24 مايو جمعية عمومية لأطباء الإسكندرية    رئيس الوزراء: النهضة الصناعية تبدأ من التعليم الفني والتكنولوجي    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    «حماة الوطن» يبحث سبل التعاون بين الحزب ومشيخة الأزهر    محافظ القاهرة يتفقد المحاور الجديدة    صندوق النقد الدولي: البنوك القطرية تتمتع برأس مال جيد وسيولة وربحية    مدير التعاون الدولي بمكتب رئيس وزراء اليابان: مستمرون في دعم الأونروا    إسبانيا تستدعي السفير الأرجنتيني في مدريد بعد هجوم ميلي على حكومة سانشيز    الزمالك يرد على بيان كاف بشأن سوء تنظيم مراسم التتويج بالكونفدرالية    الرياضية: جاتوزو يوافق على تدريب التعاون السعودي    التحفظ على الفنان عباس أبو الحسن في واقعة دهس سيدتين بالشيخ زايد    ياسمين صبري تتصدر تريند "X" عقب ظهورها بمهرجان كان    جنوب أفريقيا ترحب بإعلان "الجنائية" طلب إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت    «السرب» درس في الوطنية المصرية    دراسة علمية تكشف أضرارا جديدة للتدخين    الأرصاد تحذر من الطقس غداً.. تعرف علي أعراض ضربة الشمس وطرق الوقاية منها    لحرق الدهون- 6 مشروبات تناولها في الصيف    وزير الرى: اتخاذ إجراءات أحادية عند إدارة المياه المشتركة يؤدي للتوترات الإقليمية    مصرع شاب وإصابة 2 في حادث تصادم أعلى محور دار السلام بسوهاج    ليفربول يعلن رسميًا تعيين آرني سلوت لخلافة يورجن كلوب    أحمد الطاهري: مصرع الرئيس الإيراني هو الخبر الرئيسي خلال الساعات الماضية    وكيل صحة الشرقية يتفقد أعمال التطوير بمستشفى سنهوت التخصصي    انقسام كبير داخل برشلونة بسبب تشافي    أول تعليق من التنظيم والإدارة بشأن عدم توفير الدرجات الوظيفية والاعتماد ل3 آلاف إمام    حجز شقق الإسكان المتميز.. ننشر أسماء الفائزين في قرعة وحدات العبور الجديدة    قائمة الأرجنتين المبدئية - عائد و5 وجوه جديدة في كوبا أمريكا    الأوبرا تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء    "اليوم السابع" تحصد 7 جوائز فى مسابقة الصحافة المصرية بنقابة الصحفيين    محافظ دمياط تستقبل نائب مدير برنامج الأغذية العالمى بمصر لبحث التعاون    الشرطة الصينية: مقتل شخصين وإصابة 10 آخرين إثر حادث طعن بمدرسة جنوبى البلاد    تحرير 174 محضرًا للمحال المخالفة لقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة بختام تعاملات جلسة الإثنين    بدأ العد التنازلي.. موعد غرة شهر ذي الحجة وعيد الأضحى 2024    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. الإفتاء توضح    الصحة تضع ضوابط جديدة لصرف المستحقات المالية للأطباء    تراجع ناتج قطاع التشييد في إيطاليا خلال مارس الماضي    المالديف تدعو دول العالم للانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    الإعدام لأب والحبس مع الشغل لنجله بتهمة قتل طفلين في الشرقية    إيتمار بن غفير يهدد نتنياهو: إما أن تختار طريقي أو طريق جانتس وجالانت    ليفربول ومانشستر يونايتد أبرزهم.. صراع إنجليزي للتعاقد مع مرموش    الإعدام شنقًا لشاب أنهى حياة زوجته وشقيقها وابن عمها بأسيوط    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    لاعبو المشروع القومي لرفع الأثقال يشاركون في بطولة العالم تحت 17 سنة    العمل: ندوة للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية ودور الوزارة فى مواجهتها بسوهاج    وزيرة الهجرة: الحضارة المصرية علمت العالم كل ما هو إنساني ومتحضر    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    10 ملايين في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العملة الصعبة    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    خلاف في المؤتمر الصحفي بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية بسبب أحمد مجدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تحجم الكاتبات العربيات عن تبادل الرسائل مع الأدباء؟
نشر في نقطة ضوء يوم 17 - 07 - 2021

"الرسائل بين الأدباء العرب في العصر الحديث" (دار زينب – تونس) كتاب يتناول من خلاله الباحث شفيع بالزين، بالتحليل والدراسة الرسائل المتبادلة بين الأدباء العرب في العصر الحديث، مستدركاً على الدراسات التي عدت هذه الرسائل امتداداً للرسائل القديمة، تستعيد أغراضها وأساليبها، وتسترجع أشكالها وطرائق القول فيها. ويبرز، بطريقة متأنية، خصائص الرسالة الحديثة التي تفترق عن الرسالة التقليدية لغة وبنية وأساليب كتابة.
هذه الدراسة الرصينة اختارت أن تقرأ الرسائل قراءة جديدة، مستأنسة بالجهود الغربية في مجال القراءة التداولية، مع الاستفادة من الدراسات الإنشائية كلما كان الأمر ضرورياً ومفيداً. وهذان المنهجان مختلفان في الأصل، وربما متناقضان، فإذا كانت القراءة التداولية تربط الخطاب الترسلي بظروف التلفظ ومقاصد التخاطب، فإن الدراسات الإنشائية تحرر الخطاب من ظروف إنشائه. لهذا تعهد الكاتب، منذ المقدمة أن يطوع المناهج الغربية للنصوص العربية حتى يتمكن من الإفادة منها من دون أن يدخل الضَّيم على النص العربي.
يذكر الكاتب، منذ المقدمة، بأن الترسل جنس أدبي قديم، ازدهر بخاصة في القرنين الرابع والخامس للهجرة، وحسبنا أن نتصفح رسائل ابن حزم والخوارزمي وأبي إسحاق الصابي والصاحب بن عباد، حتى نتبين ما أولاه القدامى من عناية فائقة بهذا الفن، الذي بلغ مستوى من النضج الفني والتطور التخاطبي جعل هذا الجنس من الكتابة ينافس الأجناس الأدبية التقليدية مثل الشعر والمقامة. غير أن حركة المراسلات تراجعت بعد القرن الخامس ولم تعد إلى سالف ازدهارها إلا في العصر الحديث، حين أدت التحولات العميقة التي شهدها المجتمع العربي، منذ بداية القرن العشرين، إلى ظهور عوامل أسهمت في ازدهار حركة المراسلات منها هجرة الأدباء وتطور وسائل الاتصال مثل البريد.
نوعان من المراسلة
ومنذ البدء اتجهت حركة التراسل اتجاهين اثنين:
– اتجاه عربي تراثي اتخذ من الرسائل الإخوانية القديمة أنموذجاً يقتدي به ومن بين كتاب هذا الاتجاه: أنستاس الكرملي، وإبراهيم اليازجي، وقسطاكي الحمصي.
– اتجاه مجدد حديث اتخذ من المراسلات بين الأدباء الغربيين مثالاً يستأنس به. ومن كتابه الكبار جبران خليل جبران، ومي زيادة، وأبو القاسم الشابي، ومحمد الحليوي.
أما المدونة التي اعتمدها الكاتب فغزيرة ومتنوعة، إذ تتكون من عشر مجموعات رسائلية هي: الرسائل المتبادلة بين الشيخ إبراهيم اليازجي وقسطاكي الحمصي، ورسائل الشابي، و"زهرة العمر" لتوفيق الحكيم، ورسائل مي زيادة إلى جبران خليل جبران في "الشعلة الزرقاء"، والرسائل بين المعداوي وفدوى طوقان، ورسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان، و"أوراق الورد" لمصطفى صادق الرافعي، و"أديب" لطه حسين، والرسائل بين محمود درويش وسميح القاسم.
وفي صفحات من النقد الرفيع يتناول الكاتب بالنظر خصائص الترسل في الأدب العربي الحديث، فيتأمل أول ما يتأمل، أثر التباعد المكاني والتفاوت الزماني في كتابة الرسالة الحديثة. فهذا الفن يعرف منذ القدم بأنه "كلام يراسل به من بعُد أو غاب"، وهذا يعني أن التراسل يستمد مقوماته ومبررات إنتاجه من التباعد بين الطرفين المتخاطبين، أي من وجود مسافة مكانية وتفاوت زمني مباعدين بينهما. ولا تظهر آثار هذا التباعد في الرسائل الحقيقية فحسب، بل تظهر أيضاً في الرسائل المتخيلة مثل "أوراق الورد" وهي مجموعة من الرسائل كتبها الرافعي إلى صديق بعيد تخيَّله. فعمد الكاتب إلى اختلاق مقام التباعد و"تبعيد" المخاطب أو المرسل إليه، حتى يكون بالإمكان التخاطب ترسلاً. ويشير الباحث إلى أن الأعمال النقدية العربية لم تعرج على مقام التباعد إلا في القليل النادر، لكنها في كل الأحوال لم تبرز دوره في الرسائل وآثاره في التخاطب. وهذا ما أوضحه الباحث من خلال عدد من الرسائل أبرز فيها أثر هذا المقام، مقام التباعد، في بنية الرسالة وأسلوبها وطرائق تصريف القول فيها.
شرط الحوار
ومن خصائص الترسل "الحوارية". فجل الأدباء تعاملوا مع الرسائل المتبادلة على أنها ضرب من الحوار المنعقد بين المرسل والمرسل إليه. فكل مراسلة ليست في الواقع سوى نصف مراسلة، لأنها لا تكتمل إلا بجواب المرسل إليه، "ويجعلها بالتالي قائمة على جدل الاكتمال والنقص"، فهي مكتملة لأنها تعرض نفسها على القارئ في هيئة نص مكتمل، وناقصة لأنها من دون جواب المرسل إليه تفقد معناها. ومن خلال عدد كبير من الأمثلة أوضح الكاتب أثر السمة الحوارية في بنية الرسالة ولغتها وأسلوب كتابتها. ومن أخص خصائص الرسالة عنصر الذاتية، وقد تبسط الكاتب في الحديث عنها بوصفها مقوماً من مقومات فن الترسل. وهذه السمة لا تتنافى مع الحوارية، لأن الذاتية لا تعني انغلاق المتكلم على نفسه، بل إن التخاطب الثنائي في الرسائل شرط من شروط تحقق الذاتية التي تبنى من خلال المقابلة والمواجهة مع المخاطب.
إن كل رسالة تحيل على متكلم خاص وترسم ملامحه الذاتية والتاريخية، وفي العصر الحديث اكتسبت الذاتية أهمية خاصة من تزايد الاهتمام بكل ما هو ذاتي وفردي. وقد أشار محمد شاهين إلى هذا المعنى وهو يتحدث عن جبرا إبراهيم جبرا، حين قال إن الأديب أو الفنان حين يكتب رسالة خاصة فإنه يكون مستعداً لإماطة اللثام عن ذات شخصه، وبهذا يكشف لنا عن الذات الشخصية التي كانت تلبس قناعاً وهي تبدع رواية أو قصيدة.هذا الضرب من الكتابة التي تميط اللثام عن وجه الكاتب الحقيقي سماها محمد بنيس بالكتابة العارية، ووسم بها الرسائل المتبادلة بين محمود درويش وسميح القاسم.
صورة المرأة
وقد ألمَّ الكاتب، في هذا السياق، بصورة المرأة في الرسائل، وأشار، على وجه الخصوص، إلى ندرة رسائلها المنشورة. فإذا استثنينا رسائل مي زيادة، وهي كما يقول الباحث استثنائية ضمن مدونة الرسائل الحديثة، لا نجد للمرأة صوتاً في الرسائل إلا مرسلاً إليها، أو صدى ترجعه رسائل الرجل المرسل، أو نداء يطالب بالإفراج عن صوتها المحبوس في رسائل ضائعة أو مصادرة، كما هو الشأن بالنسبة إلى النداء الذي وجهته غادة سمان في مقدمة رسائل غسان. إن مدونة الرسائل تؤكد أن حضور المرأة فيها كان محدوداً جداً سواء أكانت مرسِلة أو مرسلاً إليها، ويضاف إلى هذا غياب الدراسات التي تنعطف على هذه الرسائل بالتحليل والتأويل.
وفي الختام يلتفت الكاتب إلى الخصائص الأدبية التي تتميز بها الرسالة، فيستعرض، في هذا السياق، مواقف النقاد الغربيين من أدبية الرسالة، وهي المواقف التي تراوحت بين الإنكار والإقرار والتوفيق. ولعل أكثر المواقف رفضاً لوظيفة الرسالة الفنية موقف الناقد الفرنسي لانسون، الذي ذهب إلى أن مراسلات الكتاب لا ترقى إلى مستوى الآثار الأدبية. فلا الرسالة، في نظره، عمل فني يهدف إلى إحداث أثر جمالي، ولا الشكل الترسلي جنس أدبي. أما النقاد العرب فقد اتفقوا على أن مراسلات الكتاب تنطوي على حد أدنى من المقومات الأدبية تميزها عن المراسلات العادية وتبرر اعتبارها جنساً أدبياً. أما الجوانب التي غلب اهتمامهم بها، فهي الجوانب الأسلوبية والبلاغية، وربما جنحوا إلى استخدام المناهج الحديثة مثل المنهج الإنشائي لاستقرائها، واستجلاء غوامضها.
يتأمل الكاتب الرسالة من زوايا كثيرة، مفككاً عناصرها، متأنياً عند الإطارين المكاني والزماني ودور المتكلم والمخاطب فيها، ليصل بعد هذا إلى مقاصدها الأدبية، مبرزاً على وجه الخصوص دوران الكثير من الرسائل على النقد الأدبي، كما هو الشأن بالنسبة إلى الرسائل المتبادلة بين الشابي وصديقه محمد الحليوي، والرسائل التي ضمها كتاب "زهرة العمر" لتوفيق الحكيم.
إن هذه الدراسة التي استأنست بالمنهج التداولي تمثل قراءة جديدة للرسائل المتبادلة بين الأدباء، قراءة حاولت أن تلم بكل خصائص الرسالة الإنشائية والأسلوبية والثقافية، مسلطة الضوء على الكثير من العناصر التي أهملها النقد التقليدي في الرسالة فلم يولها العناية التي تستحق.. هكذا تمكنت هذه الدراسة من إبراز الرسالة الأدبية في ضوء جديد، الأمر الذي جعلها تكتسب، بفضل هذه الدراسة، معاني ودلالات جديدة.
محمد الغزي: اندبندنت عربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.