أمر طيب ان تقام أمسية هي أقرب إلي تقييم مسرحية منها لتكريم أبطالها أو الاحتفاء بها، وهو ما فعلته جمعية المسرح الحر، التي يترأسها المخرج المسرحي هشام جمعة، وتعود لممارسة دورها التاريخي بعد فترة من الغياب عن الساحة، حيث عقدت ندوة عن العرض المسرحي "الملك لير" حضرها: يحيي الفخراني وأحمد سلامة والمخرج أحمد عبد الحليم ومدير المسرح القومي شريف عبد اللطيف وأدارها الناقد والباحث مهدي الحسيني، الذي أشار إلي البدايات المبشرة ليحيي الفخراني! أما المخرج أحمد عبد الحليم مخرج "الملك لير" فقد فجر مفاجأة عندما قال انه لم يكن مرشحا لاخراج "الملك لير" بل بديل لمخرج آخر رفض استكمال العمل في المسرحية ولما عرف بهذه الحقيقة امتنع عن الموافقة لكن د. هاني مطاوع رئيس البيت الفني للمسرح وقتها نجح في اقناعه، وازال كل العقبات التي واجهت خروج العرض للنور. وأشار إلي أنه أحب العرض وأول ما لفت نظره ان شخصية "البهلول" اختفت في ثلثي الرواية التي كتبها شكسبير، ولما استعلم عن السر وراء هذا اجابه المتخصصون بان شكسبير أراد ان تتضمن الرواية مخبولا واحدا بعد تحول الملك نفسه إلي مخبول ومهووس نتيجة ما اصابه علي ايدي المقربين منه، ولم يخف تعمده تغيير النهاية عن الرواية الأصلية، التي كتبها شكسبير، واستبدله بمشهد يحمل فيه الملك لير ابنته "كورديليا" وأشاد بالتزام فريق العرض، وعلي رأسه يحيي الفخراني وحبهم للعمل وهو ما انعكس في الانضباط الذي ساده طوال فترات عرضه. من ناحيته لم يتردد الفنان يحيي الفخراني في القول انه نادرا ما يحضر ندوات يدعي إليها لاقتناعه بان العمل الجيد يفقد الكثير من رونقه وجماله عندما نتحدث عنه وانه يفضل ان يترك الناس تخيل العمل وليس الثرثرة عنه لكنه خرج عن عادته وتحمس للندوة، هذه المرة لأنه رأي أنه بعد 7 سنوات من العرض لابد ان يعرف الناس ظروف هذه التجربة وأعاد الحق لأصحابه عندما أثني علي دور د. هدي وصفي التي كانت سببا في ظهور العرض، ووصفها بأنها نشيطة ومجتهدة وتسعي للنجاح بكل ما لديها من وسائل ونوه إلي دورها ايضا في عرض مسرحية "جوازة طلياني" التي قدمت لمدة عشرة أيام ونظرا لنجاحها عرضت لمدة موسم كامل ثم عرضت في ايطاليا وكشف عن اعجابه بترجمة د. فاطمة موسي لراوية "الملك لير"، وانها كانت السبب في اقتناعه بالمسرحية، وكشف قيامه بتحويل المسرحية إلي العامية وانه استعان في هذا ببعض الشعراء لكن المحاولة باءت بالفشل وأكد أنه في اعقاب اعتذار المخرج الاصلي لم يكن في ذهنه سوي ترشيح اثنين، أولهما حمدي غيث والثاني أحمد عبد الحليم. أحمد سلامة أشار إلي دور "أدموند"، بوصفه الشر الذي لم يلتقيه من قبل في أدواره، حيث اعتاد المخرجون اختياره في دور الطيب أو الشاب المثالي ولم يختلف الأمر كثيرا في تجربة "للعدالة وجوه كثيرة" التي شارك يحيي الفخراني في بطولتها وكان يجسد شخصية الطيب الميال للخير ايضا لذا كان اندهاشه كبيرا عندما فوجيء بترشيحه في "الملك لير" لدور الشرير "أدموند" وتعجب لان أحدا رآه في دور لم يقترب منه من قبل، وارجع استمرار عرض "الملك لير" لمدة 7 سنوات إلي تجانس فريق العمل وأسلوب كتابتها الشيق والاخراج المتجدد والكواليس التي تخلو من أي مشاحنات اضافة إلي وجود يحيي الفخراني الذي أشاع روحا عائلية وجوا من الدفء وكان بمثابة الأب للجميع.