الكتابة عن فوضي الميكروباصات وسوء سلوك الكثيرين من سائقيها لم يعد أمراً جديداً، لكننا لا نملك إلا أن ندق ناقوس الخطر من وقت لآخر لعل وعسي أن تلفت هذه الصرخات نظر وانتباه السادة المسئولين عن هذه السلبية الكبيرة، والغريب في هذا الأمر أن لا أحد يستطيع ان يحدد الجهة المسئولة عن هذه الميكروباصات، لكن الناس اعتادت أن تلقي بالمسئولية علي جهاز الشرطة الذي يفضل مسئولوه تلقي الاتهامات دون تعليق ويترفعون عن توجيه الاتهامات لغيرهم خاصة المحليات التي تتحمل جزءاً كبيراً من تبعات هذه الفوضي.. والغريب ان ظاهرة التسيب والبلطجة التي يمارسها سائقو الميكروباصات تزداد كل يوم، رغم مئات المقالات والتحقيقات الصحفية والبرامج التليفزيونية التي ترصد هذه التصرفات السلبية، وأعتقد أن سبب تفاقم هذه الظاهرة يرجع إلي تزايد عدد الميكروباصات والتهديد المستمر من اصحابها بالاضراب والتوقف عن الخدمة بكل ما يحمل ذلك من آثار، وهو بالفعل ما حدث قبل سنوات، عندما حاول محافظ الجيزة الأسبق الدكتور عبدالرحيم شحاتة وضع بعض الضوابط لمواجهة بلطجة وانفلات اصحاب الميكروباصات بعد قيامهم باحتلال الكثير من الأماكن بطريقة عشوائية مما تسبب في أزمات مرورية إلا انه بعد ايام قليلة بسبب اضرابهم ونتيجة لضغط المواطنين اضطر لتخفيف جزء كبير من هذه الضوابط. قد يسأل سائل ما هو الحل.. وما هو البديل؟.. فنقول إن الحل يأتي في مرونة الدولة في تحصيل الضرائب والجمارك الباهظة علي قطاع النقل الخاص والتي ترفع من تكلفة الخدمة وتتسبب في تراجع المستثمرين من القطاع الخاص عن استيراد سيارات نقل جماعي يمكنها ان تحل هذه المشكلة وان تكون بديلاً يمنع السلوكيات الجانحة لسائقي الميكروباص، ولا أعرف كم ستخسر الدولة إذا أعلنت عن ا ستيراد ثلاثمائة ميكروباص أو سيارة نقل صغيرة دون تحصيل جمارك أو ضرائب عليها؟! لا شك ان دخول عدد كهذا للخدمة سيخفف الضغط والحاجة إلي الميكروباصات العشوائية ولعله يعيد سائقيها إلي رشدهم خاصة بعد أن تزايدت الشكوي من سلوكياتهم السيئة مع الركاب، ولعلنا نسمع كل يوم عن تجاوز هؤلاء في تعاملهم مع النساء أثناء عملهن اليومي، اضافة إلي تشغيل صبية غير مؤهلين لقيادة السيارات، فإذا ما وقعت الواقعة فإن هذا الصبي الذي لا يحمل عادة رخصة قيادة يترك السيارة في موقعها ويجري.. بل الأكثر من ذلك أن معظم سيارات الميكروباص غير صالحة للتشغيل بل غير مرخصة، وكثير منها لا يحمل لوحات معدنية.. ولعلك عزيزي القارئ تشاهد كل يوم الميكروباصات التي تقف وتحمل ركابها علي قارعة الطريق وفي أي مكان يحلو لسائقيها.. كل ذلك وغيره يحدث علي مقربة من أفراد الشرطة وأمنائها بل وضباطها أيضاً، وكأن هذا العبث ليس داخلا في اختصاصهم!! مما يجعلنا نعود ونتساءل وبإصرار: من المسئول عن فوضي الميكروباصات ومراقبة عبثها والتصدي لاصحابها وسائقيها؟.. إننا نلح في معرفة الجهة المنوط بها مواجهة هذا العبث وايقافه، وأكاد أجزم بأن أزمة المرور التي اشتدت خلال الشهور الأخيرة أحد اسبابها مواقف الميكروباص الموجودة عشوائياً في أماكن لا يجوز التوقف فيها، وكذلك توقفها في وسط الشوارع بما يعيق حركة السير.. وفي غياب رقابة صارمة وحازمة تحول أباطرة الميكروباص إلي مافيا، فإن الكثيرين يهمسون بأن هناك من يحمي هذه المافيا ويعضدها، وان مئات المقالات والتحقيقات الصحفية والبرامج التليفزيونية لم تحقق أي نتيجة ولم تلفت نظر المسئولين عن هذه الكارثة التي يتزايد أثرها كل يوم.. وإلي أن نتلقي اجابة تفيدنا بالجهة المسئولة عن عبث الميكروباصات أؤكد علي الاقتراح السالف ذكره والذي يقضي بتسهيل استيراد سيارات نقل خاصة، أو تقديم تسهيلات وحوافز لسيارات النقل الخاص من المنتج المحلي، وتشجيع المستثمرين علي خوض هذا المجال.