"الطرود الملغومة" التي أعدها علي الأرجح عناصر تنظيم القاعدة في اليمن ونجحت أجهزة الأمن في دبي وبريطانيا في اكتشافها قبل أن تتسبب في كارثة في الجو تتمثل في تفجير طائرة الشحن العملاقة التي كانت في طريقها إلي شيكاغو أعادت إلي الأذهان محاولة النيجيري عمر الفاروق الفاشلة لتفجير طائرة ركاب أمريكية في طريق رحلتها من امستردام إلي ديترويت بالتزامن مع أعياد الكريسماس 2009. كما ذكرت أيضاً بالعثور علي سيارة ملغومة وابطال رجال الشرطة مفعولها قبل تفجير ميدان تايمز سكوير في قلب أحد أهم أحياء نيويورك السياحية. أيضاً أعاد الحادث الذي استلزم إعلان حالة استنفار في مطارات وموانئ العالم ويتوقع أن تتفاقم معاناة المسافرين جواً بسبب عمليات التفتيش الدقيقة واستخدام أجهزة الماسح الضوئي في المطارات الأمريكية خلال أيام مما ينتهك خصوصية الراكب لدواع أمنية وخشية نجاح تنظيم القاعدة وخلاياه النائمة في اختراق النظام الأمني للولايات المتحدة والدول الغربية التي حاربت إلي جوارها في أفغانستان والعراق. ومن المؤكد أن "طرود اليمن الملغومة" ليست الأولي ولن تكن الأخيرة في الحرب المفتوحة التي تخوضها واشنطن وحلفاؤها ضد تنظيم القاعدة منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 حيث تتسبب السياسات الأمريكية التي اعتمدت علي "عسكرة" السياسة الخارجية الأمريكية واستباحة سيادة بلدان أعضاء في الأممالمتحدة في تجنيد الآلاف في صفوف القاعدة وفروعها وما أكثرها.. مما يعني أن احباط محاولة تفجير طائرة ديترويت ومن بعده انقاذ "تايمز سكوير" والمعابد اليهودية في شيكاغو التي كانت مستهدفة من طرود صنعاء لا يعني أنه في كل مرة "ستسلم الجرة".. ولن يمضي وقت طويل قبل أن يستيقظ العالم علي كارثة علي غرار تفجيرات 11 سبتمبر أو مترو لندن أو الدارالبيضاء أو حتي الخبر السعودية. ولا تخطئ العين أن "الطرود الملغومة" جاءت بعد أيام قليلة من كشف موقع ويكيليكس الالكتروني الأمريكي عن فظائع القوات الأمريكية في العراق الذي نكب بالغزو منذ 9 أبريل 2003 مما يعني أنها أول الغيث علي الجرائم التي ارتكبها بوش الابن في بلاد الرافدين وترقي إلي جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب لكنه لايزال حرا طليقاً وكل من شاركوا في جريمة تدمير العراق وإعادته إلي العصور الوسطي وقتل 2.1 مليون عراقي من الأبرياء العزل. والمؤكد ومن واقع مغامرات بوش في أفغانستان والعراق أن العالم لن يعرف الأمن أو الاستقرار طالما عمدت إدارة أوباما علي الحل العسكري لمواجهة التنظيمات المتطرفة من عينة القاعدة وأخواتها لأن الوجه الآخر للعملة يكمن في اختلال ميزان العدالة الأمريكي والكيل بمكيالين فما يعد جريمة حرب وإبادة في السودان تتطلب ملاحقة الرئيس السوداني عمر البشير وتقسيم السودان.. ليس كذلك في عراق بوش الابن أو غزة ايهود أولمرت وايهود باراك وتسيبي ليفني. كما أن الحماس الذي أظهرته العواصمالغربية عقب اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق والمبادرة بتشكيل محكمة دولية للكشف عن الجناة، لم نجد له وجود إزاء جريمة القرن أعني "اغتيال" العراق شعباً وأرضاً وحضارة ومن قبله فلسطين التي باتت أشبه بقطعة الجبن يعبث بها سكين "الاستيطان" والمتطرفون اليهود ممن استباحوا المساجد والكنائس وكل المقدسات علي مهد المسيح. إنها "المصالح السياسية يا.... ولتذهب العدالة والأمن العالمي إلي الجحيم".