استمرت فترة العمل السياسي حوالى ربع قرن من العمل الشاق، وقد قيل أنه لم يكن على المستوى الانسانى محبوبا، لميله الى القوة والقوي المنتصر، ولأنه يبدو متقلبا في أحواله وأرائه.
أما المرحلة التالية وقد تفرغه للكتابة لمدة أربع سنوات في قلعة ابن سلامة، حيث الهدوء بعد الصخب، والتأمل بعد اتخاذ القرارات السريعة.
فهو صاحب "المقدمة" تلك التي وضعت أسس علم الاجتماع أو السكان، والذي لعب دوره في بنية هذا العلم وكان من أسسه وقد تطور على يد مشاهير علم الاجتماع في أوروبا فيما بعد، من أمثال أوجست كونت وغيره.
ثم كتاب "العبر وديوان المبتدأ والخبر"، الذي هو في الأصل والحقيقة الكتاب الوحيد الذي كتبه ابن خلدون غير سيرته، ذلك أن كتاب "المقدمة" المعروف باسم مقدمة ابن خلدون، ليس أكثر من الجزء الأول من كتاب العبر، والطريف أن كتاب السيرة الذاتية له، ليس أكثر من قسم من كتاب العبر طال الى حد أن فصله الفاحصون ونشر كسيرة ذاتية مستقلة.ويلزم التنويه الى أن كتاب السيرة تحديدا تمت عليه اضافات كثيرة جمعت من كتاباته التي سجلها حتى فترة قريبة من وفاته، لذا فيعد كتابا مستقلا. واجمالا يمكن اعتبار كتاب "العبر" من الكتب التاريخية التي تتضمن كتاب "ابن اياس" و"الجبرتي" وغيرهما.
كانت المرحلة الثالثة لابن خلدون مزيجا من كونه شخصية سياسية تعمل مع هموم الأفراد، والكاتب المفكر الذي يبدع في قراراته وأرائه.
وبحيلة ذكية طلب السفر الى المشرق العربي لقضاء فريضة الحج، سافر ولم يعد الى بلاد المغرب بعد أن عاش في بلاد الشام ومصر. عمل في مصر قاضيا للقضاة على المذهب المالكي، وعبر عن طريقته في القضاء بقوله:
"ووفيت جهدي بما أقضي عليه (السلطان) من أحكام الله، لا تأخذني في الحق لومة لائم، ولا يزعجني جاه ولا سطوة، مسويا في ذلك بين الخصمين".
خلال كل تلك المراحل بدت موهبة ابن خلدون الابداعية على عدة صور.. فقد عرف عنه الشاعر والخطيب المفوه وكاتب الرسائل والمخاطبات المتميزة، وان حكم البعض على شعره بأنه متوسط القدر، لا هو بالركيك ولا هو بالمجيد، الا أنه جانب هام في شخصية ابن خلدون.
من أشعاره:
"أسرفت في هجري وفي تعذيبي
وأطلت موقف عبرتي ونحيبي
وأبين يوم البين وقفة ساعة
لوداع مشغوف الفؤاد كئيب
لله عهد الظاعنين، وغادروا
قلبي رهين صبابة ووجيب".
لعل أهم ملامح تلك الشخصية الثرية المثيرة أن عرف بالعديد من الصفات التي قد تبدو متناقضة وربما بعضها ليس من باب المدح، وهو ما يمكن أن يتفهمه القارئ المحنك وهو يتابع شخصية ثرية مثله، عمل بالسياسة وبالفقه والقضاء وكتب الأدب.
فقد وضعه الناقد احسان عباس في موضع الاتهام عندما صنف سيرته بأنها كتبت للتفسير والتعليل والاعتذار والتبرير، كأن الكاتب يبرر بسيرته ما فعله كي ينصف نفسه أمام العامة والخاصة.
وأضاف الناقد شوقي ضيف أن الكاتب سجل اضطراب الأحوال في بلاد المغرب وقتها، وبذلك تعد السيرة من كتب التأريخ لتلك المرحلة، أما ما كان منه ومعه وهو أحد المشاركين في صنع القرار السياسي فهو مبرر بتقلب واضطراب الأحوال السياسية تلك.
لقد كان ابن خلدون من المعجبين بأنفسهم، ويشعر بقدر علمه وخبرته، بل وأصداء تلك الشخصية القوية التي يملكها في عيون الآخرين. عبر عن استقبال دروسه في مصر قائلا:
"وانفض ذلك المجلس وقد شيعتني العيون بالتجلي والوقار، وتناجت النفوس بأهليتي للمناصب".
وفي موضع آخر يصف الكاتب شهرته ورواجه بين تلامذته ومريديه، وهو يصف رحيله عن البلاد:
"وخرجت إلى المرسى والناس متسائلون على أثري من أعيان الدولة وطلبة العلم، فودعتهم وركبت البحر وتفرغت لتجديد ما كان عندي من آثار العلم".
ولا يبقى الا ما يبقى من العظماء وأصحاب الإنجازات الكبرى، علمه وفنونه وقدر منفعة الناس منه، وكان لابن خلدون نصيبه وقدره في كل الأحوال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.