تًعد صورايخ القسام التي تُطلقها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المصنفة أمريكياً وغربياً علي أنها منظمة إرهابية علي المدن والبلديات الإسرائيلية، والتي نجح التنظيم في تطويرها وتحديثها لتصل إلي العمق الإسرائيلي، أحد معوقات الحوار الأمريكي والإسرائيلي مع الحركة، لإضافة لأسباب أخري عديدة. وعلي الرغم من بدائية تلك الصواريخ مقارنة بالترسانة العسكرية الإسرائيلية، إلا أنها أحدثت تغييراً في التوازن الاستراتيجي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فتلك الأسلحة البدائية التي يتم تصنيعها في ورش العمل ومصانع تحت السلم. أعطت للفلسطينيين إمكانية ضرب العمق الإسرائيلي، والتي تُزيد من التحديات التي يواجهها الجيش الإسرائيلي علي إثر تقرير لجنة فينوجراد، الذي أظهر تراجع قدرات الجيش الإسرائيلي وضعفه في مواجهة حركات المقاومة، علي خلفية الإخفاق الإسرائيلي في الحرب اللبنانية خلال شهري يوليو وأغسطس 2006. وتأسيساً علي ذلك، تناولت مارجريت ويس Margaret Weiss، الباحثة المساعدة بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني Washington Institute for Near East Policy، العروف بقربة من دوائر المصالح الإسرائيلية في الولاياتالمتحدة، في مقالتها المعنونة ب " أسلحة الإرهاب: تطوير صاروخ القسام وأثاره Weapon of Terror: Development and Impact of the Qassam Rocket "، والمنشورة علي الموقع الالكتروني للمعهد، هذا النوع من الصورايخ التي أضحت أحد المصادر تهديد الأمن الإسرائيلي. نشأة صواريخ القسام بدايةً، يشير المقال إلي خلفية عامة عن هذه الصواريخ. فيذكر أن صواريخ القسام سُميت بهذا الاسم تيمناً بالقائد العسكري السوري وعضو الإخوان المسلمين "عز الدين القسام"، والذي استشهد في عام 1935، إبان حربه ضد القوات البريطانية والصهيونية في فلسطين. وتري الكاتبة أن هذه الصواريخ تٌعد الابتكار الأكثر حداثة في الهجوم علي المدنيين الإسرائيليين. وقد استخدمت حماس هذه الصواريخ لأول مرة في غزة في سبتمبر 2001، أي بعد حوالي عام من بداية الانتفاضة الثانية. ونجاح هذا الصاروخ دفع جماعات فلسطينية أخري إلي صناعة وتطوير صورايخ مشابهة لصاروخ حماس مثل، حركة الجهاد الإسلامي (صواريخ القدس)، كتائب شهداء الأقصي (صواريخ الأقصي)، ولجان المقاومة الشعبية (صواريخ ناصر). وتشير مارجريت إلي أن هذه الجماعات "الراديكالية" استخدمت تلك الصواريخ بشكل متواتر مؤخراً؛ للتغلب علي عقبات سياج الأمن الذي فرضته إسرائيل حول غزة. وتذكر أن هذا السياج الأمني حقق غايته في منع تسلل الفلسطينيين منذ اكتماله في عام 2001. غير أن هذه الجماعات قد استغلت ما اشتهرت به صواريخ القسام من عدم الدقة، بنشر حالة من العنف العشوائي تصيب أهدافها. فعلي سبيل المثال، أوضح قائد حماس محمود الظهار في تلغراف أرسله لLondon's Sunday في أغسطس 2007، بأن حماس فضلت هجمات الصاروخ عن القيام بعمليات بعبوات الناسفة؛ لأن الصواريخ "تٌسبب هجرة كبيرة، تٌعرقل الحياة اليومية وإدارة الحكومة، وأن لها كبير الأثر علي الجانب الإسرائيلي الذي يتكبد خسائر فادحة ". وبالنسبة لإحصاءات الحكومة الإسرائيلية، فقد تمت مضاعفة الصواريخ من 2002 إلي 2003. كما تمت مضاعفتها أربع مرات من 225 إلي 861 فيما بين 2005 و2006، حتي وصلت الحصيلة إلي أكثر من 3000 منذ 2001. وتشير مارجريت إلي تزايد معدل الصواريخ التي تطلقها حركة حماس علي المدن والبلديات الإسرائيلية منذ عملية فض الاشتباك التي قامت بها إسرائيل عام 2005. وقد وصل معدل القذائف إلي أكثر من 200 قذيفة كل شهر منذ بدايات هذا العام. وقد وصل الأمر إلي أكثر من 100 صاروخ خلال الأسبوع الأول من الشهر المنصرم (مارس 2008) بمفرده. وقد تَطور الهدف من الهجمات بالصورايخ تدريجياً. ففي السابق كان الهدف المفضل هو فض الاشتباك، المستوطنات الإسرائيلية داخل غزة. ثم تم توجيه الهجمات بشكل رئيسي علي المدن الإسرائيلية، والقري والمجتمعات الريفية داخل إسرائيل. وبالنسبة لمئات الصواريخ التي تم شنها من غزة، فقد تم تسديد نصفها تقريبا ً نحو سيدروت، والمدن الإسرائيلية. وفي محاولة لحماية المدنيين من تلك الهجمات قامت سلطات الدفاع المدني الإسرائيلي باستخدام نظام "اللون الأحمر"، الذي يحذر المواطنين قبل دقائق قليلة من الهجمات ليجدوا ملجأً قبل توجيه الصواريخ. وقد مات نتيجة مثل هذه الهجمات اثني عشر شخصاً، يشملوا الأطفال، كما جٌرح أكثر من 500 شخص. تطوير صواريخ القسام يلاحظ أنه قد تم تطوير صواريخ القسام تدريجياً. فقد تم تحسين قدراتها من حيث المدي والحمولة. فوفقاً لمركز المعلومات الإرهاب Terrorism Information Center في إسرائيل، تم إطلاق "صواريخ القسام 1"، أول مرة في خريف 2001، ثم تم مضاعفة مداه لثلاث وأربع كيلومترات. خلال الست سنوات أدخلت عليه الحركة العديد من التحسينات التكنولوجية والهندسية ليصل مداه إلي حوالي عشرة كيلومترات. فعلي سبيل المثال، يمكن أن يصل "القسام 2" إلي جنوب ضواحي بلدية أشكلون "عسقلان"، والتي تٌعد أكبر المدن الصناعية علي الساحل. كذلك بدأت الجماعات الفلسطينية مؤخرا في استخدام صواريخ الكاتيوشا، والذي يصل مداه إلي أكثر عشرين كيلومتر. وهذا النوع من الصواريخ طورها الاتحاد السوفيتي السابق أثناء الحرب العالمية الثانية، وقد تطورت لأول مرة كآلية لإطلاق صاروخ Soviet BM-21 إبان الستينيات. وكما تم إنتاج بعض هذه الصواريخ في إيران، وقد صُنعت خصيصاً لتناسب أنفاق التهريب (الضيقة) بين مصر وغزة. وتُشير مارجريت في هذا الصدد أنه من الصعب التكهن بحجم الأسلحة التي تملكها حماس في مستودعاتها. ويلاحظ أنه مع تحسين قدرات هذه الأسلحة من حيث المدي، فإن حوالي ربع مليون شخص من المدنيين الإسرائيليين يعيشون تحت خطر الصاروخ الفلسطيني.. فحوالي أكثر من 100.000 في أشكلون إلي جانب عشرات الآلاف الذين يعيشون في مدن وقري الجنوب الإسرائيلي وغرب النقب Negev. إنتاج صواريخ القسام رغم أن صواريخ القسام صنعت بدايةً في غزة، غير أن إسرائيل قد كشفت عن ورش عمل صواريخ بديلة في الضفة الغربية أيضاً. وأكثر المواد الخام التي تُستخدم في تصنيع الصواريخ جاءت من صناعات مدنية بالأساس، مواد أخري تم استيرادها أو سرقتها من داخل إسرائيل، أو تم تهريبها خلال الأنفاق من مصر. غير أن الوقود المستخدم تم صنعه من خلال الدمج بين أسمدة نترات البوتاسيوم والسكر. وتصنع تلك الصواريخ من أنابيب معدنية متشابهة تُمتلئ بمواد متفجرة. والمعدات المستخدمة في تصنيعها لا تتطلب تكنولوجيا متقدمة. فهي يمكن أن توجد في محلات بسيطة للمعادن وجراجات. هل من تطورات جديدة علي هذه الصواريخ تري مارجريت أن كلاً من حماس والجماعات الإرهابية الأخري علي حد قولها ستصر علي استمرار تحسين قدرات تلك الصواريخ من حيث المدي، الدقة، والقدرة علي الإهلاك. فقد قاموا بالفعل بعمل تحسينات مهمة في الإنتاج، وجودة المحركات، والتعريف بالقذائف المعدنية لزيادة قوة الصواريخ المميتة. وستتكون مستودعات الأسلحة بشكل رئيسي من الصواريخ التي لها مدي أكثر من عشرين كيلو مترا، وهو مقارنة بمستودعات الأسلحة السابقة المقيدة بعشر كيلومترات أو أقل والتي لها كبير الأثر، قد يصل إلي التجمعات السكانية المدنية المعرضة للهجوم المفاجئ. وفي هذا الإطار أشارت مارجريت إلي أن إسرائيل قد استثمرت بشكل مكثف في تطوير إمكانيات دفاعية ضد هذه التهديدات وهي : " قبة حديدية Iron Dome" و"الصولجان السحري Magic Wand". والذي لابد من أن تكون جاهزة للعمل في عام 2020، والتي يتوقع أن تعترض تلك الصواريخ التي يصل مداها إلي 70 كيلو متر. وقد صممت إسرائيل "الصولجان السحري Magic Wand" للحماية من التهديد المحتمل للصواريخ طويلة المدي. وقد ربط وزير الدفاع إيهود باراك Ehud Barak رغبة إسرائيل بالانسحاب من الضفة الغربية بنجاح تطوير مثل هذه الأنظمة. وأخيراً، تؤكد مارجريت أن صواريخ القسام وغيرها من الصواريخ قد أحدثت بالفعل تغييرات في التوازن الاستراتيجي بين إسرائيل والفلسطينيين، وأنه علي المدي الطويل، سيجبر حضور هذه الصواريخ كل الأطراف علي إعادة التفكير في ترتيبات الأمن بشأن الاتفاق الإسرائيلي الفلسطيني الدائم. وفي هذا السياق يمكننا أن نشير إلي مراحل تطوير صواريخ القسام، كما أشار إليها علي موقع الأمن العالمي.