هكذا قالها أوغلو وزير الخارجية التركي بأن اليورانيوم الإيراني الذي سيتم إرساله إلي بلاده.. بأنه أمانة الشعب الإيراني لدي تركيا وبمهارة من بلاد السامبا قذفت الكرة بركلة جزاء صنعتها لتصوب الهدف في الملعب الغربي.. فهي لها السبق الكروي علي المستوي العالمي، ولكن ليس لها سبق في السياسة كما تقول إسرائيل. والحقيقة أن البرازيل قدمت أوراق اعتمادها لتكون مؤهلة كعضو دائم بمجلس الأمن في المرحلة المقبلة، وهو ما تتطلع إليه بشغف ولهفة ظلت البرازيل تتربص بأي مأزق تستطيع من خلاله أن تلعب دوراً بارزاً فلم يكن أمامها أهم من الملف الإيراني الذي أخذ يجوب حوارات عدة حول المغزي المطلوب منه هل فرض مزيد من العقوبات أو التلويح بالحرب. وتصدت مجموعة 5+1 لهذا البرنامج وسط تأييد عالمي تتزعمه أمريكا ومعها إسرائيل، وتأرجح في المواقف بين دولتين كالصين وروسيا تستخدمان الورقة الإيرانية هدفاً لتحقيق أغراض سياسية، وبين التأييد والرفض أخذ وقتاً وسجالاً طويلاً يمكن أن تكون من ورائه إيران، الموقف الإيجابي لتخصيب اليورانيوم، خاصة أن عامل الوقت هو أهم عنصر لتحقيق أغراضها. أما تركيا الحائزة علي الثقة الإيرانية التي لم تأت من فراغ فهناك تنسيق إقليمي بينها وبين إيران ومعهما سوريا، وعليه فتح الباب العالي علي مصراعيه لاستقبال هذا العزيز الغالي ليكون في أيد أمينة ليعود عالي التخصيب وبنسبة 20% وتم الاتفاق لتبادل الوقود النووي الإيراني. وبذلك لم يعد للولايات المتحدة وحلفائها أي مبرر للاستمرار في فرض العقوبات والضغط علي إيران وتسوية هذا الملف المسيس لتبدأ الأمور تأخذ بُعداً جديداً من المفاوضات، والحقيقة أن تركيا لم تكن مجرد وسيط فهي الأخري تريد أن تحقق طموحاتها في الحصول علي كارنيه في عضوية الاتحاد الأوروبي وهذه رغبة ملحة بل منتهي آمال الحلم التركي وفي الوقت ذاته إعادة رسم خريطة الدولة العثمانية وأمجاد الباب العالي من جديد، ولا مانع من حصولها علي عضوية دائمة في مجلس الأمن. ويمكن أن نشير إلي أنه إذا كانت تركيا وأيضاً البرازيل يريدان احتواء الملف الإيراني، فكل منهما له أمان أساسية لكسب الذات وبدأ التأييد العالمي لهذه المبادرة التي وقعها كل من البرازيل، وتركيا، وإيران علي احتواء هذا الملف وبدأت الصين وروسيا تعلنان تأييدهما لهذا الوضع وأيضاً بعض الدول بالطريقة التي تراها من وجهة نظرها، إلا أنه نجد أن هناك تشكيكاً في النوايا بأن هذا الاتفاق ما هو إلا شعار يخفي وراءه عامل الوقت باعتباره الأساسي في تصنيع القنبلة الذرية واستطاعت إيران أن تحقق مكسباً دولياً أمام العالم بأنها انصاعت لأوامره، وأصبح الغرب منشقاً بين مؤيد ومعارض.. والسؤال ماذا تريد إسرائيل الآن؟ لقد أربك هذا الاتفاق الغرب وعليه ألحت الحجج الإسرائيلية بالتلويح عن المخاطر التي تصيبها من بلاد الأعاجم، حيث إن الحبل بدأ يضيق علي رقبتها إزاء مواقف لم تكن في الحسبان وهي زيارة الرئيس الروسي إلي تركيا وسوريا ولقائه بحركة حماس وهذه دلالة تؤكد اعتراف الجانب الروسي بها وهذا بلاشك أربك الحسابات الإسرائيلية التي باتت بين عشية وضحايا في اختلاق العديد من المآزق السياسية لتنفك وتنأي بنفسها عن المطالبة بتوقيعها علي الاتفاق علي نزع السلاح النووي.. هذه أمور تعرض نفسها علي الساحة المشتعلة لتجد نفسها محاطة وبرداً وسلاما عليها ولكن أثبتت بالدليل القاطع أن المسألة لم تكن نووي فقط ولكن هناك ما هو أكثر بعداً من ذلك والواقع المرير يشير إلي أن الهدف هو تقليص أي جهد إسلامي عربي يتلمس الصعود ليكون في مصاف الكبار ناهيك عن الأسلوب الذي تنتهجه إيران فيما يختص جيرانها من أعمال تقلب المزاج العربي نحوها وتلك تتعلق بتغلغل الشيعة والترويج لهذه العقيدة فيما يؤثر في صلب الاستقرار وما ينتج عن ذلك لتثبت مدونتها للاقناع بالحلم الفارسي من المحيط إلي الخليج وهذا في حد ذاته يتشابه فيما تريده دول أخري.. لذا لم يعد في مقدورنا إلا أن نستنبط من وراء ذلك أن هناك عاملين وراء افتعال هذا الملف الإيراني أولهما أزمة الثقة، والثاني يتمثل في افتقار الأدب السياسي فصيغة الأمر التي تحملها أمريكا إلي إيران بإرسال مكتوب رسمي لوكالة الطاقة الذرية كان يمكن استبداله بأخر أكثر تهذيباً مما يجنب المفهوم الذي حمل نبرة الاحتقار وعليه كان الرفض فإلي متي يمكن أن نصل إلي حل مؤكد نحو هذا الأمر؟ هل هو الحوار أم القوة؟ ومازال السؤال مطروحاً..