هل يمكن أن يعتبر اغتيال بوتو هو نصر جديد للقاعدة علي الولاياتالمتحدة في الحرب التي تقودها علي المستوي الدولي ضد الإرهاب؟ لم يمر حادث اغتيال زعيمة حزب الشعب الباكستاني ورئيسة الوزراء السابقة بناظير بوتو بسهولة، فالواقع يشير إلي انه يحمل الكثير في طياته، الكثير الذي سوف يؤثر حتما علي مستقبل هذه الدولة النووية، والمليئة بالكثير من التيارات المتباينة والمتشددة. وقد ثارت الكثير من الأسئلة حول حادث الاغتيال من قبيل من يقف وراء هذا الاغتيال؟ وما هي تأثيرات ذلك ليس فقط علي الداخل الباكستاني ولكن أيضا الأطراف الخارجية للمعادلة السياسية في باكستان؟ وكانت هذه الأسئلة محور اهتمام وسائل الإعلام الأمريكية هذا الأسبوع. باكستان في انتظار المجهول قالت بيل أوريالي في برنامجه "The Factor" أن اغتيال بوتو سوف يخلف العديد من التداعيات الدولية السلبية ، خصوصا وان الإدارة الأمريكية تحت رئاسة الرئيس الأمريكي جورج بوش قد بذلت الكثير من الجهود الدبلوماسية ، فضلا عن الأموال الطائلة التي منحتها لباكستان من اجل دعم الديمقراطية هناك، وإقامة انتخابات حرة ونزيهة. وأشار التقرير إلي أن هذه الجهود التي بذلتها الإدارة الأمريكية قد أسفرت عن أن الرئيس الباكستاني بيرفيز مشرف قد تخلي عن قيادة الجيش، وقام برفع حالة الطوارئ التي كان قد أعلنها في وقت سابق من العام 2007 . ولفتت لورا الانتباه إلي أن هناك حالة من التخبط وعدم اليقين متعلقة بمعرفة من قام بهذه العملية، حيث يؤكد معظم الخبراء أن من يقف خلف هذا الحادث هي الميلشيات الإسلامية المتشددة والتي لها علاقة بتنظيم القاعدة. ونبهت لورا Laura إلي أن باكستان دولة نووية، ولذلك فان استقرار هذه الدولة هو عامل هام ليس فقط للولايات المتحدة بل أيضا العالم اجمع. واستطرد قائلا أن ما حدث لبوتو Bhutto هو نتيجة طبيعية لانعدام الأمن في باكستان، فالجيش والشرطة تم اختراقهما من قبل الجهاديين المتطرفين. ولذلك يؤكد أوريالي O'Reilly أن لا يمكن الثقة في الباكستانيين، نظرا لحالة الفوضي والانقسام التي تعيشها البلاد. هل مشرف هو المسئول؟! علي الجانب الآخر أكد أوريالي أن مشرف كان سيلاقي نفس المصير الذي لاقته بوتو لولا أنه ارتمي في أحضان الولاياتالمتحدة وحلف الناتو وحصل علي مليارات الدولارات من إدارة الرئيس كلينتون الرئيس بوثر ، ولم يفعل شئ سوي انه مكن الجهاديين من التحرك بحرية في بعض المناطق داخل باكستان. فكان من نتيجة ذلك أن تقارير المخابرات التابعة لحلف الناتو أكدت أن حركة طالبان تدير عملياتها التي تنفذها داخل أفغانستان من احدي المدن الباكستانية التي تدعي "كويتا". وأشار أوريالي إلي أن الرئيس الباكستاني بهذا السلوك يلعب لعبة مزدوجة، وان عليه أن يختار إلي أي جانب سوف يقف ، إلي جانب حركة طالبان والجهاديين المتشددين، أم انه سوف يسمح للمخابرات الأمريكية ال CIA وقوات الناتو بالتعاون مع القوات المسلحة الباكستانية من اجل القضاء علي هذه الحركات المتطرفة. ومن ناحية اخري تمت إثارة مسألة شرعية الرئيس مشرف كرئيس لباكستان، وان الكثيرين من أفراد الشعب الباكستاني تراه رئيسا غير شرعي، لفت أوريالي الانتباه إلي انه ليس هناك شخص داخل باكستان يتمتع بشرعية حكم البلاد في هذا الوقت، ولذلك فهو يؤكد أن البلاد سوف تحكم بشرعية السلاح علي الأقل في المستقبل المنظور. هل انتصرت القاعدة مجدداً؟ هل يمكن أن يعتبر اغتيال بوتو هو نصر جديد للقاعدة علي الولاياتالمتحدة في الحرب التي تقودها علي المستوي الدولي ضد الإرهاب؟ في حال إذا كان فعلا التنظيم هو المسئول عن عملية الاغتيال كما يؤكد معظم الخبراء، وبالتالي يكون هذا العمل رادعا لأي شخصية إصلاحية تسعي إلي تغيير الوضع القائم. في هذا الشأن أكد أوريالي انه إذا اعتبرنا أن هذا العمل نصر لتنظيم القاعدة فهو نصر فقط علي المدي القريب، ويمكن أن يتحول إلي هزيمة ساحقة له علي المدي البعيد ، في حالة إذا قام مشرف بعمل الصواب، واشترك بصورة جدية في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب. اغتيال بوتو يهدد الأمن والديمقراطية من جانبه اعتبر برنامج CBS Evening News الذي يذاع علي شبكة CBS أن موت بوتو يهدد الديمقراطية والأمن في باكستان، فقد اعتبرها وات اندرو في التقرير الذي أعده للبرنامج عن حادث اغتيالها - من أهم الشخصيات القيادية علي مستوي العالم ، فقد كانت شخصية إصلاحية تطرح رؤية إصلاحية للوضع في باكستان، وكانت تطرح إستراتيجية لمكافحة الإرهاب، فضلا عن أنها كانت اقرب إلي الولاياتالمتحدة. ومن المهم الإشارة إلي أن بوتو في وقت سابق كانت قد وعدت الشعب الباكستاني بأنها في حال وصولها للسلطة سوف تقضي علي تنظيم القاعدة وجميع الحركات الإرهابية والمتشددة في البلاد بطريقة لم يفعلها مشرف من قبل ولم يكن قادرا علي القيام بها أيضا. وعرض التقرير لوجهة نظر السفير الأمريكي الأسبق في باكستان ومدير معهد الشرق الأوسط ويندي تشامبرلين، الذي أكد أن حديث بوتو بشأن تعقب تنظيم القاعدة والقضاء عليه كان جدي للغاية، بحيث انه لن تجد أي مرشح قد تحدث عن هذا الأمر بمثل هذا الوضوح والجدية. ومن ناحية أخري أشار تشامبرلين إلي أن تنظيم القاعدة ليس المتهم الوحيد بالوقوف خلف اغتيال بوتو، فهناك جهات أخري قد تكون ضالعة في هذا الاغتيال، فقد وجهت بوتو سهام انتقاداتها إلي العديد من الجهات الرسمية العليا في البلاد مثل جهاز المخابرات والجيش، كما تحدت هي ومؤيدوها حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس الباكستاني، لذلك يؤكد مؤيدوها أن قائمة المتهمين بالضلوع في عملية اغتيالها غير محدودة. السلاح النووي الباكستاني في خطر أما مستشار شبكة CBS في أفغانستان Jere Van Dyk فقد أشار إلي حالة الفوضي وعدم الاستقرار التي أصابت الشارع الباكستاني بعد وفاة بوتو، ولفت الانتباه إلي أن هذه الحالة تمثل خطرا مزدوجا علي الولاياتالمتحدة. فهي من ناحية أولي يمكن أن تقوض أي فرصة للتحول الديمقراطي في أفغانستان، وتقضي علي أي فرصة لإعادة البلاد إلي الوضع الذي كانت عليه قبل استيلاء مشرف علي السلطة هناك في عام 1998 ، خصوصا في ظل عدم تحديد مصير الانتخابات البرلمانية التي من المقرر عقدها في الثامن من يناير الجاري. ومن الناحية الأخري فان باكستان تمتلك ترسانة لا يستهان بها من الأسلحة النووية تقدر ما بين 50 إلي 75 سلاحا نوويا، ما بين قنابل ورؤوس صواريخ، وهذه الحالة من الاضطرابات السياسية العنيفة ، تجعل هذه الترسانة ليست في مأمن، خصوصا مع عدم توفير الحماية الكافية واللازمة لمثل هذه الأسلحة الخطيرة، وبالتالي من الممكن أن تكون عرضة للوقوع في أيدي المتطرفين الذين تعج بهم الاراضي الباكستانية. ويختتم اندروز بالتأكيد علي أن باكستان كانت دائما خط دفاع أماميا في الحرب العالمية ضد الإرهاب، وساحة للصراع بين الديمقراطية العلمانية والاتجاهات الدينية المتشددة، ولكن أشهر رموز الديمقراطية العلمانية _ في إشارة إلي بناظير بوتو الآن قد مات.