استكمالا لما طرحه الكاتب الصحفي محمد الشبه في مقاله بالصفحة الأخيرة يوم 22 يوليو 2007 بخصوص الثقافة العدوانية التي يتعامل بها مندوبو أجهزة الدولة، خاصة الشرطة، في التعامل مع المواطنين الذين يعتبرونهم مجرمين إلي أن تثبت براءتهم ومدي تلذذ بعض أفراد الشرطة في ممارسة التعذيب، أما كونها حالات فردية أو منهج منظم لإرهاب المواطنين، فذلك تختلف الرؤي فيه، ولكن سوف أحكي واقعة شاهدتها بعيني في قسم شرطة حدائق القبة منذ أكثر من خمس سنوات وموجزها أثناء دخولي قسم شرطة حدائق القبة وانتظاري لعمل محضر قام أمين شرطة مخضرم يحمل شومة غليظة بفتح باب حجز القسم لتأديب المسجونين ودخل معه عدد كبير من طلاب كلية الشرطة الذين يتدربون في القسم خلال فترة الصيف، وخرج هذا الأمين بعد نصف ساعة وجميع ملابسه ملطخة بدم المحبوسين، أي أن تعليم طلاب الشرطة ثقافة الانتهاك الإنساني لحقوق الإنسان منهج منظم يدرس عمليا بعيدا عن المقررات الدراسية، أما عن الفضيحة الأخيرة التي اكتشفتها نيابة المنتزه بالإسكندرية حول وقائع حبس واحتجاز 40 مواطنا دون وجه حق، وجود عدد ضخم من أدوات التعذيب والخمور والمخدرات وغيرها أمر يستحق وقفة حاسمة. وكما تساءل الكاتب محمد الشبه كيف يستمر هذا التعذيب داخل السجون والأقسام في زمن يقول النظام نفسه إنه يحمي حقوق الإنسان، بل وأنشأ لرعاية هذه الحقوق مجالس عليا، واتفق مع الكاتب محمد الشبه أن هذا الانتهاك اللاإنساني واللاأخلاقي المخالف لكل الأديان والأعراف والمواثيق الدولية، هي ثقافة متراكمة منذ عهود طويلة تنظر للمواطنين وحقوقهم علي أنها شيء تافه، وأن العصا الغليظة هي الحل لإحكام الدولة قبضتها علي البلاد، وثقافة بالروح بالدم نفديك يا ظالم نتاج السياسة الفاشية لإهدار أبسط حقوق المواطنين. إذا افترضنا أن سياسة القهر والتعذيب الجنسي في الأقسام والسجون سياسة فردية فكما يقول الكاتب محمد الشبه فقد أصبحت هذه السياسة يومية ومتكررة وتحولت إلي ظاهرة بشعة والعلاقة بين الناس وأقسام الشرطة وحتي بين المجرمين وسجانيهم في السجون تفوق الاحتمال وتخرج عن أبسط المعايير الإنسانية.. إذا كنا قد وضعنا ايدينا علي الدواء، فالدواء ليس صعبا والذي يبدأ من: 1 نشر ثقافة حقو ق الإنسان في المدارس والجامعات وربطها بالأديان السماوية، وقيم ومبادئ التسامح والعفو. 2 تدريس مقررات خاصة لطلبة كلية الشرطة في حقوق الإنسان وإعطائها الأولوية في النجاح والرسوب حتي قبل مواد القانوني. 3 الإعادة العملية والفعلية لمفهوم "الشرطة في خدمة الشعب". 4 اضطلاع النيابة العامة بدورها في التفتيش المفاجئ علي السجون والأقسام، والتأكيد من تطبيق القانون واللوائح. 5 تشد يد العقوبات الجنائية علي من ينتهك حقا من حقوق الإنسان سواء بالحجز دون وجه حق أو التعذيب أو تلفيق التهم. 6 السماح لمنظمات المجتمع المدني في مراقبة السجون والأقسام. 7 نقل تبعية السجون إلي وزارة العدل. 8 نقل تبعية مستشفيات السجون إلي وزارة الصحة. 9 بتر أي فرد أو عنصر يثبت تورطه في انتهاك حقوق الإنسان. 10 وأخيرا كما قال الكاتب الشبه الإصلاح يبدأ فورا بمنع دخول العصيان والخوازيق إلي أقسام الشرطة للحيلولة دون استعمالها بشكل فردي أو جماعي.