أعاد الحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري مؤخرا الأمل لما يقارب 25 ألف طفل مصري أبناء الزواج العرفي، والذين كانت ترفض مكاتب السجلات المدنية والوحدات الصحية قيدهم في السجلات الرسمية بأسماء آبائهم واستخراج شهادات ميلاد لهم بهذا الشكل، وكانت المحكمة قد أصدرت حكمها بإلزام وزارة الداخلية بقيد طفل أقام والداه المتزوجان عرفيا دعوى قضائية ضد وزارة الداخلية مطالبين بإلزام الجهات المسئولة بقيده واستخراج شهادة ميلاد له باسم الوالدين دون التمسك بشرط وجود عقد زواج رسمي وموثق، وقد جاء هذا الحكم ليفتح طاقة أمل أمام آلاف الأسر المصرية التي عاشت في حالة ارق دائم وأطفالهم الذين لا ذنب لهم الا انهم أبناء آباء متزوجين عرفيا، وكأن هذا في حد ذاته جريمة يمكن العقاب عليها، وحتي في حالة اعتبارها كذلك فإن الحكم كان دائما يصدر ضد الأبرياء وليس المتهمون، وكان يدفع ثمنها دائما ويجلد بعقوبتها الاطفال.ولو ان هذا الوضع كان مقبولا منذ عشرين عاما مثلا عندما كان الزواج العرفي لا يزال في حدود ضيقة فإنه لم يعد مقبولا الآن مع التوسع الكبير في هذا النوع من الزواج وانتشاره بين جميع طبقات المجتمع ابتداء من الجامعة وحتي المصالح الحكومية والشركات الخاصة وهو ما يعني ان عدد الاطفال الناتجين عن هذه الزيجات في زيادة مستمرة يبحثون عن حل جيد وحقيقي لهم ومن هنا تأتي اهمية الحكم الخطير والتاريخي للقضاء الاداري بإلزام وزارة الداخلية بقيد الاطفال الناتجين عن الزواج العرفي بأسماء ابائهم واستخراج شهادات ميلاد لهم، وهو ما كانت تمتنع الداخلية عنه قبل الحكم. اذا كان القضاء قد قام بدوره وانهي ازمة كان منوطا بالدولة انهاؤها كما يري وجيه حسن المحامي الذي حصل علي الحكم فهل يمكن ان نري وزارة الداخلية تقوم بتنفيذ هذا الحكم والعمل علي انهاء ازمة المواطنين الذين تتماثل حالاتهم مع الحالة التي صدر بشأنها ام سنري صورة اخري من صور التعسف وتعقيد الامور وتطالب كل من يريد قيد طفل ناتج عن زواج عرفي بالحصول علي حكم مماثل، مما يزيد معاناة الاف الاطفال واسرهم وزيادة ازدحام المحاكم بالقضايا وهو ما يعد تعطيلا للعدالة لاسيما وان مثل هذا الحكم يحتاج لعام كامل امام القضاء. ان كان اطفال الزواج العرفي الذين يقر آباؤهم بهم قد آن لهم اخيرا ان يحصلوا علي شهادة الميلاد الرسمية باسمائهم الحقيقية ويدخلوا ضمن منظومة الحياة الرسمية في البلد، فهل بات من الممكن ان نري قريبا مثل هذا الوضع مع ابناء الزواج العرفي الذين يرفض آباؤهم الاعتراف بهم من جانب او ابناء الاشكال الاخري والمتخلفة من الزواج غير الرسمي او العلاقات غير الرسمية من جانب آخر، لاسيما وان هؤلاء الاطفال يعيشوا دون نسب حقيقي ومحرومون من حقوق كثيرة، وهذا من باب حفظ حقوق هؤلاء الاطفال فقط وليس مقصودا منه بأي حال الابوان، وهذا الرأي هو ما طرحه نشطاء العمل الحقوقي من مؤسسات للمرأة والطفل والمعاقين، الذين اكدوا ايضا ان الحكم وان كان خطوة للامام إلا أنه ليس حلا نهائيا ليس فقط لجميع الاطفال الناتجين عن اي علاقة غير الزواج الرسمي وانما ايضا لاطفال الزواج العرفي، وقالوا ان كان هذا الحكم اعطاهم حق القيد واستخراج شهادات الميلاد الا أنهم لا يزالون محرومين من حقوق اخري من المترتبة علي الزواج الرسمي مثل الميراث، كما انهم سيظلون ايضا تحت رحمة التزام الاباء بمسئولياتهم خاصة ان الام ستظل وصيته وليست وليه اي ان الاب وحده هو صاحب الحق في ادخال الابن المدرسة وقيده علي جواز سفره وما شابه ذلك من الاجراءات. "نهضة مصر الاسبوعي" تفتح هذه القضية وتحاور فيها المحامي الذي حصل علي الحكم وترصد اماله وتخوفاته كما تستطلع اراء النشطاء الحقوقيين حول الموضوع.