لم يكتف نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني بالخراب الذي ألم بالعراق ومنطقة الشرق الأوسط من جراء قرار غزو العراق حيث يقود آخر صقور المحافظين الجدد في البيت الأبيض حملة جديدة لضرب إيران من خلال جولته الحالية للمنطقة والتي تتزامن مع الذكري الخامسة لغزو العراق واستقبال العراقيين عامهم السادس تحت الاحتلال الأمريكي. وبعيدا عن شعارات احلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط فإن جولة تشيني الحالية لا يمكن قراءتها بعيدا عن التصعيد العسكري الأمريكي المرتقب ضد إيران وتكاد تماثل جولته المشئومة قبيل اجتياح العراق في 19 مارس 2003 ويخشي المراقبون ان تكون الجولة هدفها وضع الرتوش الأخيرة علي مخطط ضرب إيران. وقد استهل تشيني جولته أمس الأول بزيارة سلطنة عمان في اطار جولة شرق اوسطية تستمر عشرة ايام بهدف احياء عملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية واقناع دول عربية مثل المملكة العربية السعودية بالقيام بالمزيد لمواجهة نفوذ ايران في العراق. وسيستغل تشيني النافذ كذلك علاقاته الشخصية مع الكثير من قادة المنطقة للحصول علي دعمهم في جهود واشنطن لوقف الطموحات النووية الايرانية. وتتزامن جولة تشيني مع الذكري الخامسة لاجتياح العراق من قبل ائتلاف دولي بقيادة الولاياتالمتحدة في 20 مارس 2003. وكان تشيني احد مهندسي هذه الحرب التي لا يزال احد كبار المدافعين عنها. وستكون الازمة السياسية الخطرة في لبنان والوضع في سوريا واعمال العنف في غزة واسعار النفط القياسية في صلب محادثات ديك تشيني خلال جولته التي تشمل بعد عمان كلا من المملكة العربية السعودية واسرائيل والضفة العربية ومن ثم تركيا علي ما اوضح جون حنا مستشار تشيني لشئون الامن القومي. واوضح هذا المسئول "انها لائحة طويلة جدا وجدول اعمال غني جدا" مشددا علي ان نائب الرئيس الأمريكي "يقيم علاقات عميقة وروابط شخصية مع عدد من المسئولين في هذه الدول". لكن مسئولا أمريكيا رفيع المستوي طلب عدم الكشف عن اسمه قال ان تشيني لن يضغط كثيرا علي العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز لرفع انتاج النفط او لدفع منظمة الدول المصدرة للنفط للقيام بذلك. ولم تلق دعوات الرئيس الأمريكي جورج بوش بهذا الصدد آذانا مصغية في وقت يتداول فيه برميل النفط باكثر من 110 دولارات. واوضح هذا المسئول الكبير: "اظن انه سيكتفي بمحادثات معمقة حول الوضع الحالي لاسواق الطاقة العالمية". في المقابل سيشدد تشيني علي ان تتقرب السعودية وهي حليف مهم للولايات في المنطقة اكثر من الحكومة العراقية بغية احتواء النفوذ الاقليمي لايران المجاورة للعراق علي ما اقر هذا المسئول. وقال المسئول معلقا علي الزيارة التاريخية الاخيرة التي قام بها الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الي بغداد انه يأسف "لأنه ليس هناك الكثير من المسئولين النافذين في المنطقة علي مستوي رفيع يقومون بزيارة بغداد". واوضح المسئول الأمريكي الكبير "الولاياتالمتحدة يمكنها القيام بالكثير من اجل العراق لكن لا يمكننا ان نعطي العراق دعامة في العالم العربي او شرعية للمشروع العراقي الجديد، التي تأتي من تكامل شامل" مع المنطقة. لكن تشيني لن يطلب من العاهل السعودي التوجه شخصيا الي العراق علي ما افاد المسئول موضحا "لا نضع شروطا كهذه. لكن سيكون من الجيد تعيين سفير سعودي دائم وسفير مصري دائم" وان يقوم وزراء عرب مهمون بزيارة بغداد. وسيلتقي تشيني خلال جولته كذلك رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت فضلا عن مسئولين اسرائيليين كبار اخرين وسيلتقي علي انفراد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ورئيس الوزراء سلام فياض في محاولة لاقناع الطرفين بالتفاوض من اجل السلام.