بعد 8 أشهر من تعثر تشكيل الحكومة العراقية وهو ما قد يقود البلاد إلي دوامة جديدة من العنف، جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بدعوة القوي السياسية العراقية إلي عقد اجتماع بعد موسم الحج مباشرة في الرياض تحت مظلة الجامعة العربية بحثا عن حل اللازمة المستعصية بمثابة طوق نجاة للعراقيين في مشهد يذكر باتفاق الطائف الذي رعته المملكة عام 1990 وانهي الحرب الأهلية اللبنانية التي دامت 15 عاما.. وهو نفس المسعي الذي قام به خادم الحرمين الشريفين مع حركتي فتح وحماس عام 2007 لانهاء الانقسام الفلسطيني غير ان عمق الخلافات بين اكبر فصيلين فلسطينيين قضي علي "اتفاق مكة" وحرم الفلسطينيين من فرصة ثمينة للم الشمل ورص الصفوف في مواجهة جبروت الاحتلال الإسرائيلي وآلته العسكرية. وقد انقسم العراقيون تجاه المبادرة السعودية مابين مرحب ومعارض حيث سارع ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي إلي رفض الدعوة. في الوقت نفسه رفض التحالف الوطني العراقي مقترح السعودية لاستضافة محادثات بين الأطراف العراقية لحل الأزمة القائمة في البلاد، في حين رحبت كتل سياسية أخري بالدعوة وسط تحفظ كردي طالب بإفساح المجال أمام مبادرة الطاولة المستديرة. وجاء رفض التحالف الوطني -الذي يضم الكتل السياسية الشيعية- في بيان تلاه حسن السنيد أحد نواب كتلة ائتلاف دولة القانون. وبرر البيان رفضه الدعوة السعودية بالقول إن الكتل السياسية العراقية باتت قريبة من التوصل لاتفاق بعد أن أمرت المحكمة الدستورية البرلمان باستئناف جلساته، مشيرا إلي أن التحالف الوطني واثق من قدرة الشعب علي التوصل لاتفاق بخصوص تشكيل حكومة شراكة وطنية. وقال النائب السنيد إن التحالف علي الرغم من تقديره للسعودية علي قلقها علي الوضع في العراق، يحب أن يؤكد أن الزعماء العراقيين يواصلون اجتماعاتهم للتوصل إلي إجماع وطني موضحا أن التحالف الكردستاني الذي يشعل 57 مقعدا برلمانيا يؤيد بيان التحالف بشأن الدعوة السعودية. وكانت وكالة رويترز للأنباء قد نسبت إلي سامي العسكري أحد النواب المقربين من المالكي قوله إن الدعوة السعودية غير إيجابية باعتبار أن المملكة ليس لها أي دور في العراق بسبب عدم وقوفها بشكل حيادي حيال الوضع العراقي في السنوات الأخيرة. وأضاف العسكري أنه لو جاءت الدعوة من دول أخري مثل سوريا أو الأردن أو حتي تركيا لكان لها فرصة أكبر في القبول من قبل الأطراف السياسية علي حد تعبيره. يذكر أن التحالف الوطني الذي يضم أيضا المجلس الأعلي الإسلامي في العراق بزعامة عمار الحكيم وحزب الفضيلة والكتلة الصدرية، كان قد رشح في الأول من الشهر الجاري المالكي لولاية دستورية جديدة علي الرغم من وقوع الانشقاق بين مكونات التحالف. من جانبها رحبت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي بالدعوة السعودية حيث اعتبر صالح المطلك -رئيس الجبهة العراقية للحوار الوطني والقيادي في القائمة- أن المبادرة السعودية فرصة تاريخية للعراقيين والقادة السياسيين في العراق. ودعا المطلك القادة السياسيين إلي تلبية هذه الدعوة، والذهاب إلي الرياض بقلوب وعقول منفتحة، والاستعداد لتقديم تنازلات وصفها بأنها قاسية، من أجل العراقيين.