أكد محللون ان الحرب بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين الزيديين في شمال اليمن، والتي دخلت شهرها الثالث، نزاع يتفاقم ويتسع دون اي افق للحل. واسفرت "الحرب السادسة" التي اندلعت في 11اغسطس في اطار النزاع المستمر بين الحكومة والحوثيين منذ 2004، عن مقتل المئات ونزوح حوالي 55 الف شخص. وقال باحث غربي متخصص في شئون اليمن مفضلا عدم الكشف عن اسمه "كلما ازداد قمع القوات الحكومية، ازداد التمرد شعبية وامتدادا" جغرافيا. وبحسب تقرير اصدرته مؤخرا المجموعة الدولية للازمات (انترناشيونل كرايسيس جروب)، بدأ النزاع في 2004 كعملية امنية بسيطة لالقاء القبض علي النائب السابق حسين الحوثي، الا انه بات الان "نزاعا يزداد تعقيدا وامتد الي مناطق اوسع وتداخل فيه لاعبون خارجيون علي خلفية الحرب الباردة الاقليمية". وذكر التقرير ان الحرب "اتخذت في مراحل مختلفة او بشكل متزامن احيانا، طابع الحرب الطائفية والسياسية والقبلية" علي خلفية "مطالب تاريخية" و"نقص تنموي متفش" اضافة الي "المواجهة الاقليمية بين السعودية وايران". ويقول ايضا الاكاديمي اللبناني المتخصص في شئون اليمن سامي دورليان ان "التهميش الاجتماعي الاقتصادي في منطقة صعدة شكل تربة خصبة للحوثيين، اضافة الي رغبة المتمردين في حماية الهوية الزيدية في مواجهة السلفيين المدعومين من السلطة"، عوامل ساهمت في تحفيز اندلاع الحرب. وتدور الحرب في منطقة صعدة المتاخمة للسعودية والتي تعد مهد الإمامة الزيدية ومن ثم معقل موالي الامامة خلال الحرب الاهلية التي اعقبت الاطاحة بهذا النظام في 1962. وقال المحلل الاجنبي الذي فضل الكشف عن اسمه "انها منطقة محرومة تم اقصاؤها عن سياسات التنمية منذ زمن طويل". وتتهم السلطة المتمردين الحوثيين بالسعي الي اعادة الامامة الزيدية، الامر الذي ينفيه المتمردون مؤكدين ان هدفهم هو ببساطة مواجهة تمدد النفوذ السلفي في مناطقهم. الا ان الحرب لا يمكن وصفها بانها حرب بين السنة الذي يشكلون غالبية في اليمن، وبين الزيديين الشيعة الذي يشكلون غالبية في شمال غرب غرب البلاد. فالرئيس اليمني علي عبدالله صالح زيدي شأنه شأن قسم كبير من النخبة الحاكمة في البلاد. كما تنتمي الي الزيدية قبائل تحارب الحوثيين الي جانب القوات الحكومية. وتتهم صنعاء ايضا المتمردين بتلقي الدعم من جهات من ايران، الا ان المتمردين ينفون ذلك ولو انهم يجاهرون بإعجابهم بحزب الله الشيعي اللبناني ويعتمدون ادبيات قريبة من ادبيات الثورة الاسلامية. وقال دورليان في هذا السياق ان المتمردين الذين لم يكشفوا قط بوضوح عن مطالبهم الحقيقية "لديهم علاقة معنوية بايران وليس علاقة عضوية". واعتبر المحلل الذي فضل عدم الكشف عن اسمه ان "النزاع له طابع محلي خصوصا، اذ ساهم القمع في تفاقم هذا النزاع" الذي بات "يتغذي بشكل اساسي من العنف". من جهته، افاد باحث آخر بأن "القمع الهمجي والعنيف يجعل التمرد يتمدد وقد تحالفت كل القبائل حول صعدة مع الحوثيين"، معربا عن خشيته من توسع النزاع جغرافيا. واضاف هذا الباحث ان المواجهات التي بدأت علي شكل حوادث معزولة بين المتمردين والقوات الحكومية في 2004 "تحولت الي حرب اهلية حقيقية يغذيها النظام القبلي القائم علي الثار". كما شكك الباحث بإمكانية التوصل الي حل قريب للنزاع مؤكدا ان "الحل لا يمكن ان يكون عسكريا".