أقدم مرشح أقصي "اليمين" الفرنسي "جان ماري لوبن" علي خطوة مفاجئة يوم الجمعة الماضي بزيارته لمنطقة معادية لأجندته السياسية بإحدي ضواحي باريس المضطربة والتي تسكنها شرائح من السكان يغلب عليها طابع التعدد العرقي. وحملت الزيارة التي قام بها "لوبن" دلالات رمزية، حيث وقف زعيم حزب "الجبهة الوطنية" اليميني في المكان نفسه الذي سبق للمرشح الرئاسي "المحافظ" نيكولا ساركوزي، والمتقدم في استطلاعات الرأي علي باقي منافسيه، أن أطلق منه عبارة "الحثالة" علي المتورطين في أعمال الشغب التي عمَّت فرنسا، وذلك أثناء زيارة قام بها إلي الضاحية الباريسية عام 2005 عندما كان وزيراً للداخلية. وقد حرص "جان ماري لوبن" البالغ من العمر 78 عاماً علي التوقف لأربعين دقيقة في ساحة البلدة وإلقاء خطاب مقتضب أكد فيه للجمهور الذي تحلق حوله وللصحفيين الذين لحقوا به أن المهاجرين ليسوا أغراباً، بل هم جزء من الأمة الفرنسية قائلاً: "أنتم عروش الشجرة التي هي فرنسا، إنكم فرنسيون بالكامل". ومن ناحيته مازال "ساركوزي" يعاني من التبعات السياسية المترتبة علي الزيارة التي قام بها إلي المنطقة ذاتها في 2005 وتعامله الفظ مع سكانها الذين هددهم باستخدام خرطوم المياه شديد الضغط لتخليصهم من العصابات الإجرامية. ويحاول "لوبن" الذي يشارك للمرة الخامسة في الانتخابات الرئاسية التخلص من صورة العنصري المعادي للمهاجرين، والمناهض لأوروبا التي التصقت به طويلاً سعياً منه لاجتذاب الناخبين من المعسكر "اليميني" الذين يساندون "ساركوزي". ولتحقيق ذلك الغرض يحرص "لوبن" علي الظهور بمظهر الشخصية التصالحية، والمدافع عن جميع المواطنين الفرنسيين بصرف النظر عن أصولهم العرقية. وفي هذا السياق صرح "لوبن" أمام الجمهور: "إذا كان البعض يريد أن يقصيكم، فإننا نسعي إلي إخراجكم من الجيتوهات التي وضعكم فيها السياسيون الفرنسيون، ليقولوا عنكم لاحقاً إنكم مجرد حثالة". وأضاف "لوبن" في معرض زيارته: "إنني أريد أن أشكركم جميعاً للسماح لي بالتحدث إليكم من هذا المكان الذي لا يجرؤ وزير الداخلية السابق علي المجيء إليه". ورغم تعهد "ساركوزي" بالرجوع إلي المنطقة المضطربة، فإنه ألغي زيارة كان يعتزم القيام بها خلال السنة الحالية بعدما عثرت الشرطة علي قنابل من البنزين في إحدي الشقق القريبة. وفي يوم الخميس الماضي ألغي "ساركوزي" علي نحو مفاجئ زيارة إلي أحد الأحياء بمدينة "ليون"، حيث تجمع أكثر من مائة شخص للاحتجاج علي الزيارة. وقد عزا "ساركوزي" هذا الإلغاء إلي تأخر موعد وصول الطائرة التي كان يستقلها، لكن المتحدث باسمه أعلن لاحقاً أن السبب الحقيقي وراء إلغاء الزيارة هو تفادي "تسليط الضوء علي اليسار واليسار المتطرف". ويحتل "لوبن" المرتبة الرابعة في استطلاعات الرأي الفرنسية ضمن سباق يشارك فيه 12 مرشحاً يخوضون سباق الجولة الأولي من الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 22 أبريل الحالي. ويتطلع "لوبن" إلي إعادة الإنجاز الذي حققه في الانتخابات الرئاسية لعام 2002 عندما استطاع التقدم علي المرشح الاشتراكي في الجولة الأولي واحتلال المرتبة الثانية بعد أن حصد 17% من أصوات الناخبين التي أهَّلته للمرور إلي الجولة الثانية.