من فشل إلى فشل اسوأ تمضى القضية الفلسطينية وتحديدا منذ انفصال الضفة الغربيةالمحتلة عن قطاع غزة فى 14 يونيو 2007 وتوزع الفلسطينيين بين حماس وفتح اللتين لا يهمهما إلا الصراع على وهم السلطة دون أدنى مبالاة بمأساة الشعب الفلسطينى والقتل البطئ لنحو 1.5 مليون فلسطينى يعيشون تحت حصار لا يرحم في قطاع غزة الذى تحكمه حماس. واخر محطات الفشل التى بلغها القطار الفلسطينى المجزرة الاسرائيلية الوشيكة فى غزة والتى مهد لها رئيس الوزراء الاسرائيلى المستقيل ايهود أولمرت بقوله ان المواجهة المسلحة مع حماس حتمية كما بحث مع وزيرة العدل ومستشاريه القانونيين امكان وقف امداد غزة بالكهرباء والمياه وهو ما يعد جريمة حرب كاملة الأركان وفق اتفاقيات جنيف التى تحكم العلاقة بين دول الاحتلال والشعوب المحتلة. ويبدو أن المخطط الاسرائيلى قد بلغ ذروته أمس الأول عندما هدد أولمرت صراحة بالاطاحة بنظام حكم حماس فى غزة وهو ما يعنى ارتكاب مجازر جديدة بحق الشعب الفلسطينى وجرائم حرب وكأن جريمة الحصار التى فرضت حكومة أولمرت على القطاع منذ فوز حماس فى الانتخابات فى يناير 2006 لا تكفى. وكأن بيعه الوهم لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس "أبو مازن" لا يكفى فقد التقى الرجلان عشرات المرات وحققت جولات وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إلى المنطقة رقما قياسيا"8 مرات خلال عام" دون أن تحقق مفاوضات الحل النهائى أى تقدم وها هو أولمرت يعيش اخر ايامه فى منصبه لتدخل المفاوضات فى دائرة النسيان ومن يدرى ماذا ستسفر عنه الانتخابات الاسرائيلية المبكرة فى فبراير المقبل خاصة وأن الاستطلاعات ترجح فوز حزب الليكود المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو بما يعنى دخول العملية برمتها فى الثلاجة. ومن المؤكد أن المجزرة الاسرائيلية الوشيكة فى غزة تتحمل مسئوليتها بالضرورة حركتا حماس وفتح اللتان استمرأتا الصراع على سلطة غير موجودة أصلاً وداستا على كل الخطوط الحمراء واستباحتا الدم الفلسطينى وارتضيتا بتمزيق وحدة الشعب وهو ما أغرى إسرائيل بالتهرب من استحقاق السلام والهروب إلى الأمام بالانقضاض على غزة كخطوة على طريق الانقضاض على القضية برمتهما. فالمعروف أن اى مفاوضات ثنائية محكوم عليها بالفشل ما لم يكن لدى كل طرف ما يقدمه للطرف الآخر ومن المؤكد أيضًا أن كسر حركة حماس ومعها فصائل المقاومة مثل الجهاد الاسلامى والجبهة الشعبية من شأنه أن يجعل ظهر المفاوض الفلسطينى مكشوفا ويجعله مرغمًا على القبول بما تعرضه عليه إسرائيل من فتات أو الابقاء على الوضع على ما هو عليه. ان الجريمة التى يدبرها أولمرت فى غزة ينبغى أن تكون دافعا للفلسطينيين للمسارعة للم الشمل والترفع على الصغائر ومعاودة الاتصال بالقاهرة لاحياء الحوار الوطنى الفلسطينى والمضى قدما على طريق المصالحة وبدون ذلك سينطبق على حركة فتح التى يتزعمها أبو مازن مقولة "أكلت يوم أكل الثور الابيض لأنه ليس من مصلحة الفلسطينيين وفتح بالطبع إخراج حماس من معادلة الصراع الفلسطينى والاسرائيلى حتى لو كانت المكاسب الآتية ستعود على فتح ممثلة فى استعادة سيطرتها على غزة. فهل يتنبه عقلاء فلسطين إلى خطورة المخطط الاسرائيلى فى مجمله وهل يلوذون بتوحيد الصف وهو كل ما تبقى لهم للدفاع عن قضيتهم ووجودهم؟