مدخل: هالني ما قرأته عن بحث للدكتور يوسف زيدان في جريدة المصري اليوم تحت عنوان "القبطية صناعة عربية إسلامية رقم 3/7" بتاريخ 30/9، ولاشك ان د. زيدان وهو رجل مثقف ويجلس فوق تل من الكتب والابحاث بمكتبة الاسكندرية يغوص في صنابير التاريخ يجول ويصول فيها حسبما يعن له ليصل الي الفاظ ومعانٍ تتفق مع فكره، فكنت بين امرين اما ان احرق مكتبتي وما تحويه من كتب وابحاث عن التاريخ المصري القديم والقبطي بالذات واريح واستريح وكفي المؤمنين شر الفتنة والقتال او ان اتركه لحاله يؤول الالفاظ تحت نداء الحقائق التي يجهلها الاقباط وتشاء له الاغراض من ازكاء الفتنة في البلاد وكأن مصر لا تعوزها فتن او منغصات، وللاسف لقد اختار الأخ الكريم د. زيدان اسوأ توقيت لزيادة القرحة تقيحا، لا ادري حقا هل هو علي هذا القدر من اللاوعي الامني والقومي ليسوق هذا التوجه اليوم ام انه بايعاز من قوة إلهية جاء ليحطم ثوابت ومقدسات تحت غطاء البحث المعرفي في التاريخ القبطي، سيدي ليس كل ما تعرفه تقوله وليس كل ما تقوله خالص لكل وقت. لا لن احرق مكتبتي ففيها من الحق والصدق ما يكفيني ايمانا بوطني، ولن اجادله حتي لا ازيد من الامر تعقيدا وحساسية. ولما كنت جديرا بالتصدي له الا اني اترك ذلك لمن هم اجدر مني، ولكن في النهاية اين سيقودنا هذا الجدل الذي لن يجدي ولا ينفع احدا فلا خاسر ولا منتصر فيها الا اعداء الوطن، ولكني ايضا لا استطيع ان انكر براعتك في لي الالفاظ والمعاني والخروج منها الي صيغ معينة نحن في غني عنها خاصة وانت تعلم يا سيدي ان رد الفعل قد يكون مساويا وبذات القسوة والحدة. مقتل البابا: ان في كل دين وفي كل زمان هناك الصالح وهناك الطالح فالمثل الذي اوردته "ان البابا تيموثيوس الملقب بالقط "او ابن عرس" قد قتل الاسقف "البابا" بروتيروس المرسل من بيزنطة في قلب كنيسة الاسكندرية وفي مكان المعمودية المقدس"- وهل هذا بعيد عن مقتل الخليفة عثمان بن عفان وهو يصلي!! مذبحة ميدان الرمل: واسترسل قلمك كاتبا "بينما قتل الاسقف الشنيع الملقب بالمقوقس- لان اصله من القوقاس- عشرين الفا في ميدان محطة الرمل بالاسكندرية، في يوم واحد لانهم "الاقباط" لم يوافقوا علي المقترح العقائدي الذي طرحه لحل مشكلة طبيعة المسيح "مداخلة لم اكن ادري ان هذا الميدان كان موجودا باسمه ايام المقوقس". ولا ادري كيف يمكن قتل 20 الف نسمة في يوم واحد- ونحن لم نستطع قتل هذا العدد من الخنازير في ذات اليوم، ولكن هذا معناه ان المسيحيين المصريين كانوا لا يقبلون الباباوات الذين كانت ترسلهم الرومان، وفي المقابل لقد تعرض الاسلام فيما هو ابشع من ذلك وهو مقتل الحسين. واذكروا محاسن موتاكم: لما كنا في رحاب هذا القول "فكان في مجال الدراسة الصادقة والبناءة ذكر بعضا من اعلام وفلاسفة الاقباط مثل تنتينوس او اطليمنخس السكندري والذي ينسب اليه ترجمة الكتاب المقدس الي اللغة القبطية. اللغة القبطية: وبهذه المناسبة فقد سادت هذه اللغة مدة طويلة بعد ان تحورت او تحولت من الهيروغليفية الي الهيراطيقية ثم الديموطيقية لتستقر اللغة القبطية- وهذه دراسة لا تسمح المساحة لذكرها، وهذه اللغة مازالت تستخدم حتي اليوم بالكنائس الامر الذي يثبت ان الاقباط لم يكونوا يوما صنفا كما ذكرت. الصنف القبطي: وهو لفظ لعله يصلح ان يطلق علي المواد الاستهلاكية عند البقالين وليس علي شعب له حضارته وثقافته. تسمية الاقباط: ان سبب تسمية الاقباط في لحظة من التاريخ بالمرقصيين نسبة الي مرقص الرسول كما ذكرت وكان احد تلاميذ السيد المسيح ولا ادري من اين اتيت بأن بقية الكنائس لم توافق علي تسمية الكنيسة بالمرقسية والا لحملت بقية الكنائس اسماء الرسل ولكان هناك الكنيسة المتاوية "من متي" او اليوحناوية "من يوحنا" او البطرسية وهي توجد بيننا اليوم وكان بطرس الرسول احد تلاميذ السيد المسيح. المصريون قتلة عثمان: اما عما ذكر بكتب التاريخ- ان الخليفة عثمان بن عفان "قتله المصريون" والمراد هنا بهم العرب المسلمون الذين نزحوا الي مصر وكانوا يعيشون بها مع "الصنف" الآخر من اهل مصر من المسيحيين بصرف النظر عن مذهبهم وقد استعمل العرب كلمة قبط استنادا الي الكلمة اليونانية اجيبتوس بأن نزعوا كعادتهم اللاحقة الاخيرة "الواو والسين" واستبقوا الحروف اجبت ثم نطقوها القبط تميزا للمسيحيين في مصر عن مسيحي الشام والعراق الذي يسمونهم بالنصاري". اني افهم من هذا ان كلمة قبطي كانت تعني المصري المسيحي فقط "ايام الفتح او الغزو العربي" ولا تطلق علي احد غيره. إيمان الأقباط: وكان هذا الصنف من البشر "الاقباط" يؤمنون بالمونوفستية اي الموحدين هم الغالبية والذي يثبت ذلك كتاب الرسول الي المقوقس كبير القبط ولم يرسله الي صنف آخر من هذا الشعب مما يدل علي الادراك الجيد لاحوال مصر في هذا العهد. فتح مصر والثورات الخمس: ان فتح او غزو مصر لم يكن امرا سهلا بالنسبة لابن العاص فلم يستطع السيطرة خاصة في جمع الجزية الا بعد ان استدعي البابا بنيامين من مهربه ليواجه بعد ذلك الثورات الخمس التي قام بها البشموريون مع سمنود ما بين 739- 773م مما اضطره الي الاستعانة بنجدة عسكرية واستطاع اخماد هذه الثورات بعد ان حرق منازل البشموريين وكانوا من صيادي الاسماك، ثم تسترسل كاتبا "اذن فالتسمية ذاتها "القبطية" هي تسمية عربية اسلامية ولم تفرق بين اتباع الكنائس المصرية، ولما استقرت مصر بيد عمرو بن العاص. وبعد فتحه "الثاني" لمدينة الاسكندرية التي غاظته كثيرا بسبب تمردها عليه حتي انه اقسم امام ابوابها بأن يهدم اسوارها قال: والله لئن ملكتها لاجعلنها مثل بيت الزانية "اي بلا ابواب" وغير حصينة وقد قام بذلك فعلا فخرب سورها ونزع عنها البوابات وطلب من اهلها الرحيل بما يملكون ان ارادوا فكان الاغنياء "المالكانيون" يرحلون عنها بممتلكاتهم بحرا الي بيزنطة وبقية انحاء اوروبا بينما يمكث فيها الفقراء اللاخلقدونيون واليعاقبة والمونوفست المرقسيون" فرحين برحيل اعدائهم في المذهب الديني مهما اخذوا معهم من اموال وممتلكات، وهكذا قام المسلمون بغير قصد "طبعا" بتفريغ مصر من معظم اتباع المذهب الخلقدوني فاسهموا بذلك في استقرار اعدائهم الذين نسميهم اليوم "الاقباط" استنادا الي التسمية العربية لهم". سؤال: ماذا تسمي هذا فتحا ام غزوا؟ - شكرا علي اي حال باعترافك بهذا الفضل والسؤال حالا- اذا لم تكن مصر موطن الاقباط منذ التاريخ وحتي وصول ابن العاص فلمن كانت هذه الارض؟ وان كنت لا انكر لك حقك في التشريح والتحليل الا ان تسطيح البحث بهذا الشكل يخل بالرصانة والجدية راجيا الا يلد قلمك افكارا مشوهة ومشوشة، كما انه من حقك ان تنسف الاقباط وتحط من قدرهم ومكانتهم ولكن لن يستمع لك الا كل من كان مغرضا او كل من كانت نفسه غيرسوية. ولاية الاقباط علي الحكم: ونعود الي تصريحك انه لم يحكم او يتولي الحكم قبطي هو تصريح حقيقي ولكن كان يجب احقاقا للحق ان تقول ان مصر منذ الاحتلال الهكسوسي لم تتحرر من هذا الربق ليحكمها احد ابنائها. ان بناء هذا الوطن وحمل حضارته حتي اليوم كان ومازال علي اكتاف ابنائه جميعا من مسلمين واقباط وان الاقباط في فترة من التاريخ كانوا يمثلون الاغلبية وان من سميتهم بالمصريين لم يكونوا سوي مستعربين نزحوا من جاهلية الجزيرة العربية الي بلاد الخير والحضارة، هذا التشويه المتعمد يضر بقضية الوحدة الوطنية فقد عاش الاقباط ومازالوا علي ارض مصر- لا اتصور ان كاتبا قديرا مثلك قد تأذي من نقد بعض الاباء الاقباط لما كتبه ان يوجه غضبه الي شريحة تمثل احد عناصر هذا الشعب.