ولادة توأمة جديدة من تزاوج سوري إيراني.. خرجت من الرحم السوري، برغم الطلب بإجهاضها علي يد الجراح الأمريكي، والذي يرغب في ابتعاد سوريا عن إيران بحجة ألا يخرج الوليد مشوها ويكون مثل أبناء حزب الله وحماس ويزيد من عدد كثرتهم، وهم في نظرهم أتوا عبر مخاض غير شرعي، ولكن ما لبث أن خرج الوليد إلي الدنيا، وعُلقت الزينات ابتهاجا بمولده، واتفق الجانبان السوري والإيراني علي إزالة كل العقبات التي تعترض حدود الدولتين وإلغاء التأشيرات باعتبارهما بلدا واحدا، وتم عقد مؤتمر صحفي لهذه المناسبة مما يعد أبلغ رد علي أمريكا، وقد نجم عن اللقاء صدور عدة قرارات، فطلب أمريكا ابتعاد سوريا عن إيران يعد لافتا للنظر أنه بعيد كل البعد عن كل الشئون الدبلوماسية المحنكة، فإذا كانت تريد إبعادها فما هو البديل، وعلاوة علي ذلك هناك سُبل يمكن أن تتم للوصول نحو هذا الهدف، ولكن أثبت أن هناك عُقما في تفعيل الدور الذي يؤسس نمو هذا الأمر.. وما أخذته الدولتان علي أنه أمر ممكن مطلوب تنفيذه إلا ما خلا من تصريحات متكررة نحو حل المشكلة السورية الإسرائيلية فقدت مدلولها.. فكان بذلك رد الفعل الذي ترتب عليه هذا الاتفاق الذي إن جاء من الجانب السوري علي الأقل نتيجة ملل وعدم مصداقية، وقد طالت التصريحات عدة أمور يكتنفها نبرة التهديد لإسرائيل إذا عاودت لأفعال الماضي فسيكون اختفاؤها من الوجود، وأبدي الجانب السوري تأييده في حق امتلاك إيران المفاعل النووي شأنها في ذلك شأن الدول الأخري، وقال إن العالم الغربي لا يريد أن يكون للمسلمين ما يمكنهم من القوة التي تحميهم ويواجهون بها أعداءهم، أو يكونون في مصاف الدول المتقدمة والحقيقة أن المناسبة التي جمعت السوري والإيراني وتابعهم حسن نصر الله في لقاء يعد تحديا في العلاقات إلي جانب التحدي في استمرار التخصيب راجعة إلي عدة دلالات أهمها أن النجم الأمريكي بدأ يتواري عن مصداقيته، والتي بدا واضحا في تراجعه في العديد من قراراته ولتكن الملفات العالقة والساخنة مثل القضية الفلسطينية والتي أخذها أوباما علي عاتقه وخصص لها فصلا في خطابه، موضحا أمورا مهمة منها حل الدولتين، وحدود 67، والكف عن الاستيطان.. إلا أن النبرة تراجعت بل اختفت وأصبح هناك نوع من الخرس السياسي نحو هذا الأمر فباتت الأمور تأخذ شكلا دون النظر إلي المضمون الذي هو لب القضية واختفي الحماس نحوها مما عزز نوعا من التضامن نحو إنشاء كتل نجدها سمة واضحة في هذه الآونة ولتكن قبل ذلك الكيان السوري التركي واليوم الاتفاق السوري الإيراني.. إضافة إلي ذلك ظهور نجم جديد في سماء العالم يحوم حول مكان القطب الأوحد ليأخذ مكانه ساعد ذلك ارتفاع أسهمه الاقتصادية التي عززت السمة السياسية، ولتكن الصين ذلك النجم الجديد، وعلاوة علي ذلك ما يتعلق بروسيا والتي تجد موقفها يكتنفه لون رمادي فمرة نجده مع إيران، ومرة ضدها وهذا يعوزه تفسير سياسي يوضح دلالته.. ولكن في جملته أن روسيا لن تثبت علي رأي قاطع نحو فرض مزيد من العقوبات علي إيران وهذا ما سوف يناقش علي طاولة مفاوضات بين روسيا وفرنسا في زيارة مرتقبة للرئيس الروسي لفرنسا.. وإذا توجهنا إلي أروقة الأممالمتحدة لنجد تقرير جولدستون وقد حظي بتأييد عالمي لإدانة إسرائيل خاصة الاتحاد الأوروبي.. وهذا كفيل بأن تقلب الأوراق ويعاد فحصها من جديد حتي لا تنفذ ثغرة تسهيل الكوارث.. فلن تعدد إسرائيل كما كانت من قبل تضرب وتبكي فقد كشف الدهاء الأحمق الذي تتحلي به، ولم يعد يخيل علي العالم تلك الألاعيب لأنها لم تظهر عملا واحدا يمكن من خلاله التمسك به، وبالقطع أن الحرب علي غزة وما نتج عنها من عمل غير أخلاقي استباحت فيه دماء الأطفال الطاهرة، ولكنها أبكت العالم بأجمعه فكوّن لديه الرأي الواضح عنها، خاصة أن محكمة الشعوب هي التي أصدرت الحكم بإدانتها وإذا كانت هذه واحدة فتلك واحدة أخري، وهو اغتيال المبحوح عبر مخابراتها الدنيئة "الموساد" وعمل إجرامي آخر وهو ضم الحرم الإبراهيمي إلي أراضيها وطرد سكانها الأصليين.. هذه الأمور برمتها أوجدت نوعا من الآراء نحو هذه الدولة التي باتت تقلق العالم.. لذا تحاول أمريكا برغم تعلقها الشديد بها وأعتقد أنه في هذا الوقت بالذات أنها مكروهة أمام اللوبي الصهيوني الذي تتبعه كل مؤسسات أمريكا، وبرغم أن أوباما يشعر جيدا بل يعلم جيدا أنه متقزم أمامه فاختار مزيدا من الصبر والدبلوماسية لعدم جرجرة أمريكا نحو حرب غير مأمولة عواقبها إرضاء لإسرائيل التي لا تكف عن الصداع المزمن في رأسها حول المفاعل الإيراني وتحاول أمريكا اجتذاب صوت الصين وروسيا نحو فرض العقوبات أو الحل العسكري ولكن بعيدا الآن إلا ما خلا من فرض عقوبات فقط أما الحل العسكري فلم يكن سهلا لأن عواقبه وخيمة ستقلب خريطة العالم بل تطمس معالمه وتهدد أوضاعا عالمية استقر عليها الشأن العالمي.. لذا أقول إن السياسة الأمريكية تحتاج إلي ميزان عادل كما يعوزها القرار الحازم.. فما من شك سيكون نتيجة يلمسها المجتمع الدولي ولكن كيف؟ ومن جهة أخري نجد تصريحات إيهود باراك في استهزاء واضح نحو الخطاب العربي وتغييره فمنذ 40 عاما كان "إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".. والآن يبحثون عن السلام.. فماذا يقصد أنهم بالفعل لا يستحقون إلا وقفة يتغير من خلالها الشكل والمضمون وعلي العرب أن يغيروا سبلهم لتكون كلمتهم قبل إسرائيل في المحافل الدولية، فالسبق له فائدة إنه بالفعل يحقق التأييد، وعلي أمريكا ألا تتراجع لتظل لها الريادة كما هي تريد ويصدقها العالم بدلا من الانحياز غير المبرر.. فيولد الحقد وتزداد الكراهية وينمو الإرهاب فهل من سبيل لإعادة صياغة خطابها من جديد أو تأكيده بتعزيز المصداقية؟