رغم مرور تسعة اشهر منذ تولي د. احمد زكي بدر منصبه كوزير للتربية والتعليم الا اننا نستطيع ان نؤكد ان الاختبار الفعلي والعملي لسياسته وقراراته التي اصدرها منذ تولي المنصب سوف تبدأ من اليوم فعليا مع بداية العام الدراسي الجديد الذي بدأ امس رسميا واليوم عمليا. ولكن علي الجانب الاخر حينما يسأل المتخصصون او القريبون من العملية التعليمية عن ملامح العام الدراسي الجديد او توقعاتهم له؟ فان العنوان الوحيد الذي قفز الي ذهني هو عودة الانضباط الي المدرسة وما اقصده بعودة الانضباط هو وجود المدرسة ككيان مادي من حضور وغياب لجميع العناصر فيها سواء كانت من الطلاب او المدرسين او الادارة المدرسية ومما لا شك فيه ان الزيارات المفاجئة لوزير التربية والتعليم في نهاية العام الدراسي الماضي هي السبب الرئيسي وراء عودة المبني المدرسي خاصة اننا كنا قد وصلنا في مراحل سابقة الي حالة من الترهل والتردي لمؤسسة المدرسة جعلت الذهاب اليها عملية شكلية تماما من كل الاطراف.. هذا اذا ذهب اليها احد.. ولذلك فعودة المدرسة تمثل خطوة اولية مهمة ومطلوبة في الوقت نفسه ولكن هل عودة المدرسة او بمعني اخر هل المدرسة هي مجرد جدران وتوقيع في كشوف الحضور والغياب ام ان المدرسة في الاساس عملية تعليمية وتربوية متكاملة الاركان؟ اعتقد ان ذلك قد تحقق حتي الان او من المتوقع ان يحدث الشكل العام للعملية التعليمية ولكن المضمون وهو ما تسميه تطوير التعليم فعليا.. فهل سيتحقق في ضوء المعطيات الحالية؟ هذا هو السؤال الشائك اليوم.. ماذا بعد حضور الطلاب والمدرسين؟ وهو ما سوف اتحدث عنه في ضوء المعلومات القليلة المتاحة لدينا، وليعتبرنا القاريء في ذلك نظرا لغياب آلية الحوار والسؤال والجواب والاستفسار من المعلومة من المسئولين عنها داخل وزارة التربية والتعليم.. فهناك حظر عام علي الكلام للجميع!! حتي ان مقابلة الوزير المسئول اصبحت متعثرة ولم تتم مع الصحافة المتخصصة حتي الان؟ فمثلا اذا كان هناك العشرات من القرارات الادارية قد تم اتخاذها من قبل وزير التربية والتعليم منذ ينايرالماضي وحتي الان... وهي كلها لا تخرج عن عنوان اسم اعادة ترتيب البيت من الداخل ويدخل تحت هذا العنوان قرارات الاستقالة او الاقالة اي كانت التسمية لعدد غير قليل ان لم يكن لمعظم مسئولي التعليم في السنوات لاسابقة... فان ذلك لا يعني بالضرورة انه قد حدث تطوير فعلي في العملية التعليمية وانما هي في اطار التطوير الاداري وهو ايضا مطلوب ومهم ولكن في مقابل كل ذلك لم يصدر الا قرارات قليلة للغاية لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة قد تمس صلب العملية التعليمية في المدارس وهذه القرارات بالترتيب هي اعادة النظر في نظام التقويم الشامل وطريقة تطبيقه وكذلك القرارات التي تمس الشهادة الاعدادية وعلي رأسها الغاء مادة الرسم من المجموع وحصر تطبيق نظام التقويم الشامل ليصبح آلية شكلية فقط بدلا من تطبيقه كما كان متخذا من قرارات في عهود وزارية سابقة. فمثلا فهمت المدارس حتي الان ?ان نظام التقويم الشامل قد الغي فعليا من التطبيق في كل السنوات الدراسية? وحتي لحظة كتابة هذه السطور بما فيها افضل المدارس ذات السمعة الطيبة لا تعرف شيئا عن القرارات الوزارية وكيفية التطبيق للقرارات الجديدة في الواقع اليومي للطلاب وبعد جهد جهيد استطعت التوصل الي ان نظام التقويم الشامل قد تقرر تطبيقه علي مادتين فقط يختارهما الطالب من المواد التي يدرسها وذلك لكل السنوات الدراسية من مرحلة التعليم الاساسي اي من الصف الاول الابتدائي فيما عدا الابتدائية والاعدادية وبمعني تفصيلي فان امتحانات الشهور باقية ودرجات الحضور والغياب باقية وكذلك درجات الشفوي وكل ذلك سيدخل ضمن اطار نسبة ال 50% من درجة الطالب اما نسبة ال 50% الاخري فسوف تترك لامتحان نصف العام واخر العام ?ملحوظة.. لم افهم كيف سيحسب درجات الانشطة وكانت نسبتها ما يقرب من 15 درجة? فهل ستحسب فقط كشرط للناجح او عنصر تفضيلي بين الطلاب.. مازالت المعلومة غير واضحة حتي الان وتقرر قصر الانشطة الطلابية في حصة شهريا وفي مادتين.. ألم يكن من الافضل اذا كان يراد التطوير فعليا ان تلغي امتحان نصف العام واخر العام خاصة في سنوات النقل لان هذه الامتحانات عمليا تمثل عبئا كبيرا علي المدارس في الادارة والكنترول والمراقبة والتصحيح.. كما انها علي الطرف الاخر تمثل استمرارا لتكريس منهج الحفظ والتلقين ?السمة الاساسية? للتعليم المصري طوال قرن كامل.. لماذا لا تلغي هذه الامتحانات ونسبتها 50% يعني ان الطالب اذا نجح فيها بالدروس الخصوصية يعتبر ناجحا.. فلماذا لا تلغي نهائيا وتعود الدراسة والمدرسة الي الواقع التعايشي الفعلي بين الطالب والمعلم من خلال امتحانات شهرية تحريرية وشفوية وحضور وانتظام الي اخره أليس من الافضل ان يستفيد الطالب المصري بالتعليم بعدد اياماً اكثر للدراسة بدلا من ضياع ايام الامتحانات في نصف العام واخر العام خاصة انها ليست سنوات مصيرية مثل الاعدادية او الثانوية العامة.. انه مجرد اقتراح لعل في دراسته بموضوعية.. يمكن ان يساهم في تطوير حقيقي للتعليم.. اما القرار الثاني فهو الغاء درجات مادة الرسم من المجموع في المرحلة الاعدادية وقد صحح لي مصدر مسئول الخبر ?المنشور? بان الغاء لحساب درجات هذه المادة في الشهادة الاعدادية فقط باعتبارها شهادة حاسمة في مستقبل الطالب لان درجة واحدة يمكن ان تحرم طالبا من الذهاب الي التعليم العام ويذهب الي التعليم الفني ?تعليم الدرجة الثانية- في منظومة التعليم المصري? واذا كان ظاهر القرار هو العدل بعينه خاصة ان مادة الرسم ?هي مادة ميول وموهبة? لكنها في المقابل مادة علمية ايضا يدرس الطالب فيها منهجا محددا من تاريخ الفن ومدارسه فاعتبارها ?موهبة? فقط هو نظرة ضيقة للامور والا فليحدثنا من يقولون هذا الاتجاه ماذا يدرس طلاب كليات الفنون الجميلة والعمارة من مواد نظرية لها منهج وكتاب.. فمنهج الفنون في المرحلة الاعدادية هو المنفذ الوحيد لطلابنا للتعرف والتذوق والمعرفة لتاريخ الفن والمعمار في الحضارة الانسانية بما فيها الحضارة الفرعونية والاسلامية والقبطية.. فلماذا هذه النظرة الضيقة لمادة الرسم وحصرها فقط في مجرد ?موهبة? مع انها كانت ارخص الانشطة التي يمارسها الطلاب داخل المدارس.. ناهيك عن الاثر الفني والمعنوي لدراسة مثل الخط العربي بمختلف مدارسه والعمارة الاسلامية والفن القبطي ناهيك عن العمارة الفرعونية اخشي ان يكون وراء هذا القرار الذي لا اشك انه اتخذ بحسن نية آثار علي المدي البعيد وفرصة لتغلغل التيارات المتطرفة في عقول الطلاب خاصة انها قد تعتبر نجاحا لها ولخططها من الغاء مادة الرسم في المجموع واعتبارها مادة رسوب ونجاح كما تم. تبقي مشكلة اخيرة ظهرت منذ منتصف يوليو الماضي ومستمرة حتي الان وهي حظر طبع الكتب المسماة خارجية وبيعها بالمكتبات حتي ان البعض اطلق عليها الكتب الممنوعة واخشي ان يتم ضبط الطلاب متلبسين بحمل هذه المواد التي اصبحت محظورة الان رغم ان كثيرا ممن حصلوا عليها من قبل العام الدراسي واصبحت محظورة فقط مثل كلمة الجماعة ?المحظورة?. وهي قضية لا توجد الا لدينا في نظامنا التعليمي فلا اعرف ماذا يعني ?كتاب خارجي? واخر ?داخلي?- فالكتاب هو الكتاب- ونأمل ان تحل هذه الازمة قريبا ونتمني ان يصبح الداخلي هو الخارجي وهذا لن يتم الا بتطوير المناهج ومحتواها العلمي وساعتها سوف نلفظ المحظورة تلقائيا.