كشفت مجلة تايم الأمريكية عن إن النظام الديمقراطي في العراق في محنة بعد قرار المحكمة العليا ببطلان ما حصل عليه 52 مرشحا من أصوات في الانتخابات التشريعية التي جرت في مارس الماضي. وفي تقرير لمراسلها أندرو لي باطرز، ذكرت المجلة في عددها الأخير أن تلك حقيقة أقر بها السفير الأمريكي لدي بغداد كريستوفر هيل لأول مرة. ولعل السبب في ما أبداه من قلق -تقول المجلة- مرده إلي قرار المحكمة العليا. غير أن القلق الأكبر الذي يساور هيل بعد انقضاء سبعة أسابيع منذ انتهاء الانتخابات يكمن في أن السياسيين العراقيين لم يقبلوا نتائجها، بل إنهم لم ينهمكوا بعد في مفاوضات جادة لتشكيل حكومة جديدة. ونقلت تايم عن السفير قوله إنه يشاطر أولئك الذين يرون أن الوقت حان لكي ينخرط السياسيون في تلك المفاوضات قلقهم. وتري المجلة أن ما دفع رجل أمريكا في بغداد ليطلب من السياسيين العراقيين القيام بواجباتهم الأساسية ينبغي أن يكون بمنزلة إنذار لكل من كان يأمل أن تترك الولاياتالمتحدة وراءها عراقا ديمقراطيا مستقرا عندما يحين موعد انسحاب آخر جنودها من هناك بنهاية العام القادم. ومن المزمع أن تنسحب القوات القتالية الأمريكية بنهاية أغسطس المقبل، بيد أن مسئولين أمريكيين بدأ يتطرق إليهم الشك في إمكانية أن تكون للعراق حكومته عند حلول ذلك الوقت. وكان مسئولون أمريكيون أشاروا فيما مضي إلي أنهم ربما يعملون علي إبطاء سحب القوات إذا لم تمض العملية الانتخابية علي نحو سلس. لكن حتي إن أقدمت وزارة الدفاع (بنتاجون) علي تأجيل الانسحاب -كما تري المجلة- فربما لن تستطيع أن تفعل الكثير لمعالجة الفوضي السياسية في بغداد. ومع أن القوات الأمريكية -تضيف المجلة- منخرطة في معظمها في تدريب الجيش والشرطة العراقيين وتحرس حدود البلد، تقوم كذلك بتأمين "الديمقراطية المدنية" من الانقلابات العسكرية. يأتي ذلك في وقت واصلت فيه السلطات العراقية عملية أمنية واسعة بعنوان "وثبة الأسد" تستهدف عناصر تنظيم القاعدة في محافظة ديالي (شمال شرق بغداد)، حيث أكد مسئولون أمنيون أن هذه العملية ستنهي وجود التنظيم في هذه المناطق. وأوضح أن الجهات الأمنية حصلت علي معلومات استخبارية مهمة، لا سيما بعد العملية الأخيرة التي أدت إلي مقتل زعيمين من التنظيم هما أبو عمر البغدادي زعيم ما يعرف بدولة العراق الإسلامية، وأبو حمزة المهاجر. وكانت "وثبة الأسد" انطلقت قبل ثلاثة أسابيع وشنت القوات العراقية حملات واسعة في منطقة جبال حمرين، وهي مناطق وعرة وواسعة وترتبط بحدود مع مناطق من كركوك وصلاح الدين. وأعلن قائد شرطة ديالي اللواء الركن عبد الحسين الشمري -الذي تنسق قواته مع أجهزة الجيش العراقي في شن هجمات الدهم والاعتقال ضد المشتبه فيهم- أن بوادر الحسم ضد تنظيم القاعدة باتت وشيكة للغاية، وأكد أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد الإعلان عن انتهاء تنظيم القاعدة في ديالي. وأعلنت مصادر أمنية في ديالي أن القوات العراقية تمكنت من الاستيلاء علي أهم مقرات القيادة المركزية لتنظيم القاعدة وتم اعتقال العديد من قادة التنظيم. من جانبه يري الخبير الأمني العراقي العميد وليد الراوي، أن مقتل أبو عمر البغدادي و"وزير حربه" أبو حمزة المهاجر لا ينهي أو يؤثر علي نشاط تنظيم القاعدة، "لأن حربا كهذه -نسميها حرب عصابات أو حربا غير نظامية- لا تعتمد علي شخص معين، فتنظيمات كهذه تعتمد البديل في حال ما إذا قتل أو ألقي القبض علي مسئول التنظيم".