اعتقد أن وزير الاعلام أنس الفقي لابد وأن يكون في مقدمة الساعين إلي تحويل التوجيه الرئاسي إلي واقع ملموس مصادفة رائعة تلك التي جمعت بين موعد نشر مقالي في الأسبوع الماضي بعنوان "شموس في سماء الوطن" مع ما نشر عن الاتصال التليفوني الذي اجراه الرئيس مبارك مع اللواء محمد حسن الصول أحد ابطال حرب أكتوبر بعد استضافته في أحد البرامج التليفزيونية.. ومطالبة الرئيس بضرورة العمل علي نشر روح أكتوبر بين شباب الأجيال الجديدة من خلال اللقاءات المباشرة بين الأبطال والشباب في الجامعات والمدارس، وأيضًا من خلال التوسع في نشر هذه البطولات من خلال وسائل الاعلام المختلفة. وقد شعرت بأن هذا التوجيه الرئاسي قد جاء تنويرا للعديد من "المجهودات الفردية" التي بذلت في هذا المجال وقد شرفت بأن يكون لي "جهد متواضع" ضمن هذه المجهودات الفردية فعلي مدي ما يقرب من العشرين عامًا أصدرت أكثر من عشرين كتابًا تقدم توثيقًا وتأريخًا للحركة الوطنية المصرية في العصر الحديث مع التركيز علي ذروة هذه الحركة الوطنية في الفترة من "1956 - 1973" وقد انهيت مقالي في الأسبوع الماضي بعبارات واضحة عن حتمية مشاركة الجهات والمؤسسات المعنية في العمل علي إحياء روح أكتوبر حيث كتبت نصًا، "وعلي اية حال فإن هذا الجهد الفردي المتواضع الذي إجتهدت في تقديمه يحتاج إلي جهود أخري كثيرة وذلك لأن تقديم تاريخنا الوطني إلي الأجيال الجديدة يعد "فرض عين" علي كل قادر وليس "فرض كفاية" خاصة أن تلك الشموس التي ملأت سماء هذا الوطن العظيم بدأت تتناقص إما بالرحيل عن دنيانا.. واما بضغط سنوات العمر والأمراض فهل يتحقق حلمي الذي سعيت خلفه سنوات طويلة بأن اجد هيئة أو مؤسسة تتبني مساعدتي في تسجيل هذا التاريخ العظيم قبل أن تأفل كل شموسه ولا يتبقي لنا إلا ظلام الفساد". واخيرًا جاء هذا "التوجيه الرئاسي" ليكون "مشروع عمل" لكل الهيئات والمؤسسات ذات الصلة بالموضوع واعتقد أن وزير الاعلام أنس الفقي لابد وأن يكون في مقدمة الساعين إلي تحويل التوجيه الرئاسي إلي واقع ملموس من خلال العديد من البرامج المتميزة و"المخدومة جيدًا" والتي تعمل علي تقديم أبطال وبطولات مصر في انتصار أكتوبر وايضًا خلال حرب الاستنزاف العظيمة. وفي هذا الاطار فقد شرفت بأن أكون صاحب التجربة الوحيدة التي عملت علي تقديم أبطال وبطولات مصر وإحياء روح أكتوبر وذلك من خلال البرنامج التليفزيوني "شموس في سماء الوطن" والذي قمت بإعداده وتقديمه علي قنوات دريم واستضفت من خلاله أكثر من أربعين بطلاً من أصحاب الأدوار الرائدة والحاسمة في تحقيق نصر أكتوبر ومن هؤلاء الأبطال اللواء باقي زكي يوسف صاحب اختراع الرشاش المائي الذي هدم خط بارليف بعد أن كان العالم كله يتحدث عن حتمية إستخدام قنابل نووية لإزالة هذا الخط الرهيب كما استضاف البرنامج اللواء أشرف رفعت قائد القوات البحرية الأسبق وصاحب فكرة حصار باب المندب والتي خنقت إسرائيل تمامًا خلال حرب أكتوبر. كما استضاف البرنامج أبطال الطريق إلي ايلات الذين دمروا "بيت يام، بيت شيفع" وهم نبيل عبدالوهاب، رامي عبدالعزيز، عمرو البتانوني" ومن الشموس البازغة قدم البرنامج ايضا الأبطال الذين دمروا المدمرة إيلات في 21 أكتوبر 1967 وهم اللواءات حسن حسني - لطفي جاد الله - ممدوح منيع ومن الصاعقة استضاف البرنامج اللواءات مختار الفار، حسين مختار، صلاح خيري.. كما استضاف من أبطال الغواصات اللواءات ياقوت حسين محمد علي فاضل وغير هؤلاء الكثير والكثير من الأبطال أصحاب البصمات شديدة الخصوصية والتميز، وتحولت حوارات هؤلاء الأبطال إلي انفرادات حقيقية لأنهم يقدمون معلومات تطرح علي الرأي العام لأول مرة، ولأنهم وجوه غير "محروقة" أو مستهلكة إعلاميًا ورغم هذا التفرد وهذا التوثيق الذي قدمه هذا البرنامج غير المسبوق علي كل الشاشات المصرية إلا انه توقف فجأة وذلك لأن قنوات دريم - ربما - لأنها قنوات خاصة فإن عملية التأريخ والتوثيق لبطولاتنا وأبطالنا لا تأتي علي قمة أولوياتها رغم أن هذه الحوارات تمثل كنزًا حقيقيًا خاصة وأن هؤلاء الأبطال لم يسبق لمعظمهم أن تعاملوا مع وسائل الاعلام. المهم أن التوجيه الرئاسي الأخير قد جاء ليعيد الأمور إلي نصابها الصحيح وليقدم تكليفا واضحا للعديد من الجهات والمؤسسات والتي يأتي في مقدمتها وزارات الاعلام والثقافة والتعليم والتعليم العالي والمجلس القومي للشباب لتعمل بكل الجهد والاجتهاد علي إدراك البقية الباقية من النسيج الشريف والنبيل والذي يمثله أبطال الاستنزاف وأكتوبر لنقدمه إلي الأجيال الجديدة كقدوة شريفة ونبيلة ومستطاعة وايضا لنجعل منه "عصي موسي" التي تلقف كل أفاعي الفساد. ومن المؤكد أن كل هذه الهيئات لو تعاملت مع التوجيه الرئاسي الأخير بما يليق به من جدية وإجتهاد فإنها ستظل في أشد الحاجة إلي وزارة الاعلام لأنها تمتلك الوسائل الأكثر تأثيرًا وإنتشارًا ونعتقد أن أنس الفقي وزير الاعلام لابد وأن يلتقط "طرف الخيط" ليكون المبادر إلي تفعيل وتنفيذ هذا التوجيه الرئاسي الذي وضع روح أكتوبر بين مؤسسة الرئاسة ووزارة الاعلام وقد بادرت مؤسسة الرئاسة بهذا التوجيه الواضح والحاسم عن ضرورة إحياء روح أكتوبر ليتبقي الأمر معلقًا بمدي "سرعة التلبية" التي تمتلكها وزارة الاعلام. [email protected]