"أسد علي وفي الحروب نعامة .. فتخاء تنفر من نفير الصافر". من الواضح ان الثقافة العربية مازالت في عهدها الجاهلي منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان حتي اضحينا نسخر من العروبة ومن القومية ومن كل مقومات الوحدة العربية المزعومة الآن حتي اننا لم تعد لنا لغة- مشتركة فالعربية لسان لكنه لم يعد موحداً كما كان. ولم يتبق الا لغة الكرة والثقافة السائدة بين الشباب فقد اختفي العقلاء من المشهد واختطف الشارع العربي ما بين جهلاء وسفهاء وضاعت اصوات كثير من العقلاء. وازعم ان الافق السياسي ينبغي ان يكون اكبر واعمق بخاصة في الجانب المصري. ولا ينبغي ان نتحرك كالقطيع او نعبئ شعبنا نحو الكرة فقط وبالتالي سيشعر هذا الشعب انه في ازمة وكأننا احضرنا العفاريت والمهووسين واصحاب الامراض النفسية بل والبلطجية ولا نستطيع ان نصرفهم الا بجهد جهيد وعمل شاق وجاد بعد ان أوجدنا فتنة عبر سنوات بلغت الاربعين فما يحدث من مهاويس الجزائر ليس وليد اليوم لكن علينا ان نناقش الأمر بحكمة وبعمق وفقا لمصالح الشعوب واقدار الأمم ومكانتها. هل يعرف أبناء الجزائر قيمة مصر وقامتها ومكانتها ودورها؟ اشك ان هؤلاء المهاويس قد قرأوا ذلك أو عرفوه من آبائهم أو كتبهم أو ثقافاتهم فشعب الجزائر به طوائف متعددة فمنهم المتفرنسون: أي الذين ينتمون الي الثقافة الفرنسية ولا يجدون لها بديلا. وثانيهما البربر الذين لا يعرفون عربية ولا عروبة ولا يريدون الانتماء اليها وثالثهما: جبهة الانقاذ أو ما يسمي بالاصوليين وهم يرون اننا بعدنا عن الاسلام ومنهم طوائف اخري ليس المجال شرحها. لكن لا ننسي انها بلد المليون شهيد وهي الشريك الثالث في حرب اكتوبر بعد سوريا.. ولا ننسي ان مصر اكبر مستثمر في الجزائر ولكن هذا ليس مدعاة لان نتنازل عن حقنا مطلقا ولكن هل كرامة الوطن اختزلناها في المنتخب، والمنتخب اختزلناه في مباراة كرة قدم هل سنسيس الكرة للتغطية علي مشاكل الأمة العربية قاطبة فتزيد أزماتها كلنا نعلم ان في الجزائر العديد من المشكلات مثل الارهاب، وعدم العدالة الاجتماعية، وقلة النمو الاقتصادي بشكل مقبول وان نسبة البطالة تصل الي 17% وان الكثيرين منهم يعملون في الخارج بخاصة في فرنسا ولكن هل نريد ان نقطع العلاقات مع هؤلاء لمجرد مباراة أو هوس لبعض المتعصبين والبلطجية لديهم، والعنف الذي قابلونا به. هذا سؤال يجيب عنه كبار الساسة والعقلاء. يا سادة تعالوا لنقرأ بالعقل فلقد قرأت للاستاذ محمد الشبه قبل هذه المباراة الدموية بأيام تحت عنوان "أليس منكم رجل رشيد" ثم نقول أليس في بلدنا بطالة ؟ بلي ونعاني منها بقسوة أليس لدينا 24 مليون أمي يجهلون القراءة والكتابة وللسخرية فان منهم 8 ملايين لا يعرفون سوي كتابة اسمائهم فقط. أليس لدينا مدمنون؟ بلي لقد صرح منذ ايام د. احمد عكاشة بأن لدينا 8 ملايين مدمن تصوروا!! هل سنسمح لهؤلاء الموتورين من هنا وهناك ان يخطفوا الشارع العربي؟ لقد سمعنا البعض يحاول ان يصور لنا الاخوة السودانيين بانهم تخاذلوا عن حماية ابنائنا وكادت تحدث ازمة مع السودان بسبب قلة متهورة لولا بعض العقلاء الذين ظهرت اصواتهم لتعلن حقيقة الموقف المشرف للاخوة السودانيين حتي لو كانت امكانياتهم قليلة. وهنا نتساءل من الذي اختار السودان؟ ولماذا لم يحاسب حتي الآن أم ان اتحاد الكرة دائما يثير الزوابع لتغطي علي اخفاقاته المتتالية إلا في هذا الفريق فقط وفي بطولتين احداهما كانت بدعاء الوالدين. وبمناسبة الدعاء كيف سمحنا لبعض الدعاة ان يرددوا في صلاة الجمعة وفي بعض الكنائس الدعاء لمجرد مباراة في كرة القدم ألم يصوروا اخوانهم كأنهم اعداء لماذا هذا الخلط غير المقبول حينما تحدث هؤلاء دائما اننا الفراعنة ولسنا العرب اذن هم ليسوا منا ولسنا منهم فأي اخوة نتحدث عنها. حينما نؤكد ان اعلامهم اساء إلينا وكذب وادعي فلماذا لم يعالج اعلامنا هذا الامر بتعقل؟ فتركنا الرصيد من غضب الشباب يتأجج، ثم ربطنا السياسة بصورة الرياضة وركزنا علي ذلك ثم تحدثنا أو تحدث غيرنا عن العروبة والحقيقة فنحن لا نعرف بعضنا ولا نعرف العلاقات أو التواصل فهل قرأ ابناؤنا في تاريخهم عن العروبة أم تركنا لبعض الاعلاميين ولبعض البرامج هنا وهناك لتزيد الكراهية حتي اصبحت لغة الكرة هي السائدة. ارسلنا بعض الشخصيات في احتفالية ليقفوا امام الكاميرات. اما الجزائريون فقد اخرجوا بعض المسجونين والشباب المتهور المهووس ليهددونا بالقتل فأين كانت الاجهزة التي ترصد هذه الاحداث قبل ان تقع ؟ أين كنا لمدة ثلاثة أيام والتقارير ترد بأنهم يعدون لنا العدة حتي قيل ان اجنحتهم السياسية في الجزائر ساهمت في هذا الاخراج المخزي لتحل بعض مشاكلها. ويكون لنظامها شعبية عن طريق الكرة وكأنها تغازل هذا الشعب بسياسة هزيلة وكأنها تحرك الشباب في الرياضة فقط. فهل نحن فعلنا مثلهم أو اختلفنا عنهم؟ يا سادة لقد حدثت مثل هذه الاحداث منذ سنتين في مباراة كرة القدم الخماسي في ليبيا. وكادت تحدث في السودان في مباراة بين الاهلي والهلال بسبب حارس مرمي النادي الاهلي اسألوا الخبير الرياضي الشهير شطة فقد حدثني عن مواقف مؤسفة. ثم أين ما ندعيه عن الروح الرياضية المزعومة ألم يحدث أمر مثل هذا عام 2003 في مباراة انيمبا والاسماعيلي الم يحدث بين جماهير الالتراس. الم يحدث في مباراة بالاسماعيلية والمحلة والاسكندرية وغيرها. الم نشاهد مدرب المنتخب يخرج في برنامجين منذ فترة ليست قليلة ويتحدث بما لا ينم عن الروح الرياضية . يتحدثون عن ان لاعب الجزائر دخل في حارس مرمي مصر بعنف ألم يحدث ان دخل الكابتن ميدو في حارس مرمي المقاولون ودافع عنه النقاد الرياضيون. يا سادة لقد استبدلنا رموزنا الفكرية والعلمية والادبية المحترمة بلاعبي الكرة. يا سادة لقد استبدلنا قضايا التعليم وانفلونزا الخنازير وضحايا العبارة وقطار العياط ومياه الصرف الصحي التي تروي طعامنا بمشكلة في مباراة للكرة. ولذلك سعد وزراء التعليم والصحة والزراعة لانشغال الناس بالكرة . يا سادة لدينا قضايا كبري في وطننا قضايا في فلسطين والعراق بل والسودان والجولان وبين اليمن والسعودية والشيعة والسنة في اكثر من بلد و.... و... لدينا مشاريع قومية ينبغي ان ننظر اليها ونحشد لها هذا الشباب ولنتخلص من القمح المسرطن لنزرع ارضنا فلنقل كلمتنا في الضريبة العقارية لندلي بدلونا وباصواتنا في صناديق الانتخابات بكل انواعها واشكالها بدلا من هتافات الكرة رغم انها مهمة ومطلوبة. ان كرامة مصر وعزتها يجب ان تصان وتحفظ ويدافع عنها ضد أي موتور أو مسجون أخرجوه أو شاب لا يعرف قيمة علمنا وقدرنا وقامتنا وتاريخنا. ولكن ليس بالتاريخ وحده بل بالحاضر والمستقبل لقد سمعت من سيدة تخطت الثمانين من عمرها مقولة في غاية البساطة والعمق لقد قالت الحاجة كوثر البورسعيدية النشأة ان انتصارات الكرة لا تحقق الأمجاد للأوطان وأمجاد يا عرب أمجاد. فإن كنتم لا تريدون العروبة فاعلنوها صريحة وقولوا لشبابكم في كل البلاد العربية ماذا تريدون والي لقاء.