من حق الحزب الوطني أن يتفاخر بانجازاته الحزبية، التي لم يتمكن حزب في مصر من احزاب المعارضة منفردة أو مجتمعة أن تحققه فعبر السنوات الثلاثين للحياة الحزبية الحديثة، استطاع الحزب الوطني ان يتجاوز كل الخلافات أو الانشقاقات داخله، وجاء اليه تيار جديد، وخرج تيار قديم، وتبدلت المقاعد، وهزم في الانتخابات البرلمانية، لكنه استطاع وبسرعة تحسين صورته وبدأ مرة أخري وكأنه حزب أغلبية. وكأنه نسيج واحد وكأنه حزب فيه كل التيارات السياسية، وكأنه حزب يضم المستقلين الذين يسعون إليه، وكأنه الحزب الحاكم. وعلي الجانب الأخر تبدو المعارضة الحزبية، والتيارات السياسية التي تتسع اسماؤها كل يوم وتشكل جماعة معارضة جديدة مرة كفاية واخري ضد التوريث وثالثة "مستقبل مصر" وأخري لنصرة البرادعي ورابعة وتاسعة اللطيف انها جماعات متنوعة الاسماء لكنها تضم نفس الاشخاص الاربعين وحتي المئة شخصية التي تظهر علي الساحة محاولة بلورة تيار معارض خارج الاحزاب، بعدما فشلت الاحزاب المعارضة التي لا يعرف الناس معظمها، حتي لمجرد اسم، فما بالك بالاهداف والتوجهات والتيارات. المعارضة تحت القبة، وفي الاحزاب، وفي الحياة العامة، لم تلمس أوتار وقلوب الناس، في أي قضية. ومعظم كلامها، عام لايشعر به الناس، ولا يحس يه احد.. كلام عام عن الاصلاح وتعديل الدستور، ومزيد من الديمقراطية وكأنه واجب مدرسي ثقيل لابد من ترديده في كل مناسبة، وتعقد الاجتماعات، وتخرج الصحف لتؤكد أن المعارضة أحزاب متفرقة، فيها احزاب تؤيد الحكومة وتدافع عنها، بل يمكنها أن تعطي صوتها الانتخابي للحزب الحاكم. وأخري تبدو علي اليسار تماماً، لكنها لاتعرف كيف توصل رسالتها للناس، وتنسي أن الاحزاب لا قيمة لها إلا بالناس والجماهير، وتظل معارضة متشرذمة، ومختلفة وضعيقة وتعيش في ابراج عاجية بعيدة عن الناس والجماهير الذين هم مصدر السلطات والسلطان والحكم والقوة .. والاغرب أنها بما تفعله تعطي عناصر قوة للحزب الوطني الذي يبدو في أعين البعض انه حزب ويبدو للبعض أنه حزب قوي .. لكن الواقع ان مصر تعيش بلا حياة حزبية علي الاطلاق ونحن اقرب للاتحاد الاشتراكي العربي من أي شي أخر.