في الذكري الخمسين لاحتراق هيروشيما سأله المذيع التليفزيوني قائلا هل أنت نادم علي إلقائك القنبلة علي هيروشيما بعد مرور نصف قرن، ثم ما انطباعتك قبل وبعد احتراق هيروشيما؟ رد بول وورفيلد الطيار الذي قاد مقاتلة أمريكية من طراز Boeing_29 وألقي قنبلة زنتها 9000 رطل علي مدينة هيروشيما اليابانية في السادس من أغسطس عام 1945 قائلا لو كلفت بالقيام بنفس المهمة التي كلفت بها منذ نصف قرن لقمت بها علي أكمل وجه غير نادم!! وفي مقابلة تليفزيونية أيضا علي قناة CBS في 11 مايو 1196 مع مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة حيث سألها المذيع لقد سمعنا أن نحو أكثر من نصف مليون طفل لقوا حتفهم جراء العقوبات ثم أضاف قائلا إن ذلك الرقم يتجاوز أولئك الذين لقوا حتفهم جراء هيروشيما فهل ثمن العقوبات يستحق كل هذه الخسائر وكانت إجابة اولبرايت إنني أعتقد أن هذا خيار صعب ولكننا نعتقد أن الثمن يستحق ثم يأتي بوش الابن معلنا في خطابه إلي الكونجرس في العشرين من سبتمبر 2001 إن الحرب المقبلة ستكون صراعا كونيا بين جانبين فإما أن تكون الأطراف الأخري معنا أو ضدنا!! المتأمل للخطوط المشتركة بين التصريحات الثلاثة لعله يخرج بنتيجة مهمة لا تقبل الجدل وهي أن السياسة الأمريكية مبررة في كل الأحوال حتي لو كانت مفتقدة للشرعية وأدني حقوق الإنسان ومن ثم فعندما يبرر المجرم أفعاله فلا مجال إذن للكلام عن ثقافة الاعتذار. تظل توابع انقطاع الخيط الرفيع بين السياسة والأخلاق تضرب العالم كالاعصار الموسمي منذ هيروشيما حتي بغداد وهي التوابع التي أوقعت السياسة العربية طريحة الفراش فلم تستطع مقاومة الساحر الأمريكي الذي دس في جيوبه المفاجآت للمنطقة فعندما فقدت الحرب علي العراق شرعيته الدولية من الناحية النظرية وطالما أن السياسة الأمريكية هي مبررة في كل الأحوال فقد خرج الرئيس بوش الثاني من خلوته في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض مدعيا أن الحرب علي العراق والقاعدة بأوامر من الرب وكأن الساحر القديس قد أراد أن يقول للعالم إنه بإرادته المنفردة والإمبراطورية قد شرع في استبدال الشرعية الدولية بالشرعية الدينية بعد تشييع جثمان الأمم المتحدة!! هي دولة مارقة بعد أن خرقت واشنطن المبادئ الإنسانية واتفاقيات جنيف لأخلاقيات الحرب في تعاملها مع هيروشيما وفيتنام وسكان أمريكا الأصليين وأمريكا اللاتينية وأفغانستان والعراق!! وقد تسمع الحكمة من أفواه المتقاعدين فقد أكد الجنرال الأمريكي المتقاعد جون أبي زيد أن القوات الأمريكية لن تتمكن من مغادرة منطقة الشرق الأوسط قبل نصف قرن علي الأقل مشيرا إلي أن التطرف والصراع العربي الإسرائيلي واعتماد العالم علي نفط الشرق كل هذه الأمور ستبقي الأمريكيين في منطقة الشرق الأوسط لفترة طويلة ومن المعروف أن أبي زيد هو القائد السابق للقيادة الوسطي بالجيش الأمريكي وعندما يصرح أحدهم بهذا الكلام الخطير الذي كشف عن الوجه الإمبريالي للإمبراطورية التي تسعي لنهب ثروات الشعوب فذلك له مخاطره التي لابد وحتما سوف تنسحب علي المنطقة بأكملها فمشوار السلطة والثروة لا تحده حدود!! مأساة السياسة العربية التي تعيش السيناريوهات الأمريكية أنها تتجرع السياسة بأسلوب يوم بيوم دون اجتهاد حقيقي لاستشراف آفاق مستقبلهم الغامض والضبابي فهل يستعد السادة الأعراب لدفع ضرائب أخري للتشتت العربي في صحراء التيه وصحراء الربع الخالي من الإرادة العربية بعد عودة الروح التترية والصليبية بقناع الصدمة والرعب هل سيظل السادة العرب يتجرعون حكاوي القهاوي وحكايات ألف ليلة وليلة العربية والغابرة في القرن الزمني والصليبي الأسود!! "أيها السادة الأغراب.. نسألكم الفاتحة"!